العنوسة.. كابوس يُطارد الشبان!!

باتت ظاهرة التأخر في الزواج أو ما يُعرف بـ”العنوسة”، كابوسًا يُطارد الشبان والفتيات في السودان، وزادت من بشاعته ضغوط الحياة والمجتمع والأحكام التي تطلق على من يتأخر في الارتباط.. ودرج المجتمع على اتخاذ مواقف وآراء قاسية من الشباب إزاء هذه الظاهرة، فيما تُشير الدراسات والإحصائيات إلى ارتفاع معدلاتها، حسب الفئات العمرية بين الذكور والإناث.
(2)
ويرجع باحثون اجتماعيون واقتصاديون، أسباب تأخُّر الزواج إلى أسباب عديدة؛ منها ارتفاع المهور والأعباء الاقتصادية، وتفشي البطالة، وارتفاع أسعار السكن، وتكاليف المعيشة مُقارنةً بالرواتب المعروضة.. وأمام هذا الواقع المؤلم، يقرر الإنسان أن ينأى بنفسه، ويبتعد عن الزواج بسبب الضغوط الاجتماعية والاقتصادية، فيما لم تجد الفتيات “النصيب” (الشريك) المناسب.
(3)
(الحوش الوسيع) في جلسة عفوية بأحد المنتديات الثقافية، سألت بعض الشابات والشبان عن سبب تأخُّر زواجهم، فقالت نهاد (39 عامًا): “لم يأت نصيبي بعد، ولم أجد الشخص المناسب الذي تتلاقى أفكاره مع طموحاتي”.. وأضافت: “أفضِّل متابعة دراساتي العليا عن الارتباط.”
من جهتها، رأت عايدة (42 عامًا)، أن الزواج مؤسسة فاشلة وخير دليل على ذلك نسبة الطلاق التي يشهدها السودان؛ إما لأسباب مادية أو بسبب الخيانة، وأكدت أنها تفضل عملها وحياتها الشخصية على الارتباط والعائلة.
(4)
أما جهاد (45 عامًا)، فيعزو سبب عدم زواجه إلى الوضع الاقتصادي المتدهور في لبنان وإلى غلاء المعيشة.. ومضى قائلًا: “لا أريد أن أُتعب بنات الناس بسبب ظروفي، لذلك قررت أن أبقى وحيدًا علمًا أنني أقدّر العائلة وأتمناها.”
من جانبه، قال أحمد (42 عامًا): “لم أتزوّج حتى الآن لأنني لا أملك منزلاً ولا سيارة، وراتبي الشهري قليل لا يمكنني من تحمُّل مسؤولية عائلة، والفتيات في السودان لهن متطلبات كثيرة.”
(5)
أما المحلل والباحث في علم الاجتماع، طارق الطيب، فتطرّق إلى اختلاف تسميات تأخير سن الزواج بين المجتمعات.. وأوضح أنه في المجتمعات الشرقية تعتبر الفتاة “عانسًا” إن تعدت 30 عامًا ولم تتزوج، فيما يعتبر الرجل عانسًا إن بلغ الـ40 عامًا ولم يتزوّج.. وأرجع السبب الرئيسي لتأخُّر سن الزواج إلى الظروف الاجتماعية والاقتصادية التي تمنع الشاب من الإقبال على الزواج وتأسيس العائلة.
(6)
وأضاف: “ومن الأسباب أيضًا زيادة فرص التعلم، وانخراط المرأة في سوق العمل ما جعلها ترفض تبعيتها للرجل وخلق لديها مفاهيم جديدة جعلتها تؤخر سن زواجها لتحقيق ذاتها وزيادة مردودها المادي”، وأشار طارق إلى أن “معدل سن الزواج ارتفع لدى الفتيات مقارنة بالعقدين الماضيين، إذ أصبح المعدل الوسطي حاليًا بين 25 – 30 سنة لدى الفتيات.”
(7)
وأردف محذّراً: “تأخُّر سن الزواج من شأنه أن يزيد إمكانية الانحراف في العلاقات وانتشار الفساد، ما يهدد القيم والعادات التي ترتكز عليها مجتمعاتنا”.. واختتم بالقول: “يبقى لظاهرة تأخير سن الزواج نقطة إيجابية مهمة، وهي تمكين الفتيات من الحصول على الشهادات العليا والانخراط في حقول العمل.”

الصيحة

Exit mobile version