يتضح من قراءة المذكرات الرسمية وغيرها وجود خطة إعلامية قديمة منذ أعقاب سقوط نظام البشير. وهي خطة مدروسة ومصممة جوهرها الإلتفاف حول أي نقد للجماعة المدنية التي ورثت نظام البشير وقتله بتحويله إلي ردحة عن فساد الأخوان وإفسادهم في ثلاثين عاما.
نجحت هذه الخدعة نجاحا فاق تصور أصحابها ´لذلك تم تمديدها لاحقا بإتهام أي مخالف للجماعة بانه كوز أو مغفل في خدمتهم.
من نافلة القول أن فساد حكم الأخوان لا يعفي أي جهة أخري من مشقة المساءلة أمام الراي العام، ومن واجبها الرد بالمنطق والحجة إن أحسنت أو القبول بالنقد وإصلاح مكامن الخطأ إن كان جوهر النقد صحيحا. وينسب للفاروق عمر بن الخطاب القول (رحم الله امرأً أهدى إلي عيوبي). فهو علي إستعداد لمعرفة عيوبه ليصلحها لانه غير معصوم. ولكن “تقدم” معصومة لا تخطئ وكل المشاكل سببها تامر الأخوان وتنسي إنه حتي لو قبلنا بمقولة تامر الأخوان المتوقع فان “تقدم/قحت” لا تنجو من تهمة الغشامة والضعف المريع أمام أخوان أسقطتهم الثورة السودانية التي سلمت الأمر السلطة إلي قحت.
ولكن مع مرور الأيام والمقاومة من الجانب الآخر فقدت خدعة تسويف النقد بإستدعاء فساد الأخوان الكثير من فعاليتها، لذلك تتجه جماعة التدليس هذه الأيام إلي خدعة مختلفة وشبيهة محتواها تصوير أي إنسان لا يري ما تري “تقدم” بانه داعية حرب وهو بالتالي مسؤول أخلاقيا عن معاناة الشعب السوداني حتي لو كان هذا الشخص ضد العمل المسلح وضد الحروب طوال حياته بما في ذلك حينما كان الكثير من قادة”تقدم” والمتحدثين بإسمها في معسكرات حرب أعلنوها ضد نظام البشير من إثيوبيا وإريتريا ودول الجوار الأخري. ومن لم يكن في معسكرات الحرب حينها كان في تحالف سياسي مع المحاربين. وهي نفس الحرب التي يدينونها الآن كهروب من إدانة إجرام الجنجويد ولكنهم حينها أدانوا إنتهاكات نظام البشير ولم يدينوا الحرب كمجرد أبستراكت يتساوي فيه المعتدي والضحية التي تقاوم العدوان.
معتصم اقرع
