معتصم الأقرع: مؤتمر المانحين البرليني وسلق الضفدع السوداني علي ماء فاتر

عندما بدأ السيد رئيس الوزراء عهده في اغسطس 2020 أعلن للمجتمع الدولي أنه يحتاج إلى عشرة مليار دولار من المساعدات الخارجية لإنقاذ الاقتصاد السوداني تستخدم منها 8 مليارات لتغطية فاتورة الواردات إضافة إلى ملياري دولار تضاف الِي ودائع الاحتياطيات الأجنبية لإيقاف نزيف الجنيه تجاه العملات الأجنبية.

+ في نوفمبر 2019 اعلن السيد وزير المالية إن السودان بحاجة إلى ما يصل إلى خمسة مليارات دولار لدعم الميزانية لتجنب الانهيار الاقتصادي وبدء الإصلاحات بعد الإطاحة بنظام عمر البشير. وكانت نقطة بيع الرسالة للمجتمع الدولي التهديد بانه اذا لم يعطونا المال ستنهار الدولة وسيسيطر الإرهابيون ويشنون هجماتهم البربرية عليكم وعلي مصالحكم في الإقليم وحول العالم. وكان الافتراض الضمني هو أن فزاعة الإرهابي الإسلامي يمكن استخدامها لتخويف الغرب بنفس نجاعة استخدامها علي في خطاب الاستهلاك المحلي.

+ انعقد مؤتمر أصدقاء السودان البرليني في يوم 25 يونيو 2020 واعلن في بيانه الختامي ان الدعم الاقتصادي الذي تم التعهد به بلغ 1.8 مليار دولار وهذا يعني انه في المتوسط يحصل كل فرد سوداني علي 41 دولار. هكذا يبدو ان حكومة الثورة قد بالغت حسن الظن بمجتمع الأصدقاء.

+ تأتي التعهدات المالية من أصدقاء السودان بلا اطار زمني محدد الشيء الذي يعني ان الأصدقاء يمكنهم ان يدفعوا بأقساط تروق لهم في توقيت مفتوح يروق لهم. وهذا الترتيب ليس مصادفة وانما مصمم للسيطرة علي القرار الاقتصادي باشتراط تواصل الدفع برضاء صندوق النقد الدولي علي درجة اخلاص الحكومة في تنفيذ وصفته. وهذا يعني ان الدعم المتعهد به ثمنه السياسي هو المضي قدما في تنفيذ وصفة الصندوق.

+ التعهد عبارة عن وعد غير ملزم. يحق للمانح ان يتراجع عنه أو ان يقلل منه كما شاء , إضافة لحقه في توقيت الدفعيات.
+ ايضا يحدد البيان اوجه صرف المعونات ولا يترك الحبل علي القارب للحكومة , وقد اختار المانحون حصر الصرف علي مواجهة اثار الكورونا, الحماية الاجتماعية ، والتنمية، والمساعدات الإنسانية كما ربط الصرف بملف السلام وهذا يعني ان المساعدات الاجتماعية والإنسانية وملف السلام ربما يكون لهم نصيب الأسد في هبة المانحين وان نصيب الموازنة منه سيكون ضئيلا جدا بدليل ان البيان لم يذكرها أصلا. وهذا رغم ان السيد وزير المالية كان قد طلب من المانحين في نوفمبر 2019 خمسة مليار دولار فقط لدعم الموازنة تحديدا . عليه فسوف تستمر ازمة عجز الموازنة تقريبا كما هي وسوف تتفاقم ويتصاعد معها التضخم الانفجاري.
+ لإيضاح ان التعهد عبارة عن وعد غير ملزم ويمكن التراجع عنه نعطي مثلا عما حدث في غزة في 2014 .في أعقاب العملية العسكرية الاسرائلية في يوليو 2014 التي الحقت دمارا معتبرا في غزة تم تنظيم مؤتمر مانحين من قبل مصر والنرويج والسلطة الفلسطينية ، وعقد في القاهرة في 12 أكتوبر 2014 لجمع المساعدات لإعادة بناء غزة .
+ بلغ إجمالي التعهدات المعلنة في المؤتمر 3.5 مليار دولار خصصت لدعم غزة ويتم صرفها خلال الفترة 2014-2017 . وهذا يعني ان نصيب الفرد في غزة من التعهدات كان 1944 دولار (مقارنة مع نصيب الفرد السوداني البالغ 41 دولار, رغم ان دمار الحروب الذي أصاب السودان لا يقل عما حدث في غزة التي حتى ذلك الحين قد تمتعت بمستوي معيشي افضل من كل أقاليم السودان).
+ بنهاية الفترة , اعتبارًا من 1 مارس 2018 ، تم صرف 1.884 مليار دولار من تعهدات إعادة اعمار غزة ما يجعل نسبة الصرف 54 في المائة. نادرا ما يفي كل المانحون بتعهداتهم.
+ بعد سقوط حكومة محمد مرسي انضمت مصر للحلف المعادي لقناة الجزيرة ونتيجة لتقارب تم قدمت السعودية والأمارات دعما للحكومة الجديدة بلغ 25 مليار دولار , أي بما يعادل 283 دولار للفرد المصري في ذلك الحين رغم ان حال الاقتصاد المصري افضل بكثير من حال الاقتصاد السوداني ورغم انها لم تدعم الدولتين المانحتين بالجنود أو المشاركة في مجهوداتهما العسكرية.
+ في نوفمبر 2016 ، توصل صندوق النقد الدولي الى اتفاق مع الحكومة المصرية تهدف الي مجموعة من الإصلاحات النقدية والمالية التي تسعى إلى خفض الإنفاق العام ، بما في ذلك إصلاح الخدمة المدنية وتقليل دور القطاع العام في توفير الخدمات الاجتماعية المدعومة. الهدف الثاني لهذه الإصلاحات هو زيادة إيرادات الدولة ، بما يشمل فرض ضريبة قيمة مضافة في حدود 14 في المائة وتحرير سعر الصرف وتشجيع الاستثمار الأجنبي.
+ في المقابل قدم الصندوق لمصر قرضا بـلغ 12 مليار دولار أو ما يعادل 127 دولار للفرد المصري وذلك لتخفيف الصدمة المترتبة علي دواءه المر الذي يفاقم من ارتفاع تكلفة المعيشة واستفحال الحرمان الاجتماعي وازدياد حدة الفقر.
+ في سبتمبر 2018 تلقت الأرجنتين قرضا من صندوق النقد الدولي بـلغ 57.1 مليار دولار – أي 1283 دولار للفرد الأرجنتيني. وفي المقابل التزمت الارجنتين بوصفته التي تألفت من تحرير سعر الصرف والالتزام عجز صفري في الموازنة يتم تحقيقه عن طريق تقليل الصرف الحكومي علي الخدمات والدعم والتوظيف إضافة الِي زيادة الضرائب.
+ التجارب الغزية والمصرية والأرجنتينية تشير الِي ضآلة الدعم الذي وعد به المانحون أهل السودان في مؤتمر برلين مقارنة مع الدعم الذي قدم الِي غزة ومصر والأرجنتين. أضف الِي ذلك ان التعهدات عبارة عن وعود غير ملزمة ولا جدول زمني لها وتأتي أيضا بشروط تتعلق بوجه الصرف واهم من ذلك يأتي الاستمرار فيها علي دفعات مشروطة بتجديد شهادات حسن السير والسلوك من صندوق النقد الدولي.
+ في بيانه الختامي هنأ مؤتمر برلين صندوق النقد الدولي والحكومة الانتقالية بـالتوصل إلى اتفاق على برنامج طموح يراقبه موظفو الصندوق.
+ التعهدات التي تمت في مؤتمر برلين عصفور في شجرة بائس ومشروط ولكنه يوفر للحكومة غطاء سياسي وإعلامي فعال يتيح لها التوغل في صندقة الاقتصاد السوداني.
+ استنادا الِي بيان الصندوق الصادر في مارس 2020, عقب مشاورات البند الرابع مع الحكومة السودانية , يمكن تلخيص اهم ملامح البرنامج الذي سيتم تطبيقه في السودان حسب الاتفاق. من المؤكد ان البرنامج سوف يحتوي علي كل ما سيتم ذكره ادناه لأنه لا خلاف عليه بين الطرفين ولكن الشيء الوحد غير المؤكد يتعلق بـإدارة التدرج وترتيب الجرعات , من الواضح ان الطرفين يفهمان اسطورة القعوي التي تقول أنه إذا تم وضع ضفدع فجأة في ماء مغلي ، فسوف يقفز ويجلبط ، ولكن إذا تم وضعه في ماء فاتر يغلي ببطء ، فلن يدرك الخطر وسيتم طهيه حتى الموت.
+ ادناه تفاصيل البرنامج الذي تنوي حكومة الثورة بتطبيقه تحت اشراف الصندوق:
– سوف يهدف برنامج الصندوق الِي خفض عجز الموازنة , بالتدرج, الِي حدود واحد في المائة من الناتج المحلي الإجمالي.
– سبق ان ذكرنا ان تعهدات المانحين سوف يذهب جلها لتمويل أنشطة لا علاقة لها بالموازنة. حسب إحصائيات الصندوق التي تتسق مع تضريباتنا السابقة عجز الموازنة في 2020 يقارب ال 15 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي والرقم الرسمي المذكور في وثيقة الموازنة عبارة عن خيال خصيب ونشيط. ولكن بعد الأخذ بالاعتبار تأثير جائحة الكورونا وزيادة المرتبات بنسبة 569 في المائة فان العجز لا شك قد تضاعف.
– سبق بان قدرنا ان زيادة الأجور في القطاع العام ترفع عجز الموازنة الِي حدود 23 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي وهذه نسبة فوق كارثية. اضف الِي ذلك ان الناتج المحلي الإجمالي من المتوقع ان ينكمش بنسبة 8 في المائة حسب تقديرات الصندوق وهذا يعني ان العجز قد يقارب 30 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي.
– وهذا يعني انه ليتم خفض العجز الِي حدود واحد في المائة من الناتج المحلي الإجمالي علي الحكومة زيادة العائد الضريبي وخفض الصرف علي جميع المناشط بما يوفر حوالي 450 مليار جنيه وفي الحالتين سيعاني المواطن الامرين, فسيرتفع العبء الضريبي علي كاهله وتقلص الخدمات التي تقدمها الدولة له. (لاحظ ان كل الأرقام الت استخدمها هذا المقال للتقدير مأخوذة من وثائق الحكومة والصندوق ولكنها تظل تقريبية غير ان هذا لا يغير من جوهر الحجة والتحليل)
– لاحظ الصندوق بكامل الدبلوماسية ان الإيرادات المقدرة في الموازنة كانت مبالغ فيها وغير واقعية, وهي نفس ملاحظة بعض الخبراء السودانيين من مختلف المدارس.
– كانت توقعات الموازنة متفائلة للغاية حتى قبل بداية جائحة الكورونا مما يعني تفاقم الفجوة الكبيرة في المالية العامة ويتطلب ذلك تدابير إضافية لضمان الضبط المالي من ضمنها زيادة الإيرادات عن طريق فرض ضرائب ورسوم وجمارك إضافية بما في ذلك زيادة سعر الدولار الجمركي الشيء الذي يعني عمليا زيادة الضرائب علي الواردات بجميع أنواعها.
– ولكن زيادات الضرائب والرسوم والجمارك وحدها لا تكفي لخفض العجز بالقدر المطلوب, ولن يكفي رفع الدعم عن جميع السلع لذلك لا بد من تخفيض الصرف الاجتماعي والتنموي والخدمي, فما هي المرافق والمناشط التي سيتم بترها لتوفير المال؟
– لاحظ ان هذا السيناريو القادم لا يترك شيئا من المال يعتد به للاستثمار في التنمية أو دعم الإنتاج أو إعادة اعمار ما دمرته الحرب أو إرضاء المحاربين من العواصم الفخيمة.
– سبق ان ذكرنا ان الشراكة بين الحكومة والصندوق سوف تتبني التدرج لتقليل مخاطر انفجار الشارع لذلك فان خفض عجز الموازنة سوف لن يأتي دفعة واحدة ولكن هذا التدرج ان لم يصاحبه زيادات كبيرة في الدعم الأجنبي بالتحديد لتمويل الموازنة , فسوف يتم تمويل ما تبقي من العجز عن طريق طباعة النقود ليدفع المواطن الثمن من شباك انتفاخ الأسعار.
– تشمل وصفة شراكة الصندوق والحكومة أيضا تعويم سعر الصرف , وهذا يعني تبني سعر السوق الأسود لجميع المعاملات وبذا يتم تسعير جميع اللوردات بسعر السوق الأسود . وهكذا ترتفع أسعار كل الواردات وترتفع معها أسعار السلع المنتجة محليا اما بغرض مجاراة ارتفاع أسعار مدخلات الانتاج المستوردة أو زيادة تكلفة العمالة أو بغرض حماية الدخل الحقيقي من التلاشي مع التضخم الناتج.
– لكن الاشكال هو أن سعر الصرف الرسمي رغم انه لا يطبق علي كل المعاملات الا انه يوفر مرساة أو أرضية تخفف من غلواء سعر الصرف في السوق الاسود. لذلك بعد تعويم سعر الصرف الرسمي ، سيقفز سعر السوق الأسود الموحد الِي سماء سابعة وستتولد زيادات غير مسبوقة في أسعار السلع الاستهلاكية وأسعار مدخلات الإنتاج المستوردة وستصرخون.
– الحديث عن شبكة دعم مباشر وشبه دخل أساسي شامل نكتة لا تسلي لعدة أسباب. السبب الأول هو ان الحكومة أعلنت عن نيتها لتقديم 500 جنيه شهريا, أو ثلاثة دولارات ونصف بسعر هذه الأيام, لحوالي 80 في المائة من الشعب السوداني. قدر الصندوق ان تنفيذ هذا الوعد يكلف الخزانة حوالي اثنين بليون دولار في السنة. من اين سوف تأتي الحكومة بهذه الموارد وهي الان عاجزة عن دفع المرتبات في ولاية الجزيرة وغيرها؟
أذا كانت الحكومة عاجزة عن دفع المرتبات خارج الخرطوم وعاجزة عن توفير الكهرباء والدواء المنقذ للحياة في الخرطوم كيف يمكنها ان توفر دخل يبلغ ستة ألف جنيه في السنة يغطي 35 مليون مواطنا سودانيا؟
بعد ان اجتمع 40 مانحا وتعهدوا بتوفير 1.8 مليار دولار في فضاء زمني مفتوح ولتمويل أنشطة تروق لهم خارج الموازنة , يبدو ان التعويل علي المانحين لتوفير اثنين مليار دولار سنويا لتمويل الدعم المباشر يفتقد الجدية.
– سبق ان ذكرنا ان أطروحة الدعم المباشر هدفها توفير غطاء سياسي لرفع الدعم السلعي وتعويم الجنيه ولم يرق زعمنا لكتائب الدجاج وجماعات خليني احيا علي امل ولو كان بالخداع. وقد أكد زعمنا تقرير صندوق النقد في مارس 2020. حين تساءل الصندوق ماذا لو لم يوفر المانحون المال للصرف علي الدعم المباشر كان رد السلطات السودانية أنه إذا لم يتحقق التمويل الخارجي المتوخى فهناك مجال لتقليل الإنفاق – بما في ذلك الانفاق علي الدخل الأساسي شبه الشامل بعد اطلاق حملة إعلامية تمهد وتبرر للتراجع عنه.
– عادة ما تحتوي روشتة الصندوق علي خصخصة الشركات العامة وهذا يعني ان الحكومة ستسعي الِي بيع الشركات المستردة من الاخوان أو الأجهزة الأمنية لرجال اعمال من داخل وخارج السودان . وهكذا الحكومة تسترد ممتلكات الشعب ثم تقوم ببيعها وكأننا يا بدر لا رحنا ولا جئنا.
– من اهم عناصر فقه الصندوق تشجيع الاستثمار الأجنبي بـتوفير اطار قانوني يحميه ويضعه خارج سلطة الدولة بدرجة ما وبمنحه حوافز ضريبية وجمركية وتصديرية وتمكينه من تحويل أرباحه الِي الخارج كما يشاء وبدون قيود تذكر.
– فتح الدول الافريقية الأبواب لراس المال الأجنبي تنفيذا لشروط الصندوق نتج عنه ان الاجانب يملكون ما يقارب 40 في المائة الِي نصف راس المال الصناعي في القارة ويترتب علي ذلك ان الدخل الذي يجنيه المستثمرون الأجانب ويحولونه الِي الخارج يبلغ ثلاثة أضعاف المساعدات التي تحصل عليها القارة. هل هذا هو طريق التنمية الذي يناسبنا ونتمنى ان نسير عليه؟
– أيضا من المعروف في أدبيات التنمية الجادة ان كل تجارب التنمية الناجحة في آسيا اعتمدت على رأس المال المحلي ، وليس على رأس المال الأجنبي ولا الهبات. وهكذا نمت الصين وكوريا واليابان وتايوان بالتركيز على رأس المال المحلي بما في ذلك الاستثمار في رأس المال البشري ، والتعليم والتكنولوجيا والتدريب واكتساب المهارات، وما إلى ذلك. وما زالت الصين تفرض قيودًا شديدة على رأس المال الأجنبي. ولك ان تقارن ذلك بأفريقيا التي تعتمد على رأس المال الأجنبي.
– عودة الِي تعهدات اصدقاءنا الاكارم يمكن القول بان عطيتهم المشروطة البالغة 41 دولار لكل فرد في مدي زمني غير معلوم لا تعدو ان تكون بندق فشنك لن يغير شيئا في بحر الاقتصاد ولكن علي المستوي السياسي فهذه التعهدات شديدة الأهمية لأنها توفر للحكومة راس مال سياسي اجنبي يتيح لها تطبيق فقه صندوق النقد الذي عجزت دكتاتورية نميري ودكتاتورية الإنقاذ عن تنفيذه رغم محاولاتهما المستميتة حتى سقوطهما. لذلك فانه من المرجح ان ما تبقي من عام 2020 سوف يكون شديد الغليان لان موجات تصاعد تكاليف المعيشة القادمة ستكون غير مسبوقة ولكن بما ن لكل فعل رد فعل فكذلك سوف يفور الشارع السياسي وربما تتولد ازمة ثورية جديدة.
– علي مستوي عميق في الاقتصاد السياسي , تظل ازمة بورجوازياتنا الوجودية منذ الاستقلال كما هي غض النظر عن تنويعاتها بين المدني والعسكري. فهي قد ولدت محشورة بين مطرقة المركز المهيمن في الخارج وسندان شعوبها في الداخل , وعادة يستحيل التوفيق بين اغواء اله الخارج و إرضاء الشارع السياسي في الداخل لان الرؤي والمصالح تتباين جذريا. ولكن كان حظ البرجوازيات العسكرية اوفر لأنها تستطيع ان تنبطح للخارج بدرجة ما ثم تحتوي الغضب الداخلي الناتج بقوة السلاح وكتم الانفاس والحريات ولكن خيار العنف اقل توفرا للحكومات الديمقراطية وشبه الديمقراطية وهذا هو السر ان الشق العسكري من البرجوازية اعتلي سدة الحكم في 52 عاما من الاستقلال مقابل 12 عاما للمدنيين.
– حتى الان الشراكة الحاكمة يحميها ان الجيش والمليشيات لا تملك رصيدا سياسيا كافيا لتحكم وحدها, وحوجتها لراس مال سياسي مدني هو السبب الأهم لعدم الانقلاب علي الشراكة المريحة حتى الان.ولكن هذه التوازنات غير مستقرة ومن المحال دوام الحال ثم ان الملعب السوداني قد تغير كثيرا فلم يعد الخيار محصورا بين حكم مدني واخر عسكري, فقد ظهرت المليشيات كلاعب ثالث , اضف الِي ذلك ان انهيار جهاز الدولة يضيف خطرا آخرا لثنائية مدني/عسكري.

د. معتصم الأقرع

Exit mobile version