عثمان ميرغني يكتب: خد دا عن دا.. يرتاح دا من دا..

كما كررت كثيراً، ليس هناك من الأصل ما يمكن تسميته بـ”أزمة سودانية” أو مشكلة أو مصيبة أو أية مفردة أخرى مماثلة، الواقع هناك “ازمة ساسة سودانيين” و مشكلة ومصيبة وأية مفردة أخرى مناسبة تصلح لربطها بالساسة..

وهذا لا يعني أن الساسة سيئوا النوايا أو متوحشون يجرون وطنهم ومواطنيه الى الأزمات والمشاكل، لا.. بل هو فعل محتم ناتج من كونهم غير قادرين على قيادة وطن بحجم وفخامة السودان.. فقد يكون سائق “الركشة” رجلاً خلوقاً مستقيماً يحب الخير للجميع.. ويجيد قيادة “ركشه”.. لكن كل هذا لا يعني أنه قادر على قيادة طائرة بوينج.. و ربما هناك شخص آخر على نقيض سائق “الركشة” بل ولا يعرف كيف يقود “الركشة” لكنه كابتن طائرة يونيج من الطراز الأول يجيد عمله ويحلق بالركاب ويهبط بهم بسلام بل لا يكاد يشعرون بملامسة عجلات الطائرة أرض المطار.

ساستنا الكرام؛ هم منّا ونحن منهم، لهم نوايا حسنة تجاه وطنهم ومواطنيهم ويتنمنون لشعبهم النبيل كل الخير، لكن ساستنا يعانون من علة واحدة ، لا يعرفون كيف يحولون نواياهم الطيبة الى عمل طيب..

راجعوا السيرة الذاتية لتاريخنا المعاصر منذ الاستقلال حتى اليوم، وطن يتراجع في عالم يتقدم، شعب سوداني كريم معتد بنفسه، صار اليوم مهاناً في بلده ويهرب بكل ما أوتي من سعة أو ضيق الى كل المنافي في العالم..

ألم يحن الأوان ليرتاح الشعب من الساسة ويرتاح الساسة من “نِقّة” الشعب؟

على رأي المثل المصري الشهير (شيل دا عن دا.. يرتاح دا من دا)..

مطلوب فصل المسار السياسي من الإداري.. ملعب للساسة يمارسون فيه اللعبة السياسة بمبدأ “الفورة مليون” .. وملعب للشعب السوداني يمارس فيه حياته و يعيش بما أنعم الله عليه من خيرات يفيض بها كل شبر من بلاده..

كفاية..كافية..كافية.. 67 سنة من الاستقلال..عبر وتجارب ودروس أثبتت أن الساسة قد ينجحون في صناعة مظاهرة وإسقاط نظام حكم لكنهم لا يستطيعون قيادة دولة لإنجاز برنامج تنمية… بل ولا يساورهم هذا الهم أو القلق على وضع بلادهم في مصاف الدول المتحضرة..

أشطر سياسي لا ينظر إلا إلى عون خارجي.. ولا يفكر في عمل يفيد الوطن إلا بعد أن ينظر إلى أين يمد كف التسول وطلب المساعدة.. أعطوه أو منعوه..

مطلوب فصل السياسة عن الإدارة.. بأعجل ما أمكن..

من حق الساسة أن يحكموا.. ولكن من حق الشعب أن يعيش حياة كريمة.. فليكن الشعار (لكم دينكم ولي دين) .. أحكموا الدولة.. لكن لا تديروها..

صحيفة التيار

Exit mobile version