إبراهيم عثمان: عن الجزولي والجزيرة !

▪️صنعت أموال النفط والغاز قاعدة غير مكتوبة تقول إن من حق قطر، كدولة غنية، أن تطلق شبكة إخبارية تتدخل بعمق في شؤون الدول العربية الأخرى، وعلى هذه الدول، خاصةً الفقيرة، أن تقبل بهذا التدخل، حتى لا تدخل في مواجهة غير متكافئة أشد شراسةً، ويمكن تخيل رد فعل قطر إن خصص السودان قناة لدعم المعارضة القطرية ثم طلب السماح له بفتح مكتب في الدوحة !

▪️كثيراً ما تتورط قناة الجزيرة في ترويج الفبركات التي يصنعها إعلام قحت ، لتعود الفيركات مرة أخرى إلى القحاتة وتروج أكثر مسنودة بمكانة وإمكانيات الجزيرة وانتشارها، فيما يمكن تسميته بـ ( غسيل الأخبار ) فالجزيرة أصبحت مؤخراً الغاسلة الأولى للأخبار القحاتية القذرة والملوثة .

▪️ يستخدم المذيع أحمد طه نمط “الدائرة الحمراء” أو “طوق النار” الذي يقول عنه “دليل المعايير التحريرية” لقناة الجزيرة : ( في هذا النمط يسعى المذيع لإبقاء الضيف في حلقة ضيقة من الأسئلة الصعبة والقاسية وحصره فيها وعدم السماح له بالخروج منها، وهي فترة محددة يجر فيها المذيع الضيف إليها جراً ويبقيه فيها عمداً، ولا يدعه يفلت منها لأهميتها، ولأن المذيع يمتلك جملة من المعلومات المهمة – وربما السرية – التي لم تتح لغيره، وكثيراً ما يعتقد الضيف أن المذيع ليس على دراية بها )

▪️ تحدث دليل المعايير التحريرية لقناة الجزيرة عن ضوابط هذا النمط، منها أن يستخدمه المذيع في سياق منطقي وليس بطريقة فجة، وأن يكون ذلك يأسئلة مبنية على “معلومات موثوقة” ، وأن تتسم الطريقة بالاحترام والكياسة والذكاء ، ولا ينبغي إطالة مرحلة الدائرة الحمراء من خلال تكرار الأسئلة أو اجترار البيانات والاقتباسات، و إذا اتخذ المذيع هذا النمط “منهج حياة” فالأمر يستحق التنبيه التحريري لأن الإسراف في تحدي الضيف في كل كبيرة وصغيرة يفضي إلى الابتذال .

▪️ من الملاحظ أن القناة لا تستخدم هذا النمط من الحوار مع المسؤولين القطريين نهائياً . وهذا مفهوم طبعاً .
▪️ المذيع أحمد طه يستخدم هذا النمط مع الأطراف المناهضة لقحت – المركزي ( ما عدا الحزب الشيوعي وواجهاته ) ولا يستخدمه مع قحت – المركزي .

▪️ من الواضح أن إدارة الشبكة تتسامح مع عدم التزامه بالمعايير المذكورة أعلاه لأن عدم الالتزام يأتي في اتجاه خدمة الطرف الذي تدعمه القناة.
▪️ في تعامله مع الضيوف الموالين لقحت – المركزي يبدأ المذيع بسؤال أو سؤالين يبدوان ضد الضيف ليعطي انطباع الحياد، لكنه لا يقاطعه كثيراً، وغالب المقاطعات القليلة تكون لصالحه إما لشرح فكرته بطريقة تجمِّلها، أو لسؤاله عن الطرق التي سيتبعونها للوصول إلى أهدافهم، أو لطرح أسئلة إيحائية تخدم فكرته وتتضمن ذماً للأطراف الأخرى.

▪️ لا يتورط أبداً في صناعة أو ترويج فبركة ضد قحت – المركزي، الأمر الذي يؤكد أنه يستطيع، إن أراد، تجنب الفبركات، وأن التورط فيها ناتج من الانحياز وليس مجرد هفوات .
إذا أخذنا طريقته في التعامل مع د. محمد علي الجزولي، ود. كمال عمر كأمثلة سنجد أنه :
▪️ في حالة فبركة حديث د. الجزولي كان حريصاً على أن يظهر وهو يقرأ من جهاز أمامه ليوحي بالحرص على الدقة ونقل الكلام كما هو ، لكنه لم يشر إلى أنه يقرأ من موقع الراكوبة، ربما حتى لا يعلم القارئ أن الخبر من موقع معارض لتوجهات د.الجزولي ومعروف بالابتذال وعدم الرصانة وبالفبركات والمبالغات، وليس من المصدر الأصلي (قناة طيبة) .
▪️ وحاول أن يظهر خطورة ما نسبه لدكتور الجزولي ببداية حديثه بـ ( لك أن تتخيل ) ، ثم بدأ في تفسير المنسوب إليه وتبيين مدى خطورته ( هذا يعني أنه يقول سنأتيكم بالانقلابات …) .
▪️ وحاول أن يدخل الأستاذ حسن اسماعيل في الدائرة الحمراء/طوق النار استناداً إلى هذه المادة المفبركة، لكنه قطع عليه الطريق .

▪️ لم يلتزم بالطريقة التي ألزمت الجزيرة نفسها بها عند وقوع الخطأ ( لدى وقوع خطأ تسارع الشبكة إلى تصحيحه في النشرات أو البرامج اللاحقة أو في الإعادة، وتعتذر عما يقتضي الاعتذار ).

▪️بعد تواصل من د. الجزولي، أذاع الفيديو الأصلي دون أن يشير من قريب أو بعيد إلى أنه بالأمس نقل مادة مفبركة من موقع الراكوبة والآن ينقل الحقيقة .

▪️ وذهب مباشرة إلى سؤاله عن موقفهم من الدستور القحاتي بالتركيز على إظهاره كموقف متطرف، ولو كان د. الجزولي قد ذهب مباشرة إلى الإجابة لما علم المشاهد غير المتابع أن الجزيرة كانت قد نقلت فبركة بالأمس، وأن الفيديو الذي عرضه كان للتصحيح !
▪️ لا يشير إلى تناقضات الضيف إذا كان من أنصار قحت .. مثلاً حديث كمال عمر عن المدنية في مقابل العسكرية كان كل دور المذيع هو إعادة صياغة حديثه، وتسويقه لدى المشاهد، وسؤاله عما سوف يفعلونه إن رفض المكون العسكري دستور قحت .

▪️ وطبعاً لم يسأله عما سيفعلونه في حالة رفض القوى السياسية الأخرى، ربما لأنه – مثل قحت – مشغول فقط بالمكون العسكري ورد فعله كمانح/مانع وحيد للشرعية عند قحت في ظل رفضها للاستفتاءات والانتخابات والحوارات مع القوى السياسية الأخرى .

▪️ وعندما قال سنستعين بالضغط الدولي لفرض الوثيقة على العساكر، لم يناقشه في فكرة أن هذه الضغوط لن تكون ضد العساكر فقط بل أيضاً ضد إرادة نسبة معتبرة من الشعب والقوى السياسية ، ولم يناقشه في فكرة الاستعانة بالخارج لفرض الدساتير ، ولم يقارن بين ما يريده من إذعان عسكري لضغوط الخارج وقوله إن الوثيقة ليست عقد إذعان !
▪️ ولم يواجهه بأسئلة تحمل تشكيكاً في صحة ماقاله عن الوثيقة واشتراك “القوى الحية” في إعدادها، وتعريف القوى الحية .

▪️ ولم يعترض على تفسيره لكلمة مدنية بأنها تعني ضد عسكرية، وإنما اكتفى بتكرار التفسير فيما يشبه التأمين عليه، ولم يناقشه فيه لا من نصوص الوثيقة التي تقول العكس ولا من معلوماته العامة عن استخدام العلمانيين لكلمة مدنية .وكذلك لم يسأله : لماذا تتحفظون إذن إذا كانت الكلمة تحمل هذا المعنى ؟ .

▪️وبالجملة كانت تناقضات كمال عمر وركاكة أفكاره كافية لإدخاله بكل سهولة إلى الدائرة الحمراء / طوق النار لولا انحياز المذيع .

إبراهيم عثمان

Exit mobile version