أبحثوا عن أصل المعضلة: استغلال منيتي الوشائج

..قال لي صديق سفير عريق إن السفارات تميل إلى توظيف الأقليات أو المجموعات التي تعاني من إحساس باضطهاد أو تناقض في إنتمائها وهويتها مع مجتمعها الكبير . قال لي السفير إن ذلك منهج في التوظيف في السفارات وفي اختيار الجواسيس ناجح وتكاد تعمل به كل الدول لأنه يؤمن لها أشخاصاً منبتي الوشيجة بمجتمعاتهم ودولهم ولديهم مواجد تجاهها فيحصلون عبرهم على المعلومات وتمر عبرهم المؤامرات والأجندات.
تأملت حديث الرجل ولاحظت أن السفارات خاصة الغربية والمنظمات الغربية في السودان توظف جنوبيين وشيوعيين وجمهوريين. ثم وجدت أن أكثر المتزلفين للخواجات في بريطانيا وأميركا وغيرها هم على هذه الشاكلة.
▪️ولاحظت أن سائق التاكسي في أميركا والخفير في بريطانيا والعاطل بلندن وأشباههم الذين ليس لديهم أدنى خبرة أو معرفة في إدارة صالون حلاقة دع عنك دولة مثخنة بالجراح مثقلة بالتحديات كالسودان ، نُصبوا في مرافق هامة في بلدنا في الحكومة الإنتقالية !!! ولم تكن تلك مصادفة. هذا رغم أننا بُشّرنا بالكفاءات !!!!!
▪️من ناحية أخرى وجدت بأميركا وببريطانيا وأيرلندا وإيطاليا مدارس خاصة بالبنات فقط وجامعات خاصة بالبنات فقط وتشرف عليها الكنيسة !!!
▪️وفي أميركا للآباء الحق في إبداء الرأي في المنهج التعليمي الذي يخضع له أطفالهم يسمى Individual Education Program ، وتتيح لهم مكاناً خاصاً للعبادة . وللدين تأثير كبير في السياسة في البلد الكبير لدرجة ان انتخاب من ليس بروتستانتي كرئيس لم يقع إلا مع كندي وبايدن ، ويستحيل انتخاب من يصنفهم أغلبية الأمريكان فرق دينية ملحدة Cult مثل جماعة شهود يهوه أو منتمي للجماعات الباطنية Occult
▪️وفي عدد من دول الغرب العلماني ينص الدستور على مسيحية الدولة ، بل تشترط دساتير بعضها حتى على مذهب مسيحي محدد للرئيس ، وفي بريطانيا تتولى الملكة رئاسة الكنيسة !! وفي البرلمان البريطاني يتم ” تعيين ” 26 كاردينال في عضويته كحراس للدين .
▪️وفي بريطانيا يسمح القانون لأي مواطن بتولي أي منصب ، ولكن للإنجليز بدهائهم إجراءات غير معلنة وغير مرئية يسمونها ” السقف الزجاجي Glass Ceiling تحول دون بعض المواطنين ( مثل أعضاء الأقليات غير الأنجلوسكسونية ، أو المنتمين لجماعة باطنية ، أو المعادي للنظام الرأسمالي ) وإعتلاء مناصب حساسة كمدير الشرطة ورئاسة البرلمان ومدير المخابرات مثلاً .
▪️ولمزيد بيان عن تأثير الدين في أوربا أذكر رفض فرنسا دخول تركيا للإتحاد الأوروبي كونه – على حد تصريح رئيسها دستان – ” نادي مسيحي ” Christian Club . وناصرت روسيا صربيا في حربها لأنها اورثوزكسية ..

▪️أما في (السودان) فقد تبنى الحاكمون اليوم سياسات مناهضة للدين تماماً في بلد يمثل الدين لُحمته وسداه ، واضطهدوا علماءه الذين اعترضوا على سياساتهم تلك ، وتهكموا حتى على العلماء الذين عينوهم في مجمع الفقه .. وفعلوا كل هذا دون تفويض شعبي كالذي عاشوه في الغرب.
▪️أقتبس ادناه من وثيقة أمريكية مهمة تشرح سياسة أميركا إزاء التعليم في السودان ، وسأربطها بما قلت آنفاً وما سأقوله لاحقاً.
أصدرت الوثيقة لجنة الحريات الدينة United States Commision on International Freedom ( USCIRF ) وهي لجنة فدرالية ، في تقرير عن ما سمته إصلاح التعليم في السودان ما نصّه :
Provide Sudan’s Ministry of Education with funding and technical support for it’s program of comprehensive curricular reform to replace intolerant content in textbooks issued by the former regime with new materials and accompanying teacher training that support religious freedom and inclusivity
” مد وزارة التعليم السودانية بموارد ودعم فني لبرنامجها لإصلاح شامل للمناهج لإبدال المواد غير المتسامحة في الكتب المدرسية التي وضعها النظام السابق بمواد جديدة وتدريب مصاحب للمعلمين يدعم الحريات الدينية والشمول ” ..
▪️تذكرون أن تدخلاً مباشراً مارسته أميركا في المناهج الدراسية في السعودية وبصورة أكبر في الإمارات فسحبت من منهج التربية الإسلامية كل المواد بل حتى آيات القرآن التي تحض على الجهاد ومقاومة الظلم ، أو تلك التي تقول ” لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة ” أو تُعرّض باليهود ، أو تحرم المثلية . هذه الآيات وغيرها تعتبرها أميركا ضد التسامح والشمول inclusivity ومناهضة للحريات . والتسامح والحريات تعني التسامح إزاء المثليين _ وهذا تم الشروع فيه _ وتعني حرية العلاقات بين الذكور والإناث وحرية الكفر والإلحاد وسب الديانات ..
▪️ومن ثم لم يجد سادتنا الخواجات أنسب من حمدوك ووزير التربية الشيوعي والقراي الجمهوري عضو الجماعة الباطنية Occult ( المكفرة من المجمعات الفقهية داخل وخارج السودان ) ، وكذلك شيعتهم لتنفيذ تلك السياسة المرسومة لمناهضة الدين وازدرائه..
▪️ألا ترى عرمان وحمدوك ووزير التربية وكل الشيوعيين وأذنابهم قد استلوا أسيافهم يذودون عن القراي ، وهم في الحقيقة إنما يدافعون عن منهاج جديد وثقافة جديدة علينا ..
▪️وعليه فإن من حصر أصل المعضلة في القراي وحده فقد أبعد النجعة وضل عن سواء التحليل. فالمنظومة الحاكمة كلها على قلب رجل واحد في هذا الصدد . ولو أنهم أزالوا القراي فستكون تلك خدعة ومجرد مخدر مؤقت ..
صحيح أن القراي كذب كذباً بواحاً حول تدخله في المناهج ، فغدت كذبته بلقاء مشهور ، لكن أعانه قوم آخرون ..
▪️هؤلاء هم أنفسهم الذين توظفهم السفارات وأشار لهم الدبلوماسي في أول هذا المقال. مجموعات لها مواجد ضد المجتمع .. فالشيوعيون حل البرلمان حزبهم وقُتل قادتهم ، والجمهوريون قُتل قائدهم .. وكلا المجموعتين لقوا من المجتمع صداً ورفضاً لعشرات السنين أما كجماعة معادية للدين ( الشيوعيين ) أو كفرقة باطنية Occult تمارس عبادة الشخصية Personality Cult ( محمود محمد طه لدى الجمهوريين ) ، وكلا أعضاء الجماعتين يعتقدون انهم طليعيون متقدمون في فهمهم ، وينظرون لمن سواهم بازدراء وفوقية وغطرسة ولا يرونهم مؤهلين لأن يؤخذ رأيهم في نظام الحكم أو تربية وتعليم أبنائهم ..
▪️ دين الجمهوريين هو الدين المفضل غربياً ، فهو دين يرفض نصف القرآن ويسخر من الصحابة ولا يرى في الرسول قدوة وينكر الجهاد. والشيوعيون ضربوا صفحاً عن معادة ما ظلوا يسمونها ” الرأسمالية المتوحشة ” ويمموا غرباً في إرتماءٍ مخجل تحت أقدام ” اليانكي ” ، وكلاهما غدا شديد الولع بالخواجة ، شديد الإحتقار للقيم والثقافة السائدة في مجتمعنا ..
▪️ تري هل سيمكّن هؤلاء الحاكمون اليوم السودانيين لقول رأيهم عبر صندوق إقتراع ؟؟؟!!!!

دكتور ياسر أبّشر
فيرجينيا – الولايات المتحدة
الأمريكية/ 5 يناير 2021

Exit mobile version