لامخرج غير الإعدام

كشفت سلطات الجمارك أمس عن احباط عمليات تهريب وقود الى احدى دول الجوار، واكدت الجمارك عن ضبطها (4) سيارات (بوكس ) تحمل كميات من البنزين المدعوم مهربة إلى احدى دول الجوار، واشارت الجمارك الى انه تم القبض على عدد من المتهمين و تم فتح بلاغات في مواجهتهم توطئةً لتقديمهم للمحاكمة…قبل يومين كانت الأخبار الواردة من القضارف تحدثنا عن ضبط (7) شاحنات تهرب الوقود المدعوم إلى خارج البلاد… وقبلها (8) شاحنات في طريقها إلى الجنوب، ومثل ذلك يحدث مع الدقيق المدعوم، وتهريب الذهب وإناث الإبل، والصمغ وغيرها وبصورة يومية، والذي يغالطنا فليسأل «قوقل» فعندها الخبر اليقين وبالتفصيل والتواريخ لسنوات عديدة…
وهكذا يمكن أن نُنشط ذاكرة القارئ الكريم بسيول عارمة من الأخبار التي تُذكرنا بخيبتنا وهوان حكوماتنا المتعاقبة على مافيا التهريب التي يُضبط أفرادها متلبسين متورطين في جرائم تدمير الاقتصاد الوطني، والفساد في الأرض ثم تراهم بعد حين في غيهم سادرين وقد خرجوا منها مثل الشعرة من العجين، أو نالتهم أحكام خفيفة وبلطف ليعودوا مرةً أخرى أكثر جرأة وقوة عين ومنعة وقدرة على المزيد من التهريب والإجرام، ذلك لأن كثير من القوانين تُحفز على هذا النشاط الإجرامي لتساهلها وكثرة الثغرات التي تتخللها والتي يستغلها محامو المجرمين…
مايحدث مع مافيا التهريب من تساهل و»لطف» هو مثل مايحدث معك تماماً عندما تُلقي القبض على «لص» يتسور بيتك في الساعات الأولى من الفجر،فإن ضربته أو حتى لو صفعته على خده مجرد صفعة خفيفة ستتحول أنت المعتدي وهو الضحية…
حكى لي جاري أنه في تمام الثالثة صباحاً قبض على أحد زوار الليل، وأغلق عليه باب الحمام حتى الصباح وبعدها أخذه إلى قسم الشرطة فاُطلق سراحه ولم يُدوَّن في مواجهته أي بلاغ لأنه لم يُقبض متلبساً، والقانون السوداني يتساهل جداً ويتعاطف مع أي لص حتى لو وجدته داخل غرفة نومك يعبث بدولاب ملابسك ولايُعتبر سارقاً إلا إذا قدمتَ المعروضات للشرطة والمحكمة، وليس هذا وحسب بل ستصبح أنت مداناً إذا قرصته على شحمة أذنه، وقد شاهدنا صنوفاً من البشر أدانتهم المحاكم لأنهم ضربوا حرامي دخل عليهم في جوف الليل وهم نيام، ومنهم من دفع تعويضاً للحرامي ، ومنهم من دفع الدية المغلظة..
ما أود قوله بعد كل هذا الاستعراض أن العلة في القوانين المتساهلة مع المهربين واللصوص والحرامية والنشالين، ولهذا لن يتوقف التهريب وكل الأنشطة الإجرامية التدميرية طالما كانت القوانين متساهلة والعقوبات لطيفة ، فلتجرب الدولة أن تسن قوانين صارمة تبيح إعدام المهربين ولصوص المال العام وتجار الدولار والمضاربين والمحتكرين في الميادين العامة، أو على الأقل إجازة قوانين رادعة أقلها السجن «30» عاماً إذا لم يكن السجن المؤبد.…اللهم هذا قسمي فيما أملك..
نبضة أخيرة:
ضع نفسك دائماً في الموضع الذي تحب أن يراك فيه الله، وثق انه يراك في كل حين.

أحمد يوسف التاي
الانتباهة

Exit mobile version