محمد عبد القادر
لن تحتاج حكومة قوى الحرية والتغيير لمطاردة الإسلاميين في إفطاراتهم السنوية بالساحة الخضراء إن أفلحت في صون مصالح المواطنين وارتقت إلى أهداف وشعارات ثورة ديسمبر وانصرفت لمعالجة الأزمات وتوفير احتياجات الناس.
باختصار شديد؛ مازال منهج العمل الخاطئ لحكومة الثورة يوفر حيثيات قوية لتقوية مناعة الإسلاميين وشحذ هممهم وتعبئة أشرعتهم بالهواء الذي يجعلهم يرددون من جديد .. وسفينة الإنقاذ التي لا تبالي بالرياح.
ما ينبغي أن يعلمه الحكام الجدد أن أداء حكومة الثورة وما يلازمه من إخفاقات يومية يقدم خدمة جليلة للإسلاميين حتى وإن لم تجمعهم الإفطارات السنوية.
قلناها لقيادات المؤتمر الوطني في آخر أيام الإنقاذ : لا تلام المعارضة على استغلالها لقصور الحكومة وأزماتها الطاحنة، ولاباس من تكرار ذات القول ل(سلطات قحت) التي تمنح الإسلاميين في كل يوم هدايا (بابا نويل) المجانية ، توفر لهم وللآخرين وقود المعارضة والثورة بكرم حاتمي، ثم تغضب بعد ذلك اذا تحرك الإسلاميون ولو عبر إفطار سنوي أو لمة ل(ختمة قرآن).
ثم أين شعارات (حرية _ سلام وعدالة) والسلطات تداهم إفطارات مفتوحة لمواطنين سودانيين في ساحة عامة، رايي أن الحكومة ينبغي أن تحمي النشاط السياسي المفتوح لأن التضييق على الآخر في حراكه العلني سيدفع به للعمل من تحت الأرض ، ثم اين مصداقية الثورة في تطبيق شعاراتها المعلنة ووعدها بأن تكون بلادنا جنة الحريات .
التضييق الذي مورس على الإسلاميين وسع من تيار المعارضة وجمع كافة أنصار اليمين على صعيد مناهضة قحت وهو جمع لو تعلمون عظيم، استهداف الإسلام على نحو ما نرى بتغيير القوانين والمناهج وإبرام صفقات التطبيع وغيرها من الخطوات المستفزة سهلت توحد التيار الإسلامي في مواجهة حكومة الثورة.
مطاردة الإسلاميين في إفطاراتهم السنوية وأماكن أنشطتهم الاجتماعية سلوك سيحدث أزمات جديدة، ولن يمر مرور الكرام مع اتساع دائرة الغبن وتنامي حالة الاحتقان التي أعقبت زوال ملكهم وإيداع قياداتهم السجون بلا محاكمات.
تخطئ قوى الحرية والتغيير بممارستها الكبت والتضييق على الإسلاميين من أهل القبلة والتيار او (الكيزان) الذين كانوا ينضوون تحت لافتة المؤتمر الوطني ، فلكل فعل رد فعل، والسودان لم يجن من الإقصاء سوى الخيبات والأزمات والدمار.
استخدام لجنة إزالة التمكين في تصفية الحسابات مع الإسلاميين تحت شعار ( الحل في البل) سلوك سيضاعف حالة الاحتقان ويغذي التطرف ويشيع ثقافة العنف ، بيد الحكومة الآن فعل الكثير لقطع الطريق أمام (عودة الكيزان) لكنها لا تريد أن تفعل..
نتمنى أن تتعامل الحكومة الحالية بوعي يجنب الوطن المزالق والنكبات أن تنصرف لعلاج مشكلاتها الحقيقية إن كانت جادة في إيقاف المد الكيزاني وقطع علاقته بالشارع، معالجة الأزمات أسهل من مطاردة الإسلاميين واعتقال النساء والتضييق على الحريات العامة، فالشارع لا يطمح في أكثر من لقمة كريمة وصحة وتعليم ومياه ووقود وكهرباء.
محمد عبد القادر
صحيفة اليوم التالي
