استقالة الكنداكة منى قرشي وزمن حاتم قطان، نحن الخاسر الأكبر

انتشر في الاسافير العديد من الصور والمقالات عن رئيسية وزراء نيوزيلندا الثلاثينية التي رزقت مولودا خلال الفترة الماضية وهي على رأس الهرم بالبلاد ، وكيف ان ذلك المولود اليافع لم يمنعها من مباشرة اعمالها وتحقيق انجازات خرافية خلال فترة وجيزة وكيف حمت بلادها من فيروس كورونا ، وكذلك صورة لمجموعة من الشابات الفنلنديات في الثلاثين من العمر وهم رئيسة الوزراء وبعض الوزيرات ، وكيف قام هذا الفريق الشاب من الجنس اللطيف بتحقيق ما عجزت عنه الشوارب، والله ما علينا الا أن نرفع القبعات لأمنا حواء في شتى انحاء العالم وهي تسير بخطى ثابتة من أجل انقاذ العالم الذي اغرقه الرجال بالفساد والتقاعس والمجاملات اكثر من اللازم. ونحن في السودان فشل الرجال في ادارة البلاد طوال 65 عاما من عمر الاستقلال حتى اوصلونا إلى درك سحيق يحتاج لمعجزة للخروج منه, وعندما اشتعلت ثورة ديسمبر المجيدة كان في مقدمة الصفوف كنداكات بلادي وهن اللائي شجعن الشباب على الثبات واكمال الثورة . وقد شاهدناهن في الصفوف الامامية وهن يستقبلن الرصاص الغادر بصدور عارية.

وكنا نتوقع أن تكافأ حواء بالحصول على الكثير من المواقع والمناصب الوزارية لكن حمدوك طلع ذكوري بحت ولم يتح الفرصة لهن حتى يكملن مشوارهن في انجاح الثورة ، وقد تسلمت بعضهن مناصب الا انهن ابدينا بسالة ونجاح منقطع النظير ، وقد استمعت بعض التسجيلات للمناضلة الكنداكة منى قرشي مدير مكتب وزير التجارة والصناعة ، فكانت رائعة وتفهم وتعي ما تقول ، الا أن المجتمع الذكوري تكالب عليها حتى انسحبت و تقدمت مديرة مكتب وزير التجارة والصناعة منى قرشي، باستقالتها عقب خلافات بينها والوزير من جهة، والعاملين بالوزارة من جهة أُخرى. وأكد مصدر مطلع أن منى قرشي دفعت باستقالتها منذ أكثر من أسبوع لكن تم قبولها الثلاثاء. وظهرت قرشي إبان الأيام الأولى لاشتداد أزمة الخبز بجانب الوزير، وتربطها علاقات واسعة مع لجان المقاومة، الأمر الذي ساعدها في استقطابهم للوقوف إلى جانب وزير التجارة لإيجاد حلول لأزمة الخبز.وأشار المصدر إلى أن السبب الرئيسي للاستقالة بسبب سحب الوزير مدني لصلاحيات مديرة مكتبه، بجانب رفضها لطريقته في اختيار شخصيات في تأسيس شركة تتبع للوزارة تتولّى توزيع السلع.

وهذه الكنداكة بلاشك صاحبة رؤية ويجب ان تحترم ولكن اجبارها على الاستقالة هذا الأمر يأتي خصما على الوزير و من معه بأن تخسر الوزارة مثل هذه الوجوه الشابة التي اسهمت في انجاح الثورة المجيدة . وكان بالأحرى ان تزين جميع الوزارات بوجوه شابة من الثوار حتى يضخوا دماء جديدة لاحيائها بعد الموت السريري الذي شهدته خلال السنوات العجاف.

وحتى حمدوك عندما اتي بالمستشارين لم يأتي بمن هم شاب حتى يضخ دماء جديدة الا أنه اتي بمن في سنه امثال الشيخ خضر وحاتم قطان والخ.. الذين لا اظن لديهم الجديد الذي يمكن ان يفيد الثورة أو يفيد البلد. وتذكرني هذه الحكاية التي حدثت عندما تولى الخليفة عمر بن عبدالعزيز رضي الله عنه ، عندما جاءه قوم على راسهم صبيا في التاسعة من العمر لما سأله لماذا قومك لم يجدوا من هو اكبر منك سنا ، فرد عليه الصبي بأن المسلمين لم يجدوا منهم اكبر منك سنا حتى يتولى الخلافة. وفي تلك اللحظة سكت الخليفة. وحتى عمرو بن عبد ود صنديد العرب وكان يهزم جيشا بحاله عندما دعا المسلمين لمنازلته جاءه سيدنا علي “كرم الله وجهه” وكان شابا يافعا فاستخف به قائلا : عندك يا ابن أخي من أعمامك من هو أسن منك فانصرف فإني أكره أن أهريق دمك ، فقال علي : لكني والله ما أكره أن أهريق دمك ، فغضب ، فنزل فسل سيفه كأنه شعلة نار ، ثم أقبل نحو علي مغضبا واستقبله علي بدرقته فضربه عمرو في الدرقة فقدها ، وأثبت فيها السيف وأصاب رأسه فشجه ،ودار النزال حامي الوطيس بين الرجلين ، وضربه علي رضي الله عنه على حبل العاتق ، فسقط وثار العجاج ، فسمع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم التكبير ، فعرف أن عليا قتله.

فالعمر او الشهادات في الكثير من الاحيان لم تكن لها مميزات ، لأن الكثير من الافكار تأتي مرات من عامة الناس ، والابداع والخيال هبة من الله سبحانه وتعالى ، وهذه الكنداكة لا أظن انها خسرت انما خسرت وزارة التجار ووزيرها ، وخسر السودان هذه العقلية التي كان من الممكن ان تقدم الكثير.

كنان محمد الحسين

الراكوبة

Exit mobile version