عبدالله مسار يكتب: الدكتور فولكر وشوف الطشاش!

الدكتور فولكر بيرتس ألماني الجنسية، أكاديمي المنهل، مولود في عام ١٩٥٨م تخرج في الجامعة وعمل مساعد تدريس في الفترة ١٩٩١ الى ١٩٩٣م ثم نال الدرجات العلمية المعروفة الماجستير والدكتوراه، وعمل محاضراً غير متفرغ وكذلك في معهد إداري لمشورة حكومته، ثم جاء العراق مساعداً لرئيس البعثة الأممية في بغداد.

هذا الرجل أكاديمي لا علاقة له بالدبلوماسية وليس من دارسيها، ساعد في تخريب العراق، جاء الى السودان على هذه الخلفية، وهو يظن أنّه الحاكم العام في السودان، وهو في حقيقته موظف في الأمم المتحدة وفق تفويض محدد لا علاقة له بكثير من الأعمال التي يقوم بها الآن وهي خارج تفويضه، وتفويضه المساعدة في التحول الديمقراطي عبر المُساعدة في قيام الانتخابات، كل الذي يقوم به هذا الرجل الآن خارج تفويضه.

ثانياً الأمم المتحدة منظمة عالمية مُحايدة لا تدخل في الصراعات الداخلية للدول، وتعمل مع شعوب هذه الدولة على مسافة واحدة وليس لها تأييد لأي أطراف سياسية، وليس لها انتماء فكري أو أيديولوجي، وهي ليست علمانية ولا يسارية ولا إسلامية ولا دينية، هي مؤسسة عالمية توفد بعثات لأغراض محددة لا يخرج عنها مندوبوها أو موظفوها.

ثالثاً ليس من حق فولكر وهو في وظيفة موظف أمم متحدة أن يعمل لصالح دولته ألمانيا ولا لصالح الاتحاد الأوروبي ولا لصالح أمريكا، لأنه لا يمثل هذه الأطراف في السودان الآن، وهذه الدول يمثلها سفراؤها أو القائمون بأعمالها.

رابعاً هذا الرجل يجب أن لا يكون له حزب أو لون سياسي لينسحب ذلك على أدائه في دولة السودان، فهو لو كان شيوعياً أو يسارياً أو علمانياً أو إسلامياً أو لا دينياً يحتفظ بذلك لنفسه ولا يظهره في تعامله في إطار البعثة وكذلك مع الأطراف في السودان.

خامساً يجب أن يستقي معلوماته من الأجهزة الرسمية للدولة وينقل ويثبت في تقاريره الى الأمم المتحدة المعلومات الصحيحة والثابتة وليس السماعية أو المأخوذة من وسائل التواصل الاجتماعي أو من اطراف غير موثوقة أو أطراف صاحبة مصلحة أو عملاء يتبعون له أو لغيره.

سادساً كل أعماله في داخل السودان تُخضع لقوانين البلد المُضيف بما في ذلك حمايته الشخصية، لأنه ينطبق عليه كل الأعراف الدبلوماسية التي تنطبق على كل سفير أو دبلوماسي يمثل دولة عند دولة أخرى، ويحرم عليه الاتصال بأي طرف معنوي أو مادي داخل الدولة المُضيفة إلا عبر وزارة الخارجية بما في ذلك دور المُسهِّل أو الوسيط الذي أقحم نفسه فيه بدون تفويض.

سابعاً يجب أن يسمى مسؤولو الدولة المضيفة بأسمائهم ومواقعهم وصفاتهم دون أن يتأثر برأي ناشطين داخل الدولة، فليس من حقه أن يسمي الوضع بعد ٢٥ أكتوبر ٢٠٢١م انقلاباً، لأن تسمية النظام الذي يحكم مسؤولية أهل البلد وليس مسؤولية أجنبي موظف في بعثة دولية، فيسمي الوضع بحكومة السودان.

ثامناً إذا سمح له من رأس الدولة بوساطة، ليس من حقه أن يختار من الأطراف من يواليه ويُسمُّوهم (أصحاب المصلحة) وأخرى يخاصمها، بل ليس من حقه أن يقف مع طرف ضد طرف أبداً، وليعلم أن كل اهل السودان هم أصحاب المصلحة.

وليس من حقه تقديم مبادرات حتى التنسيق بينه وأي منظمات إقليمية أو محلية في حدود طلب الآخرين وليس هنالك دور مشترك بينه والاتحاد الأفريقي إو الإيقاد، إلا في حال طلب هذه الأطراف لأنها هي المؤسسات الإقليمية المنوط بها ذلك وليس الأمم المتحدة.

تاسعاً يجب أن يعلم هذا الألماني الأممي أن أفريقيا خرجت من الاستعمار ولن تعود له مُطلقاً، وإن العالم يتشكل الآن والسودان جزءٌ من ذلك التشكل، وهو سيد نفسه رغم عمالة بعض أبنائها الذين وقعوا في حبائل الغرب وصاروا حصان طروادة ضد بلادهم لصالح فكرة أو أيديولوجيا أو مال أو انبهار حضاري أو استلاب فكري، فما عاد الغرب هو الغرب وما عادت أفريقيا هي أفريقيا!

وقد تحرر كل فرد في العالم، وكذلك الدول، وحتى التحالفات العالمية لم تعد هي هي.

إذن، كل هذه المُعطيات تجعل هذا الموظف الأممي المدعو فولكر أن يعلم أن الشعب السوداني مُدركٌ وعارفٌ مهامه وهو لم يطلبه، بل طلبه رئيس حكومة من صناعتهم واتى بهذه البعثة خلسة دون موافقة الشعب السوداني في غفلة من الزمان! لأن هنالك طريقين لحضور هذه البعثة، إما عبر قرار من برلمان منتخب أو عبر استفتاء شعبي، ولكن حضورها بطريقة ام غمتي هذه فلا!

أما طرد فولكر لا يحتاج للبرهان، بل أي مسؤول مختص في وزارة الخارجية السودانية يمكن أن يكتب خطاباً للسكرتير العام للأمم المتحدة، ويقول إن فولكر شخصٌ غير مرغوبٍ فيه ويغادر في غضون ثمانية وأربعين ساعة بالكثير، أما البعثة نفسها يمكن الحكومة السودانية مخاطبة الأمم المتحدة بعدم الرغبة فيها وتغادر!

أخيراً، السيد فولكر، نحن أمة واعيةٌ، وتاريخنا تاريخ حافل بالنضال والبطولات، وأصحاب حضارة راسخة وقيم ودين، ونحن نعلم العالم العرف وحل القضايا عبر الحوار، وقمنا بثورات كثيرة وطردنا المستعمر نهاراً جهاراً، ودفعنا في سبيل حرية شعبنا الغالي والنفيس وأخرجنا الاستعمار بالباب، ولن نسمح له الدخول بالشباك!

أخيراً، نحن بلدٌ يملك موارد كبيرة وموقعاً ممتازاً وإمكانَات هائلة، لو أصابنا الضعف فهو وضعٌ مؤقتٌ، السودان بلدٌ عملاقٌ لا يرهن قراره لغير أبنائه. أرجو أن تعرف أن الذين يأتون إليك يشتكون وطنهم، هؤلاء ليسوا من السودان في شيءٍ! هؤلاء صنائعكم وليسوا صناع السودان، والذين يشتكون إليك القوات المسلحة والنظامية الأخرى هُم عُملاؤكم وأدواتكم التي تحكمون بها بالوكالة، فهم نُخبٌ، دورهم مَعروفٌ ينتهي بانتهاء الغرض!!

الشّعب السُّوداني، شعبٌ عظيمٌ وجبّارٌ، يُعلِّم العالم الحرية ويعشقها، ولكن من صنعه!!

أخيراً، يبدو أنّك تشوف طشاش، ولكن الشَّعب السُّوداني في وطنه يرى بالعين الباصرة والبصيرة..!

صحيفة الصيحة

Exit mobile version