إتفاق سلام تقليدي لن يوقف هذه الحرب، هذه الحرب فريدة من نوعها، فهي أول حرب تعم السودان كله، ويمارس فيها الطرف المتمرد جل حربه على الشعب بشتى الفظائع، قتلا ونهبا واغتصابا، لم تكن هناك حرب مشابهة او عدو مماثل من قبل (فيما عدا حرب دارفور محدودة النطاق والمجرم واحد)..
كل تمرد على الدولة سابقاً كان تمرداً فيه الحد الأدنى من الإلتزام بقوانين الحرب وشرف القتال.. نذكر كيف كان جون قرنق محبوباً عند كثير من الشماليين رغم قيادته لحرب استمرت أكثر من عقدين من الزمان وخلفت من الضحايا ما خلفت، وكيف دخلت قوات خليل ابراهيم الخرطوم ولم تمس مدنياً بسوء ولا يذكرها مدني بِشر، يمكن لاتفاق أن يحقق السلام العسكري، لكن السلام الاجتماعي لا أظن انه سوف يتحقق، سيذر اي اتفاق تقليدي الرماد على جمر يومض من ثارات ومظالم قابل للاشتعال في أي وقت.
الآن أفكر، كيف يمكن لاتفاق أن يطبع علاقتك مع محتل منزلك وناهب شقى عمرك وقاتل الضعفاء من أهلك ومغتصب نسائك، هل يمكن أن تتحمل رؤية حميدتي او شقيقه في التلفاز مرة أخرى يخاطبك بوصفه مسؤولاً، او أن ترى قواته في الشوارع تتجول معك آمنة مستأمنة بعد ما اقترفته، او حتى ترى حواضنه الاجتماعية التي خانت جيرانها تعيش معك مجددا في نفس الحي، هل ستترك بابك مفتوحاً لها كما كان..
الاتفاق الذي يمكن أن يوقف هذا الصراع يحتاج إلى رؤية جديدة تناسب هذه الحرب الفريدة، لا أظن ان هذا الإتفاق يوجد في تصور أحد او سبقت كتابته في يوم من الأيام، إلى حين وجود ذلك الاتفاق الفريد فهذه حرب لا ينفع معها (حصل خير) بل دواؤها هو (العين بالعين والسن بالسن)..
Osman Abdelhalem
