لينا يعقوب: كان زميلي المصور فيصل يختفي من أمامي كل حين، ليستفرغ ويغسل وجهه

في نقاط الحروب وتغطيات الحدود، في أماكن التوتر والاشتعال، داخل المشافي قريباً من الأمراض، وسط السيول والفيضانات، لايوجد ما هو أقسى على الصحفي من مشاهد الموت، فكل شيء أمامه يهون.

كان زميلي المصور فيصل يختفي من أمامي كل حين، ليستفرغ ويغسل وجهه ثم يعود، ظللت أقول للزملاء وفريق العمل، “شدو حيلكم شوية.. لازم نشتغل ونصور”، فكانوا يقولون “انتِ تديرين لهم ظهرك، نحن نراهم بأعيننا”..!

يا إلهي.. إلى متى سندير ظهرنا من هؤلاء، الذين تعبوا وهم أحياءٌ وأموات؟
إنه مشهد مرعب، ظننت أن آلاف الجثامين مغطاه ومتعفنة، لكنها غير ذلك.. جثث تجلس على كراسي، وأخرى مكومة فوق بعضها، أجسادٌ كاملة وهناك أيضاً المُقطعة والناقصة، جثامين عارية وبعضها مستور، وجوهٌ أغلبها بلا ملامح، لكن الأرواح معلقة وكأنها تقول: “متى ستدفنوني وتكرموا مثواي”؟!

الحشرات والصراصير والفئران، وجدت مكاناً ملائماً لها في الصالة، فالأوساخ ومياه الصرف الصحي تحيط بالمكان.

وقفنا أمام باب الصالة المرعبة لدقيقة.. لم نستطع الدخول، أدخلنا كاميرا درون لتُحلق فوق تلك الأجساد المنهكة والمتعبة.

الجميع مسؤول ومحاسب.. من أوصل المشهد إلى هذه الدرجة من الإهانة وحط كرامة الإنسان.

3سنوات ولا أحد يحرك ساكناً، 3 سنوات وأعداد الجثامين تتزايد والمزايدات السياسية تزيد.

لينا يعقوب

Exit mobile version