إخلاء وسط الخرطوم أقره المخطط الهيكلي وحلم النيل الأستراتيجي ..!!
لابد من استثناء مراكز الحكم الثلاث: (القصر الجمهوري، مجلس الوزراء والأمانة العامة لحكومة الولاية)..!!
تقرير: خرطوم نيوز (صوت العاصمة)..
منطقة العاصمة القومية..
حين اكتمل تحرير الخرطوم فتحت صحيفة خرطوم نيوز (صوت العاصمة) ملف إعادة الإعمار وعودة مؤسسات الحكومة الاتحادية والولائية وفق رؤية المخطط الهيكلي لولاية الخرطوم حيث عقدت ورشة عمل صحفية شارك فيها ولاة سابقين للخرطوم وخبراء مهندسون واعلاميون مختصون، تناولت المخطط الهيكلي ولاية الخرطوم ومتغيرات ما بعد الحرب ..!!
خلفية تاريخية ..
المخطط الهيكلي هو خطة إستراتيجية عمرانية مداها الزمني 25 عاماً ممرحلة لخمس مراحل، كل مرحلة خمس سنوات، وهذا المخطط الهيكلي هو الخامس لولاية الخرطوم سبقته مخططات بدأت منذ 1912، أعقبه مخطط ثاني في العام 1958، والثالث 1976، والرابع 1990، والخامس 2008، والمخطط الأول هو الذي خطط المنطقة المركزية لولاية الخرطوم في الوضع الراهن من حدود النيل الأزرق من الناحية الشمالية، ومن الجنوبية السكة حديد، ومن الناحية الغربية تحدها غابة السنط، أما من الناحية الشرقية فتحدها السكة حديد، الآن هي المنطقة العسكرية، وهذا هو المخطط الحضري الأول الذي خطط الخرطوم تخطيطاً شبكياً..
توصيات الورشة..
خرجت توصيات الورشة على النحو التالي:
اولا: الاتفاق على مبدأ العودة الطوعية لاقرار اجراءات التعافي من اثار الحرب وتوفير الخدمات في مدة قصيرة المدى بمقرات المؤسسات القديمة..
ثانيا: عدم اعادة البناء والتشييد للمباني المدمرة في نفس مواقعها..
رابعا: اجراء صيانات طفيفة للمباني المتأثرة بالحرب على ان تكون غير مكلفة ماليا لاستئناف العمل المؤقت في المقرات القديمة..
خامسا: العمل فورا عقب المدة قصيرة المدى (التعافي من اثار الحرب) على تشكيل لجنة عليا من الحكومة الاتحادية وولاية الخرطوم ممثلة فيها المؤسسات العسكرية والمدنية والخبراء والمختصين لمراجعة المخطط الهيكلي 2008 – 2033م..
سادسا: اجراء قياس للانحرافات في المخطط الهيكلي حسب متغيرات اثار الحرب ..
سابعا: الشروع في نقل المؤسسات العسكرية والمدنية من وسط الخرطوم وابقاء بعض الوحدات الرمزية..
ثامنا: دمج عملية استدامة اعادة الاعمار بعد الخطة الاسعافية ( التعافي ) بموجهات المخطط الهيكلي (المحدث)..
تاسعا: ايقاف جميع عمليات التطوير العقاري في وسط الخرطوم الى حين اقرار المخطط الهيكلي (المحدث)..
عاشرا: اجراء جراحات عاجلة وفورية للاسواق خاصة اسواق امدرمان، سعد قشرة، بحري، لفة الكلاكلة، ستة الحاج يوسف، ليبيا، المركزي والمحلي الخرطوم، السجانة..
حادي عشر: اضافة قيد زمني جديد للمخطط الهيكلي وفق التحديث الجديد وقياس الانحرافات التي صاحبت التنفيذ في الفترة السابقة..
ثاني عشر: حشد الموارد المالية الاتحادية والولائية داخليا وخارجيا لاعادة الاعمار وفق المخطط الهيكلي (المحدث)..
لجنة تهيئة الخرطوم تأمر بالإخلاء..
القرار السيادي 153 منح اللجنة برئاسة عضو مجلس السيادة الفريق إبراهيم جابر إصدار أي قرارات تنسيقية بين الحكومة الاتحادية والقوات النظامية وحكومة ولاية الخرطوم وإزالة كافة التقاطعات التي تعيق تنفيذ برنامج العودة للخرطوم وتطبيع الحياة فيها، عضو مجلس السيادة مساعد القائد العام الفريق إبراهيم جابر رئيس اللجنة اصدر قراراً بنقل كل المقار الحكومية والوزارات إلى مواقع بديلة.. وقد شمل القرار نقل كل المقار الحكومية والوزارات ( دون إستثناء) الكائنة بمنطقة وسط الخرطوم في المنطقة الواقعة ما بين شارع النيل شمالاً وحتى السكة حديد جنوباً ومن المقرن غرباً حتى القيادة العامة شرقاً إلى مواقع بديلة بشرق وجنوب شرق الخرطوم ومواقع بمدينة بحري ومدينة أمدرمان. ونَصَّ القرار على التنسيق بين لجنة نقل المرافق الحكومية والمواقع الإستراتيجية بوسط الخرطوم ومجلس الوزراء لتسليم المقار الجديدة البديلة حسب (الكشف المرفق) مع القرار. وأوضح القرار أنه وبعد إكتمال عملية التسليم والتسلم للمقار الجديدة البديلة تشرع الوزارات فوراً في مباشرة عملها من تلك المواقع. كما وجّه القرار جميع مؤسسات الدولة والجهات الحكومية وضع هذا القرار موضع التنفيذ الفوري.
القرار رقم ( ٤٣ ) لسنة ٢٠٢٥م..
سمي القرار (نقل وزارات ومقار حكومية من وسط الخرطوم) وجاء إستناداً على قرار مجلس السيادة رقم (١٥٣) لسنة ٢٠٢٥م والقاضي بتشكيل اللجنة العليا لتهيئة البيئة المناسبة لعودة المواطنين لولاية الخرطوم وبناءً على توصية لجنة نقل المرافق الحكومية والمواقع الإستراتيجية بوسط الخرطوم إلى مواقع بديلة بولاية الخرطوم والمشكلة بموجب القرار رقم (٢١) و (٤٠) لسنة ٢٠٢٥م والتي راعت إختيار المواقع الجديدة لتكون أقل تكلفة في الصيانة ونسبة للتكلفة العالية لصيانة المباني الخاصة بالوزارات والمؤسسات الحكومية للدمار الذي طالها بسبب الحرب وحوجة الدولة في الوقت الراهن لتخصيص موازنات لمقابلة إحتياجات المواطنين وتوفير الخدمات الاساسية لهم من كهرباء ومياه وتعليم ومستشفيات ،،، أصدر القرار الآتي نصه : نقل وزارات ومقار حكومية من وسط الخرطوم..
(۱) بهذا فقد تقرر واعتبارا من اليوم ۱۹ أغسطس ٢٠٢٥ م الموافق ٢٥ من شهر صفر لسنة ١٤٤٧هـ نقل كل المقار الحكومية والوزارات ( دون إستثناء ) الكائنة بمنطقة وسط الخرطوم في المنطقة الواقعة ما بين شارع النيل شمالاً وحتى السكة حديد جنوباً ومن المقرن غرباً حتى القيادة العامة شرقاً إلى مواقع بديلة بشرق وجنوب شرق الخرطوم ومواقع بمدينة بحري ومدينة أمدرمان .
(۲) يتم التنسيق بين لجنة نقل المرافق الحكومية والمواقع الإستراتيجية بوسط الخرطوم ومجلس الوزراء لتسليم المقار الجديدة البديلة حسب الكشف المرفق بهذا القرار .
(۳) بعد إكتمال عملية التسليم والتسلم للمقار الجديدة البديلة تشرع الوزارات فوراً في مباشرة عملها من تلك المواقع .
(٤) على جميع مؤسسات الدولة والجهات الحكومية وضع هذا القرار موضع التنفيذ الفوري ..
إخلاء العاصمة وهيبة الجيش..
كتب البروفسور عبدالملك النعيم مدير الإعلام بجامعة الخرطوم الكاتب الصحفي المعروف حول القرار من واقع أن الأمن يمثل أكبر الهواجس للدولة بعد أن تم تحرير الخرطوم وعدد من المدن السودانية التي كانت منتهكة بواسطة مليشيا الجنجويد والشتات الافريقي من المرتزقة الذين استأجرتهم دولة الامارات لترويع وقتل المواطن الآمن في داره.. كما يمثل تحقيق الأمن المحفز الرئيسي للعودة الطوعية للمواطنين الذي لجأوا خارج الحدود بحثا عن الأمن أو نزحوا الي ولايات السودان الآمنة وذاقوا الأمرين من ويلات الحرب..
العودة المتزايدة للخرطوم..
وذهب النعيم إلى أن اجتهاد الحكومة وبعض المؤسسات والخيرين في تسيير الرحلات من مصر وبدعم كبير من الحكومة المصرية ومن السعودية وبدعم ايضا من حكومة خادم الحرمين الي السودان بمختلف ولاياته تخفيفا علي المواطن السوداني الذي فقد كل ما يملك بسبب هذه الحرب وجاء ذلك تزامنا مع اعلان رئيس مجلس الوزراء الدكتور كامل إدريس عن تسيير الحكومة لخمسمائة بص لنقل السودانيين من مصر الي السودان، هذه العودة الطوعية والمدعومة حكوميا لابد أن تقابلها جملة من الخدمات بالداخل وأولها الأمن ثم المياه والكهرباء وخدمات الصحة والتعليم فضلا عن إحتياجات المواطن اليومية من مأكل ومشرب..
استعادة الأمن بالأحياء..
وقال النعيم أن من الاولويات استعادة أمن الأحياء بانشاء مراكز الارتكاز وتنشيط وتأهيل مراكز الشرطة في الأحياء وانشاء مراكز لبسط الامن في المواقع الاكثر تضررا وملاحقة ما تبقي من المتعاونين واصحاب تسعة طويلة لبث المزيد من الطمأنينة وسط المواطنين ولتشجيعهم للعودة الي منازلهم.. ومصادرة وايقاف كل الدراجات النارية التي ظلت تستخدم ضمن ادوات الجريمة لأكثر من ثلاث أعوام..
سيادة الأمن أولوية..
لعل سيادة الأمن تعد من أولويات لوازم العودة ويحسب اكتظاظ وسط الخرطوم بسبب تواجد مؤسسات الدولة في منطقة كان من الممكن أن تكون أكبر واجهة سياحية في أفريقيا والمنطقة العربية ولكن كانت من أكبر الهواجس الأمنية نتيجة الزحام وتجمهر المواطنين طلبا للخدمات الحكومية..
تحديات تنفيذ المخطط الهيكلي لولاية الخرطوم..
الدكتور مصعب برير الخبير في شؤون البيئة الكاتب الصحفي، أشار إلى أن الورشة التى نظمتها صحيفة خرطوم نيوز بعنوان (المخطط الهيكلي ولاية الخرطوم ومتغيرات ما بعد الحرب) والتى شارك فيها ولاة وخبراء ومختصون ، يبدو أن مخرجاتها القيمة يتم تنفيذها حرفيا الان بواسطة حكومة ولاية الخرطوم وفقها الله لما فيه خير البلاد والعباد ..
وأشار برير إلى أهمية هذا التوجه الجديد على متخذى القرار ببلادنا وانتظرناه طويلا لأن المخطط الهيكلي لولاية الخرطوم من أهم الأدوات الاستراتيجية لتنظيم النمو العمراني وضبط التوسع السكاني والخدماتي في عاصمة السودان. غير أن تنفيذ هذا المخطط يواجه جملة من التحديات التي تجعل عملية إنزاله إلى أرض الواقع أكثر تعقيداً مما هو متصور على الورق.
وقال مصعب برير أن أول هذه التحديات هو النمو السكاني المتسارع نتيجة للهجرة الداخلية والنزوح بسبب النزاعات، مما يؤدي إلى ضغط متزايد على الخدمات الأساسية كالمياه والكهرباء والصرف الصحي. هذا النمو غير المخطط يخلق أحياء عشوائية تتوسع على حساب الأراضي الزراعية والمناطق المخصصة للمشروعات التنموية.
ثاني التحديات يكمن في ضعف التمويل والاستثمارات اللازمة لتنفيذ مشاريع البنية التحتية المرتبطة بالمخطط، حيث إن الاعتماد على الموارد الحكومية المحدودة لا يغطي الاحتياجات الفعلية. كما أن ضعف الشراكات مع القطاع الخاص والمنظمات الدولية يقلل من فرص الإسراع في التنفيذ.
ومن التحديات أيضاً التداخل المؤسسي وضعف التنسيق بين الجهات الحكومية المختلفة، إذ غالباً ما تتضارب القرارات بين الوزارات والوحدات المحلية، ما يؤدي إلى تعطيل المشاريع أو تنفيذها بطريقة مجزأة لا تحقق الأهداف الكلية للمخطط. إضافة إلى ذلك، يواجه المخطط صعوبة في ضبط استخدامات الأراضي نتيجة لضعف الرقابة على التعديات والتوسع غير القانوني، بجانب مشاكل التعويضات الخاصة بالمواطنين المتأثرين بعمليات التخطيط، والتي تُحدث توتراً اجتماعياً يعرقل العمل.
الوضع الاقتصادي..
ويرى مصعب ان الوضع الاقتصادي العام والتقلبات السياسية يشكلان تحدياً كبيراً، حيث إن حالة عدم الاستقرار تقلل من استدامة تنفيذ المشاريع وتضعف ثقة المستثمرين في المشاركة. وخلاصة القول، إن تنفيذ المخطط الهيكلي لولاية الخرطوم يتطلب معالجة هذه التحديات عبر إصلاح مؤسسي، وتعزيز التمويل، وتشجيع الشراكات، وتفعيل التشريعات، لضمان أن تتحول الخرطوم إلى مدينة منظمة قادرة على استيعاب النمو المستقبلي بصورة مستدامة .. واخيرا، يجب اجراء هذه الجراحات الصعبة الان لتعود الخرطوم معافاة من التشوهات الهيكلية وفوضى التخطيط والتمدد العشوائى وسيادة مافيا الاراضى التى كبلتها حد الاختناق قبل الحرب …
إفراغ وسط الخرطوم لحظة تاريخية وخطوة استراتيجية..
الدكتور إسماعيل الحكيم مدير العلاقات الخارجية بوكالة السودان للأنباء (سونا) الكاتب الصحفي ذكر أن قرار إفراغ وسط الخرطوم من كافة المؤسسات الحكومية في لحظة تاريخية وكخطوة استراتيجية تحمل بين طياتها أبعاداً عميقة في التخطيط والإعمار وإعادة تشكيل وجه العاصمة لما بعد حرب الكرامة . إذ إنه قرار لا يُقاس بآثاره الآنية فحسب، بل يُنظر إليه كإعلان ميلادٍ لعاصمةٍ جديدة تنهض على أسس حديثة من العلمية والتحضر ، وتستلهم من أخطاء الماضي لتستجيب لتحديات الحاضر وتطلعات المستقبل..
تكدس وسط العاصمة..
وحسب رؤية الحكيم ان وسط الخرطوم يشكل نموذجاً لتكدس الخدمات وتنازع المصالح وضيق الأفق التخطيطي، حيث تمركزت غالبية المؤسسات السيادية والخدمية في بقعة جغرافية ضيقة كانت لا تفي بحاجة مدينة، ناهيك عن بلد متعدد الأقاليم والولايات والثقافات. ومن هنا تنبع أهمية القرار، إذ يفتح الباب واسعاً أمام إعادة توزيع تلك المؤسسات على خارطة الوطن الممتد بما يقرّب الخدمات من المواطن ويوسع من دائرة التنمية ويحقق العدالة في توزيع الموارد. إن الاستفادة من موقع وسط الخرطوم، بمكانته الرمزية والتاريخية، لتأسيس قلب حضاري نابض للعاصمة، يمثل فرصة فريدة لإعادة تخطيط المدينة على أسس علمية ومعايير عمرانية حديثة تراعي الجمال والكفاءة والاستدامة. فالعاصمة ليست مقراً للحكم فقط ، إنما هي مرآة لوعي الدولة ومؤشر على نضج تجربتها التنموية.
ومن بين أبرز أبعاد هذا القرار، ما يحمله من رسائل اقتصادية مشجعة للاستثمار المحلي والأجنبي. فإخلاء مساحات حيوية من التكدس الحكومي يفتح الباب واسعاً أمام مشاريع استثمارية ضخمة، قادرة على تحريك عجلة الاقتصاد وتوفير فرص العمل، ورفد الخزينة العامة بموارد من العملات الصعبة، في وقت يحتاج فيه السودان إلى كل نافذة تفتح على الأمل.
تحديات رغم وجاهة ومنطق القرار..
من الهواجس التي تطرق إليها مصعب البرير أنه ورغم وجاهة القرار وسلامة منطقه إلا أن التحدي الحقيقي في كيفية التنفيذ يظل قائماً . فالمسألة لا تحتمل ارتجالاً ولا تجريبياً . فالمطلوب هو تخطيط محكم وإرادة سياسية قوية وإدارة رشيدة تراعي الجودة وتحفظ الحقوق وتلتزم بالمسؤولية الأخلاقية والوطنية. كما يجب أن تتم العملية بشفافية وبمشاركة الخبراء وأصحاب المصلحة وذلك لضمان تحقيق الأهداف المعلنة دون أن تقع في فخ التكرار أو الاستعجال المخلّ.. إن إعادة تخطيط الخرطوم اليوم ليست نافلةً عمرانياً، بل هي ضرورة وجودية لدولة تسعى للنهوض من ركام الحرب إلى آفاق السلام والتنمية. ولعلّ هذا القرار، بما يحمله من دلالات، يشكل أولى الخطوات في طريق طويل نحو عاصمة جديرة بمستقبل السودان وأبنائه. بإذن الله تعالى..
خرطوم نيوز
