أحمد يوسف التاي: طريق محمية الدندر .. نموذج للتفكير البائس

يظل طريق شرق الدندر، من النماذج المأسوية التي تعكس حجم البؤس والعجز والنظرة البائسة لدى المسؤولين في الدولة لكل ماهو استراتيجي اقتصادي ذا مردود كبير..

هذا الطريق وهو الطريق الاستراتيجي الاقتصادي الذي يربط بين محمية الدندر القومية ومدينة الدندر وبقية مدن ولاية سنار ، والرابط بين أسواق هذه المدن وكبرى مناطق الزراعة الآلية في الولاية والتي تقدر مساحتها بحوالي 4 مليون فدان..

هذا الطريق الاقتصادي الحيوي تم التصديق بسفلتته منذ العام 2009، ودخل فعليا موازنة 2013 .. للأسف حتى اللحظة لم يبدأ العمل فيه…عقودات تُبرم،وأخرى تفسخ، وثالثة تعطل،وآليات تأتي وأخرى تنسحب، والنتيجة صفر كبير..اللهم إلا ردمية من تراب غير مطابق للمواصفات الفنية حساه أحمد عباس في خشوم الناس قبل الطريق، عام 2012 ومن اول مطرة تشقق وجرفه السيل الخفيف..

(2)

الذي يقوده حظه التعيس للذهاب بهذا الطريق في مواسم الخريف سيجد نفسه بحاجة إلى 48 ساعة ليصل إلى المناطق السكنية والزراعية المتاخمة للمحمية بدلاً عن ساعتين في حال سفلتة الطريق أو على الأقل معالجة الخيران وعمل ردمية بصورة تليق باهمية المنطقة الاقتصادية ومساهمتها الواضحة في الموازنة العامة وتليق بدولة تحترم نفسها وشعبها وتقدر أهمية المناطق الاقتصادية والاستراتجية.(3)

قبل أعوام تم “استغفال” الناس هناك وخدعوهم بعمل “ردمية” من التراب العادي (البادوبة ) و(السفاية) والتي ذابت مع أول زخات للمطر كما اسلفت وانجرفت الردمية وقد سكبوا عليه أموالاً طائلة وبدا حال الطريق أسوأ مماكان عليه. . وبسبب وعورة الطريق وارتفاع تكاليف الترحيل،

ارتفعت أسعار البضائع والوقود ونحوها إلى 1000% في أسواق (الصعيد ) بصورة لاتطاق ، ولاتسألني عن ثمن التذكرة الذي أصبح لايطاق إلا لمقتدر

أما المرضى فقد يفضل ذووهم معاناة المرض على معاناة الطريق…هذا الطريق الذي تستفيد منه ما يقارب المائة قرية وآلاف المنتجين شرقاً وغرباً…

وفي غمرة هذه المعاناة يتم تخدير الناس بعبارة باهتة لونها البارز النفاق والتدليس :(الطريق إتصدق وقروشو طلعت)، قد تكون فعلاً (قروشو طلعت أو جزء منها)، لست متأكداً ، لكن الذي تأكدت منه تماماً أن روح الناس هناك هي التي (طلعت) …

(4)

مأساة هذا الطريق الذي ينقطع في كل عام بسبب الفيضان ، وبسبب خلل فني في سد العطشان، ظلت مستمرة، بسبب الإهمال، والاستغفال، وتخدير الناس بالأوهام ، وقد ظللنا نتكلم عنه منذ سنوات، فلو أننا نادينا أحياءً فقد أسمعناهم صوتنا ولاستجابوا ولكن لاحياة لمن ننادي ..

(5)

دعوا اهل الدندر الغلابى المساكين الذين لاصوت لهم يسمعونكم اياه، ودعوا معاناتهم المزمنة المتكررة مع هذا الطريق ومعاناتهم،لكن ألا تحبون دولارات تدخل خزائنكم من السياحة والإنتاج الزراعي الضخم، أطعموا هذه “البقرة” الحلوب ألا تحبون لبناً سائغاً للشاربين، فهم لاينالهم لحومها ولادماؤها ولا حليبها، فكل ذلك آت لغيرهم فقط أطعموها ليس لأجلهم بل لأجلكم ولأجل أبنائكم أما هم فلهم ولأبنائهم رب رحيم…

اما إذا اردتم الحل الجذري، فهناك كبري مقترح (اللويسة/ام دمور)، واظنه مصدق ايضا ، فهذا في تقدير كل الفنيين والاقتصاديين هو العلاج الناجع لهذا الداء المزمن… اللهم هذا قسمي فيما أملك…

نبضة أخيرة:

ضع نفسك دائماً في الموضع الذي تحب أن يراك فيه الله، وثق أنه يراك في كل حين..

صحيفة الانتباهة

Exit mobile version