كتبت شاعرة السودان الأولى “روضة الحاج”
أمَا آنَ يا وطني
أنْ تَلُمَّ اليتامى بحُضنِكَ
أنْ تمنحَ الثاكلاتِ القليلَ من الحُبِّ
أنْ تتجلَّى
أمامَ نواظرِنا مثلما نتمنَّاكَ
أبهى من البدرِ
في ليلةِ الاكتمالْ!
أمَا آنَ يا سيَّدي
أنْ تُعيدَ علينا نشيدَ البداياتِ
أنْ تطرقَ البابَ كالعيدِ
ثم تُقسِّمُ حلوى الحياةِ علينا
فقد قتلتنَا المراراتُ يا موطني
وتعِبنَا
من الموتِ والحُزنِ والحربِ والارتحالْ!
أمَا آنَ يا سيَّدَ النهرِ
والغابِ والبيدِ والبحرِ
والفلَواتِ العظيمةِ
أنْ تستريحَ قليلاً
بأعيُنِنَا
طالَ هذا السُرى
يا مُنى الروحِ
طالْ!
تعِبنَا
وضاقتْ بِنا الأرضُ
أرهقَنا أنَّ هذي النجومَ بأرضِكَ
عافتْ سَماكَ
وأنَّ الغناءَ النشازَ استطالْ
تعِبنَا
ونحن نُغنِّي
غداً تُشرقُ الشمسُ
تُشفى جِراحُكَ
يبتسمُ اليائسونَ الحزَانى
غداً تضحكُ النسوةُ الثاكلاتُ
غداً في المراجيحِ
يهتِفُ أطفالُكَ الرائعونَ
بأحلى أهازيجِهم
والغدُ الأخضرُ المُرتَجَى
ما يزالْ!
حملناكَ والله في مُقلِ الأعينِ الباكياتِ
وفي دمِنا
في الحنايا
عشقناكَ صيفاً خريفاً شتاءً
خلقنا ربيعاً من الحبِّ
فاكتملتْ روعةُ الكرنفالْ
ولكنَّنا قد تعِبنَا
وأبناؤك السمرُ ينطفئونَ
ويمضونَ
جيلاً فجيلاً خفافاً
وما ثمَّ أفْقٌ لنا للعبورِ
ولا ثمَّ حُلْمٌ لنا قد يُنالْ
عشقناكَ
فاغفرْ لنا
ربَّما كانَ عشقاً قليلاً عليكَ
وأنت الكثيرُ الكبيرُ المُحالْ!
تعِبنَا
فقُلْ أيُّها الوطنُ الأسمرُ الرحبُ
كيف الخلاصُ؟
وكم سوفَ نبقى نُرجِّي
صباحَكَ
يا وطني
يا بعيدَ المنالْ!؟
السمراء روضة الحاج
