المحاولة الانقلابية بين الحقيقة و الفبركة

أصبحت دول العالم الثالث وخاصة الأفريقية والعربية منها حاضنة للانقلابات العسكرية وسيادة الاستبداد السياسي والثقافي نسبة لفشل المثقف الوطني في وضع خطة استراتيجية لبناء وطنه وتقديم القدوة الصالحة في إدارة شؤون البلاد والعباد . في فجر الثلاثاء 21/9/2021 أصبحنا على تغريدة الناطق الرسمي لمجلس السيادة الاستاذ محمد الفكي سليمان يعلن فيها عن محاولة انقلابية فاشلة ويطالب الجماهير بالنزول إلى الشارع وحماية الثورة والفترة الإنتقالية…
التخطيط لأي محاولة انقلابية ليس بالأمر السهل الذي يتبادر لذهن كثير من الناس ، وإنما هو عمل شاق ومضنٍ لا يفكر فيه إلا لمن لديه اللياقة الفكرية والبدنية ولديه ثقة في نفسه لا تحدها حدود ومؤمن بفكرته وملتزم بها وهو لا يختلف كثيرا عن التخطيط والتحضير لأي معركة حربية من حيث وضع الخطة وتقدير الموقف العسكري لمجريات الأحداث السياسية والاقتصادية والعسكرية على المستوى المحلي والاقليمي والدولي ومن خلال تجربتي بالمشاركة في أكثر من محاولة انقلابية في العهد السابق وعليه وحتى نكون في موقف التحليل الموضوعي لما جرى في المحاولة الانقلابية الفاشلة سوف نتناول متطلبات تنفيذ اي محاولة انقلابية بغض النظر من نجاحها أو فشلها ودون الخوض في الأبعاد السياسيةوالامنية للمحاولة :
أولا. تحليل الوضع الداخلي المحلي والاقليمي والدولي وتقبله لفكرة الانقلاب وخاصة وضع السودان اليوم.
ثانيًا : الحاضنة السياسية والاجتماعية الداعمة للمحاولة الانقلابية (المدنيون وراء كل محاولة انقلابية).
ثالثا : اختيار الاطر البشرية القوية والصلبة ذات المراس الصعب والذين لديهم الخبرة والثبات في المواقف الحرجة وهذا المحور من أخطر المحاور واصعبها على الإطلاق وكفايتها لتنفيذ المهمة على مستوى الضباط وضباط الصف والجنود .
رابعا: مشاركة
الوحدات الإستراتيجية ( المدرعات، المظلات، الاستخبارات العسكرية،الشرطة العسكرية، سلاح المهندسين، القوات الجوية، المدفعية، الحرس الجمهوري …الخ ) مع إغلاق كامل لكل المعابر والمداخل للعاصمة القومية.
خامسا:
تجنيد ضباط من المخابرات العسكرية وجهاز الامن والمخابرات الوطني لحجب المعلومات عن قيادة الاستخبارات العسكرية وقيادة الجهاز و للسيطرة على هيئة الإتصالات القومية للعمل على تعطيل مفعول الإتصالات المحلية لحظة التنفيذ.
سادسا:
إختيار شبكة اتصالات بديلة لإدارة المعركة لحين السيطرة على الأوضاع.
سابعاً:
السيطرة على مبني الهيئة القومية للاذاعة والتلفزيون وتحديد المذيع وفني التشغيل بدقة وقبل وقت كافٍ.
ثامناً: قفل المطارات والأجواء والحدود وهذه تتم (بعد الاستيلاء على السلطة).
تاسعاً:
وضع خطة محكمة لاعتقال القيادة السياسية والعسكرية ذات التأثير المباشر على الأحداث.
عاشرا : لا تحسب انك بعيد عن الاستخبارات العالمية وسوف يتصلوا عليك في الوقت الحرج فكن حصيفاً في الرد عليهم بالموافقةعلى طلباتهم ، غالباً ( الامريكان والمصريين) وإلاّ….
احد عشر : خطة طوارئ لمعالجة القضايا الملحة والمؤثرة التي تؤثر على حياة المواطن.
ثاني عشر:
وضع خطة بديلة في حالة فشل هذه الخطة وكيفية حماية القوة المشتركة في الانقلاب من خطر المحاكمات التي قد تؤدي بك ومجموعتك إلى الإعدام.
على ضوء ماذكرته آنفاً هل هذه المحاولة جادة لاحداث تغيير فعلي ام مطبوخة لها ما بعدها؟
و حتى لا نظلم أحدا ولا نستبق الأحداث والتحقيقات نطرح مجموعة من التساؤلات على طريقة مقدم برنامج الاتجاه المعاكس بقناة الجزيرة الفضائية.
السؤال الأول: ومن خلال الاطلاع على المحاور المذكورة أعلاه ماذا نفذ الانقلابيون منها في خطتهم ؟
السؤال الثاني: كيف لقائد انقلاب دفع بنفسه ومن معه إلى الهاوية يأتي ببيان لاذاعته الساعة السابعة صباحا ويرده من التنفيذ فني التشغيل؟
السؤال الثالث: كيف لقائد انقلاب ان يترك القيادة السياسية والعسكرية طلقاء دون أن يعتقل منهم احدا ؟
السؤال الرابع: كيف لقائد انقلاب ان يترك كل المعابر والجسور بدون إغلاق ؟ يلاحظ ان الدبابات التي تحركت على كبري ام درمان القديم تحركت لافشال الانقلاب وليس مع الانقلابيين!!!!!!!!!!!!
السؤال الخامس: دائما تفشل الانقلابات العسكرية في ظل أنظمة عسكرية شمولية فالسؤال الذي يفرض نفسه أين الاستخبارات العسكرية وجهاز الأمن والمخابرات الوطني مما جرى ؟؟؟
السؤال السادس: كيف لقائد انقلاب وهو المؤهل عسكرياً واكاديميا ان يسيطر على سلاح المدرعات ومنطقة ام درمان العسكرية ووادي سيدنا العسكرية وقاعدة وادي سيدنا الجوية وبعد ذلك يستسلم عبر الاجاويد؟ أو أنه لم يسيطر على أي وحدة عسكرية وتم القبض عليه وهو في مرحلة التخطيط.
سابعاً:
كيف لقيادة الجيش تأتي بعد ساعة فقط من افشال المحاولة الانقلابية الفاشلة لزيارة هذه الوحدة وعرق الأجاويد لم يجف بعد ؟
هذه التساؤلات نترك الإجابة عليها للقارئ الكريم لحين أنتهاء التحقيق مع المتهمين بالمحاولة الانقلابية الفاشلة ،ولنا عودة بإذنه تعالى.

د/عبدالمولى موسى محمد

Exit mobile version