هنالك مخاشنات ومساجلات لا داعي لها مثل تصريحات المعارضة أن المؤتمر الوطني “مجبور” على المصالحة، ومثل تصريحات المؤتمر الوطني: “الحمد لله انقشعت مؤقتا وانخفضت حدة التضارب بعد التغيير الأخير” … أن المعارضة حاولت إسقاط النظام وفشلت ونتحداها أن تجرب لحس الكوع مرة أخرى ….
نعم صحيح الأحزاب كلها تتجه نحو مصالحة تاريخية ولكن داخل كل حزب هنالك “جيوب” رافضة ومشككة … هنالك شخصيات بعينها نعرفها ونناقشها تتحدث عن هبة شعبية متوقعة بسبب سوء إدارة الحكومة للأزمة الاقتصادية وأن الهبة الأولى “دقت في العارضة” ولكن الثانية أو الثالثة ستحرز الهدف وعندها سيحاسب الشعب السوداني الأحزاب المشاركة ذات الحساب الذي يحاسبه للحزب الحاكم.
وبالمقابل هنالك جيوب إقصائية داخل الوطني … وجيوب نفعية أيضاً ..!
الاتحادي الديمقراطي الأصل … اتضح أنه الأصل في كل شيء … فهو الأصل في النظام يتربع على عرش التجارة الخارجية ومجلس الوزراء وبعض من الرئاسة … وهو الأصل عبر مجموعاته الشبابية في تشكيلات المعارضة كلها وهو الأصل في ميثاق كمبالا والجبهة الثورية وهو الأصل في المساجد والصوفية والتاريخ السوداني …. ما شاء الله تبارك الله … حتى الأسماء الأقوى في السوق هي اتحادية أو مؤتمر وطني من أصل اتحادي … لذلك هو الحزب الأصل في التاريخ والحاضر ..!
الأمر لا يتوقف عند “الكوميديا السياسية” التي يديرها الحزب الاتحادي ولكن كل الأحزاب بما في ذلك المؤتمر الوطني تمارس أنواعاً من الكوميديا …. والمؤتمر الوطني عندما شكل لجنة لمحاسبة الضابط ود إبراهيم كان الأمر مضحكاً … هل دخل العميد فجأة الحزب السياسي ومن المعلوم أن الجيش لا ينتمي لحزب بعينه أم أن أي ضابط حركة إسلامية فهو عضو في المؤتمر الوطني ..!
والكوميديا ذاتها يديرها ود إبراهيم على منصة المحاسبة … قائلاً تحاسبونا على ورقة منشورة عن إصلاحات عامة ونحن طالعين من محاكمة عسكرية حول ما هو أهم من هذه الورقة ..!
والمحاسبة يرأسها أحمد إبراهيم الطاهر ويؤيدها علي عثمان ونافع … وبعد أيام يخرج الثلاثة من القيادة …. ويبقى غازي رئيساً لحزب ويبدأ المؤتمر الوطني الحوار معه ..!
والكوميديا تبلغ قمتها لو شكل حزب المؤتمر الوطني لجنة للتفاوض مع حركة الإصلاح الآن برئاسة علي عثمان وعضوية نافع والطاهر ..!
والكوميديا الشيوعية “كوميديا سوداء” … ساهمت في إنشاء الحركة الشعبية وأسست قطاع الشمال وأدارت حرب ربع القرن … وبشرت السودانيين بحلم السودان الجديد … ثم يرى العالم كله الحلم عندما صار حقيقة على أرض الجنوب ثم يبدأ الحديث عن الشمال القديم وقوات الشمال القديم وضرورة تدخلها لإنقاذ الحلم الجديد وقوات يوغندا تتمركز في الاستوائية وربما تدخل القوات الإثيوبية فيما تبقى من الأراضي التي حلمت بالاستقرار على وسادة شيوعية …!
والحزب الشيوعي السوداني يقاطع الحوار مع حكومة الخرطوم والمؤتمر الوطني … ويتحدث عبر عضويته في قطاع الشمال عن “السودان الجديد” …!
في سياق هذه الكوميديا السياسية أطلب من الأحزاب مقترحاً واحداً … أن تكف من الادعاءات والمخاشنات … يكفينا الكوميديا التي تديرها … نرغب في الاستمتاع بالكوميديا دون مخاشنات … ممكن؟!
[/JUSTIFY][/SIZE]
نهاركم سعيد – مكي المغربي
صحيفة السوداني
