هل وجدت مصر فعلا مخرجا من أزمتها الاقتصادية؟

قالت مجلة “ذي إيكونوميست” البريطانية، إن الاستثمارات غير المسبوقة من الإمارات، لتطوير مشروع رأس الحكمة في مصر، “لن تحل مشاكل القاهرة الاقتصادية المزمنة”، معتبرة أنها “تؤجل الأزمة”.

ووقّعت مصر في فبراير الماضي، مع الإمارات، صفقة بقيمة 35 مليار دولار لتطوير مشروع استثمار عقاري بمدينة رأس الحكمة الواقعة على ساحل البحر المتوسط، والتي تصفها “إيكونوميست” بـ”أكبر تدفق للاستثمار الأجنبي المباشر في تاريخ مصر”.

وأضافت المجلة: “لم تكن هذه مجرد صفقة عقارية، بل طوفان استثمار أنقذ دولة كانت على شفا أزمة اقتصادية، بعد عقد من الإنفاق المعتمد على الديون”.

ووفق المجلة البريطانية، فقد حصلت مصر في المحصلة على أكثر من 50 مليار دولار، بما في ذلك أموال رأس الحكمة، في غضون أسابيع من الإعلان عن الصفقة، حيث ضاعف صندوق النقد الدولي القرض الذي وعد به مصر من 3 مليارات دولار إلى 8 مليارات دولار.

كما أعلن الاتحاد الأوروبي عن حزمة مساعدات بقيمة 7.4 مليارات يورو (8 مليارات دولار)، وخصص البنك الدولي 6 مليارات دولار أخرى.
“إنقاذ من حافة الهاوية”

وقالت المجلة: “نجحت الصفقة الضخمة في الوقت الحالي في إنقاذ مصر من حافة الهاوية، لكنها تركت عدة أسئلة كبيرة”، مشيرة إلى أن القاهرة “لم تف بتعهدات مماثلة لصندوق النقد الدولي من قبل، فيما يتعلق بتحرير سعر صرف الجنيه”، رغم تخفيض قيمة العملة المحلية 3 مرات بين مارس 2022 ويناير 2023.

وفي السادس من مارس الجاري، سمح البنك المركزي المصري للجنيه بالهبوط، كما رفع سعر الفائدة إلى مستوى قياسي بلغ 27.25 بالمئة، وقال إنه سيسمح بحرية تداول العملة بعد أن ظل الجنيه ثابتا أمام الدولار 12 شهرا.

وانخفض سعر صرف العملة المحلية إلى حوالي 47 جنيها مصريا للدولار من نحو 30.85 جنيه، وهو المستوى الذي حاولت مصر الدفاع عنه لعدة أشهر.

غير إنه حسب “إيكونوميست”، “يشكك بعض المحللين في أن الجنيه يتحرك بالفعل. كما أن الحكومة مترددة أكثر من أي وقت مضى في بيع الشركات المملوكة للدولة، خاصة تلك التي يسيطر عليها الجيش”.

وأضافت: “في تصريحاتهم العلنية، يتصرف المسؤولون المصريون وكأن الأزمة انتهت. وتعهد رئيس الوزراء (مصطفى مدبولي) بأن الأسعار ستنخفض، مع وجود المزيد من الدولارات في البنوك”.

واستطردت: “لكن هذه ليست الطريقة التي يتم بها تخفيض قيمة العملة عادة، كما يعرف المصريون من تجاربهم السابقة. وقد يكون التضخم أقل هذه المرة، حيث إن العديد من الشركات قامت بالفعل سابقا بتسعير العملة عند سعر منخفض. لكن تباطؤ التضخم لا يعني انخفاض الأسعار”.

وسجل التضخم السنوي في مصر عدة أرقام قياسية خلال العام الماضي، حيث بلغ ذروته عند 39.7 بالمئة في أغسطس. وعلى الرغم من تباطؤه في الأشهر الأخيرة، فإنه ارتفع بشكل غير متوقع إلى 35.7 بالمئة في فبراير، من 29.8 بالمئة في الشهر السابق.

وأشارت المجلة إلى أنه “في المرة الأولى التي طلب فيها الرئيس المصري (عبد الفتاح السيسي) المساعدة من صندوق النقد الدولي، عام 2016، بلغ الدين الخارجي 17 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي. وفي نهاية العام الماضي كانت النسبة 46 بالمئة”.

وقبل صفقة رأس الحكمة، كان لدى مصر مدفوعات بقيمة 79 مليار دولار مستحقة بحلول نهاية عام 2026، وهو مبلغ يزيد عن ضعف احتياطاتها الأجنبية، البالغة 35 مليار دولار، وفق “إيكونوميست”.

واعتبرت المجلة أن الهدف من “السخاء الإماراتي” في الصفقة “يتعلق جزئيا بالسياسة”.. “ليكون للإمارات نفوذ على السيسي وربما لتحقيق ربح أيضا”، خاصة في ظل اختلاف سياسته الخارجية عن البلد الخليجي بشأن قضايا “مثل السودان وليبيا”.

وشددت المجلة على أن “مصر تحتاج إلى تنمية اقتصادها وإصلاح العجز المزمن في حسابها الجاري، لكن قطاعها الخاص يُعاني، وستشكل أسعار الفائدة المرتفعة عبئا على النمو”.

وتابعت: “لن تجلب مبيعات العقارات للمشترين المحليين الدولارات. وستكون الدولة في مأزق لبناء البنية التحتية للمياه والطاقة والنقل للمدينة الجديدة، مما سيتطلب نفقات كبيرة بالعملة الأجنبية. وهذا لم يحل مشكلة الوضع المالي للبلاد، بل تمت إعادة جدولته فقط”.

وبالرغم من التصريحات المصرية المتفائلة بمستقبل الاقتصاد بعد التدفقات المالية الأخيرة، اعتبرت “إيكونوميست” أن “هناك شكوكا، حيث من غير المرجح أن يغير السيسي، وهو رجل عسكري محترف، كثيرا في سياسته الخارجية. كما قد يكون هناك تباطؤ في أرباح المشروع، وذلك بالنظر إلى سجل مصر فيما يتعلق بالمدن غير المكتملة”.

كما نوهت بوعد رئيس الوزراء المصري، بأن تجتذب رأس الحكمة 8 ملايين سائح، قائلة إن هذا “يبدو غير مرجح، إذ إن الدولة بأكملها لم تجذب سوى 14.9 مليون سائح العام الماضي”.

الحرة

Exit mobile version