بيرم يقسم ورب العزة يبره

الغيب ركيزة الإيمان الأساسية ، وفيه الأحوال والفتوحات النورانية لخاصة الناس كرامةً عند ربهم من أهل الصلاح والولاية ، ما إن حدثوا به أو أفشوه تكالب عليهم ( العقلانيون ) الذين وقفوا عند مربط النص ، واختزلوا المعايرة والقياس في قيد الممكن المشاهد ، وأدوات ذلك عندهم هي الممكن والمعقول ، وذلك بقسمة الحدث أو الحال على المعروف لديهم فيكون الناتج التكذيب أو التشكيك في ذلك ، والحاقه بالدروشة والأساطير .

شباب الحركة الاسلامية الذين جاهدوا في الله والوطن حق الجهاد مع إخوانهم في الجيش في حرب الجنوب منذ العام ١٩٨٩م وحتى العام ٢٠٠٥م

رووا مشاهد ، وحكايات ، وحوادث ( فوق المعقول ) وتلك مقامات يقصر عنها الإدارك العقلي مهما أوتي من تجليات تفوق ، وومضات ذكاء ، فتلك مجالس يُفسح فيها لأهل الصلاح والقبول و(الكرامات ) وهي أمر خارق للعادة يظهره الله على أحد من عبادة ليس مقرونًا بالتحدي ودعوى النبؤة .

فمنهم من أعد طعام الإفطار في رمضان وامتنع عن تناوله عند الآذان وقال إنه موعود بالإفطار في ( الجنة ) ويستجيب الله تعالى له ويستشهد في ذات اللحظة ، ومثلها كثير في سير وأخبار العمليات .

وحتى لا يكون ذلك قصصًا من الماضي ، الآن تتجدد في معركة الكرامة ذات الأحوال والفتوحات النورانية و(الكشف) كما يقول السادة الصوفية ،

ومن لم يصدق فاليراجع ( فديو ) الشهيد هشام بيرم ، وهو يقول بأن هذا الفديو هو الأخير بالنسبة له ، يودع فيه إخوانه ، ويوصيهم بالتمسك بحبل الله والمضي قدمًا في درب الجهاد حتى تحقيق النصر ، وألا تأخر للوراء ولا تراجع عن الوقوف في نصرة الدين والوطن والاصطفاف مع الجيش من أجل تحقيق ذلك والصبر عليه ، ويقسم المجاهد هشام بيرم يقسم بالله ست مرات بأنه سيتشهد ، وإخوته يوصونه برفع تحاياهم وأشواقهم لإخوتهم الذين سبقوا بالشهادة ، ويعرفون أنهم أي الشهداء ( يستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ألا خوف عليهم ولا هم يحزنون ) .

وأبلغ مافي هذا المشهد المستنير بنور الله ، المحفوف بالفتوحات أن هؤلاء الشباب وهم يسجلون أسماءهم في قوائم الشهداء بأنفسهم وهم ما يزالون على قيد الحياة ، فأي تمدد هذا الذي يصل مابين الحياة والموت ، وأي سكينة هذه التي تتغشاهم وهم يتحدثون عن ( الموت ) وكأنه اغتراب لتحصيل العلم والمال والرفاهية عند الآخرين !!

وأي ثقة تحمل صاحبها لدرجة تسجيل ( فديو ) يؤكد فيه أنه سيستشهد ، وأنه التسجيل الأخير له !!
ماذا لو لم يتحقق الموت ؟؟ ولم تحصل الشهادة ؟؟ ولم ينقضي العمر ؟؟ ولم يستوفي الأجل ؟؟

والإجابة عن هذه التساؤلات المحتملة هي عين ( العقل ) الذي نتحدث عنه ، أنه لا يصلح للقياس والمعايرة في هذا الشأن ، لأن الحقيقة والإشارة قد وصلت الى بريد هشام بيرم ،، مافي شك ،، وأن تأشيرة دخوله للجنة بإذن ربه قد استلمها ووضعها في محفظته أو قل حافظته ، ولذلك يظهر مطمئنا جدًا ، عليه من السكينة والوقار مالا يماثل احتضار الموت ودنو الأجل ، وكراهة الرحيل ، بل بدأ واثق الكلم موثوق الخبر ، تفاعل معه إخوته المجاهدون بما يليق من الجد والتلطف والتصديق ، وذلك بتحميله باقات الهدايا والتحايا وبث الأشواق ووعد اللقاء ، بل والتزاحم في التوقيتات والتراتيب لمقعد الشهادة القادمة .

هشام بيرم يقسم على الله بأنه سيستشهد ، وربه يكرمه ويبر قسمه ، ويصطفيه شهيدًا في معركة أم صميمة أمس الأول ، ويكرمه بأن يمضي له أمره ، ويصدق وعده ويحقق أمله ، وفوق ذلك كله يرفع درجته ، ويعلي مقداره بين الناس ، فيصبح حالي الذكر في الدنيا ، وعالي المقام في القناديل تحت عرش الرحمن ، بل تبلغ هذه الرسالة الخالدة آفاق كل نفس سُدت عليها منافذ النور ، وكل عقل معتد بإدراكه ، بأن فوق إدراك العقول ، مفازات وعوالم من الغيب تدرك بفتوحات رب العباد ، ووحي خاص ، وإلهام مختار تكريمًا لبعض عباد الله المُخلصِين ، حتى تفتح مثل هذه الحوادث نوافذ جديدة يتسلل منها نور البصيرة ليضئ مساحات الظلام في العقل البشري .

فيا أيها الشهيد الشاب ( المُحَدّث ) هشام بيرم ، قد أفقدت الموت خاصية الكراهية ، وأفقدت الدنيا بزخرفها وزينتها ، أفقدها خاصية الجاذبية والإثقال ،
وسلبت النفس البشرية نزعة الالتصاق بالأرض والتمسك بالمتاع فأصبحت خفيفًا تحلق بأجنحة العزم الى مقامات في جو السماء لم يَرُفّ فيها ولم يَصُفّ جناح طائر .
ياهشام بيرم يا ابن كتائب البراء ، ويا أخ المجاهدين ، وقائد جحفل عمليات الكتيبة الثالثة متحرك الشهيد أسامة اسطنبول

قد فزت ورب الكعبة ، فوزًا جهيرًا على رؤوس الدنيا كلها ، برها وفاجرها .
وتركت مع سائر إخوتك الشهداء ، تركتم ميراثًا ثمينًا ، يدخره الدهر زادُا للمتأخرين من أحفاد هذه الأمة المجاهدة .
فهنيئًا لكم الشهادة ، والتمخطر في ريع الجنات العوالي ، ورفقة الأحباء ،
البراؤون رٍفدُ جهاد ، وأخوة إسلام ، ورفقة مجد ، وصون عرض ، وعز الدنيا ، ونعيم الآخرة بإذن الله
ولله جنود السماوات والأرض
نصر من الله وفتح قريب

لواء ركن ( م) د. يونس محمود محمد
١٤ يوليو ٢٠٢٥م

——————-

Exit mobile version