اين الإسلاميون؟!

محمد عبد القادر

عاتبني عدد من القراء والأصدقاء الإسلاميين على ما ورد بشأنهم في مقالي الأخير حول تظاهرات الثلاثين من يونيو ، لم يعجبهم قولي إن دعوتهم للخروج خصمت كثيراً من قوة وفاعلية المواكب، ومنحت حكومة حمدوك فرصة جديدة .
استندت حكومة حمدوك على إفشال التظاهرة بالترويج لكونها (مسيرة فلول)، استغربت جداً وبيان الحركة الإسلامية يعضد ما اعتمدت عليه السلطة في نسف التظاهرات ويدعو الإسلاميين للخروج ).
الإشارة إلى أن المسيرة من تدبير أنصار النظام البائد كانت سبباً كافياً لنسفها، كل تكتيكات (لجنة إزالة التمكين) لإفشال التظاهرات استندت على أن المواكب من صنع الفلول، جاء توجيه الحركة الإسلامية مدللا على هذا الزعم ومؤمناً على ماروجت له الحكومة بالفعل فأفشل كل شيء.
غامرت الحركة الإسلامية مرة أخرى بهذه الدعوة ، لأن النتائج على الأرض جاءت بغير ما تشتهي سفن الإسلاميين، الأسئلة التي تقفز للأذهان مباشرة، هل عصى منسوبو النظام السابق الأمر ولم يخرجوا لإسقاط الحكومة، أم أنهم لم يعودوا تياراً بإمكانه خلخلة أركان السلطة القائمة بعد أن ذهب الصولجان وانفض أصحاب المصالح ؟، أم تراهم صاروا قلة لايمثلون التيار الذي تهابه النظام الحاكم وتضع له ألف حساب؟! .
الاسئلة أعلاه تؤكد أن إقدام الحركة الإسلامية على الدعوة للتظاهرات كانت مغامرة غير محسوبة خصمت كثيراً من رصيد الإسلاميين الموزعين بين الاحباطات وصدمة فقدان الحكم وبين المرارات والشلليات التي أنتجت شرخاً بائناً في تماسك الجماعة وانتهت بسيرة ومسيرة ثلاثين عاماً من الحكم، لم يؤمن فيها الإسلاميون أنفسهم من الانتكاسات والأزمات وعاديات الزمن، ولم يتحسبوا لخطاب يعينهم في لحظة فقدان السلطة .
الحقيقة التي ينبغي أن يعلمها الإسلاميون أن عليهم بذل جهد مضاعف لترميم علاقتهم مع الشارع السوداني الذي يحن لعهدهم لكنه يتجنب في ذات الوقت عودتهم للحكم.
الإسلاميون مطالبون بجرد حساب التجربة الفائتة، وتصميم خطاب جديد يقربهم إلى السودانيين ويفتح بينهم والشارع الذي قال كلمته في حكم الإنقاذ منذ عامين بعد أن صبر كثيراً على تجربة ستظل مثار جدل طويل.
الحقيقة التي لا ينكرها مكابر أن الإسلاميين يمثلون تياراً عريضاً في الشارع السوداني، لكنهم كثرة بلاخطاب الآن يسددون بمختلف مواقفهم فاتورة واحدة سحبتها تجربة الإنقاذ من رصيد الثقة والمصداقية ، ضاعت الفكرة والمثال بين تخبطات التجربة وأخطاء الممارسة ولم تبق إلا أطلال الحكم وذكرياته التي تكتنز بأخطاء فادحة تستلزم التصحيح.
حينما كتبنا أن دعوة الإسلاميين للخروج في التظاهرات خصمت من قوتها لم نكن نتحامل على الإسلاميين ، هم المتضرر الأول من الفشل على حسب تقديري، فالشارع يتساءل الآن : أين الإسلاميون، هل تضعضع التيار وانتهى إلى الأسى والإحباط واجترار الذكريات، أم تراهم رضوا من الغنيمة بالإياب وتوزعوا بين المنافي يستأثرون بما حصدوه من زخرف الحياة ونعيمها الزائل في العواصم الأجنبية ، لماذا باتوا يكتفون بالتصفيق للثوريين والمناضلين والكتابات التي تسلق الحكومة بأقلام سنان، هل خرج الإسلاميون في الثلاثين من يونيو مثلما وجهتهم القيادة، وهل هذا كل ما يملكون من رصيد في الشارع، وإلى أن تأتي لحظة تجيب فيها الأقدار على كل الأسئلة سيظل الاستفسار القائم بعد مواكب الثلاثين من يونيو.. أين الإسلاميون ؟!.

محمد عبد القادر
صحيفة اليوم التالي

Exit mobile version