لا زال السودان يتمتع بخاصية الحكم الفيدرالي، مستويات الحكم الثلاثة هي مكون ممارسة السلطة في البلاد، (المستوى الاتحادي، المستوى الولائي، المستوى المحلي). مع الجرح والتعديل التي ادخلتها الوثيقة الدستورية ظلت تلك المكونات تعمل في إطار الفترة الانتقالية وما قبل الحرب، وبعد الحرب في تواصل مهامها لتقديم الخدمات المعنية بكل مستوى من مستويات الحكم حسب المهام والاختصاصات..
ولاية الخرطوم عقب التحرير..
كان لزاما على حكومة الخرطوم الاستعانة بكل مستويات الحكم في السودان للوقوف بجانبها حتى تنهض من كبوتها وما تركته المليشيا المتمردة من جراحات عميقة لا زال بعضها ينزف. أطلقت النداءات وسارت في درب النهوض بالامكانيات المتاحة ماتبقى من موارد وأصول الا ان الخراب كبير وما أصاب البني التحتية جسيم والتدمير الممنهج للمليشيا المتمردة طال كل المؤسسات..
مجلسا السيادة والوزراء (المستوى الأول) في الحكم..
أثناء وبعد الحرب وفي مرحلة الإعمار لم يسجل المجلس السيادي (كمستوى اول في الحكم) بكامل هيئته (العسكري، المدني، شركاء السلام) لم يسجل غيابا عن اسناد الخرطوم، زيارات متكررة ودعم متصل قدمه أعضاء المجلس بدءا من رئيس مجلس السيادة القائد العام الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان الذي قام بجولات ميدانية داخل الولاية متفقدا أهلها ودعم حكومتها وإصدار التوجيهات الرئاسية لاسناد تهيئة الخرطوم لعودة المواطنين الذي تكلل باصداره القرار 153، تشكيل اللجنة العليا لإزالة كافة التقاطعات وتقديم الخدمات والتنسيق بين الأجهزة الاتحادية والعسكرية والولائية بشأن العودة للخرطوم وقد قطعت اللجنة بعون وحركة ديناميكية من والى الخرطوم أحمد عثمان حمزة وأعضاء حكومته الذين التقطوا القفاز للاستفادة من السند الاتحادي المتعاظم..
رجعنالك..
الفريق مالك عقار نائب رئيس المجلس السيادي شكل حضورا من العاصمة واصفا مجيئه بأغنية البلابل الشهيرة (رجعنالك)، أعضاء السيادي الفريق أول شمس الدين وكباشي، الفريق أول ياسر العطا، الفريق إبراهيم جابر زاروا ولاية الخرطوم في اوقات متعددة أثناء وبعد الحرب وخلال مرحلة الإعمار وتطبيع الحياة بالخرطوم.
المدنيين وشركاء السلام..
أعضاء المجلس السيادي من المدنيين وشركاء السلام لم ينقطعوا من التواصل مع حكومة الولاية لتقديم السند في استعادة الخدمات كل بسهمه ومشاركته في سلة دعم المواطنين وانشطة العودة الطوعية ..
مجلس الوزراء المكون الثاني للمستوى الأول..
ذلك الدور الذي قام به المجلس السيادي لم ينفصل عن المكون الثاني في المستوى الأول في الحكم الذي يجسده رئيس وأعضاء المجلس السيادي فقد تقاطر كل الطاقم الوزاري الاتحادي في رحلات ماكوكية فردية لكل وزير على حدا وصلوا العاصمة والتقوا والي وحكومة الخرطوم للوقوف على الجهود المتخصصة للدفع بسهمها من أجل عودة الحياة بالخرطوم وتلمس الاحتياجات وتفقد مقارهم القديمة التي تضررت ونهبت وخربت من المليشيا المتمردة وإجراء عمليات التنسيق لممارسة مهامهم الجزئية من داخل الخرطوم، أكثر من ٢٦ وزير ووكيل وزارة واكثر من ٣٤ مؤسسة اتحادية يممت صوب الخرطوم في إطار النداء الذي أطلقه والي الخرطوم أحمد عثمان حمزة في مطلع يونيو ٢٠٢٥ الماضي لعودة المؤسسات الاتحادية إلى الخرطوم واعقبه توجيهات قطع الاجازة المفتوحة للعاملين بالولاية ومزاولة أعمالهم في منتصف يونيو الماضي وقد تحقق الأمر وعاد العاملين وكانت عودتهم مصباح منير لعودة المستوى الاتحادي إلى الخرطوم..
انعقاد لجنة القرار السيادي ١٥٣..
كللت تلك الجهود بانعقاد ثلاثة دورات للجنة العليا لتهيئة العودة إلى ولاية الخرطوم برئاسة الفريق ابراهيم جابر التي ابتدرت أعمالها بزيارة كريمة من أعضاء اللجنة للانعقاد الأول من داخل مقر ولاية الخرطوم بمشاركة هي الأولى للدكتور كامل إدريس رئيس مجلس الوزراء منذ توليه منصب رئيس الوزارة و قد كان لها عظيم الأثر في تدشين عمل اللجنة و لجانها الفرعية..
تشريف الخرطوم بلقاء حكومة الأمل الأول..
أعقب تدشين عمل اللجنة العليا لتهيئة الخرطوم للعودة تشريف ولاية الخرطوم بانعقاد الجلسة الأولى لمجلس الوزراء الاتحادي بكامل تشكيله عقب إكتمال مراسم أداء القسم في أول اجتماع له في الخرطوم منذ اندلاع الحرب، حيث عقدت حكومة الامل المدنية برئاسة رئيس الوزراء دكتور كامل إدريس الثلاثاء ٢٦ أغسطس ٢٠٢٥، اول جلسة رسمية لها في العاصمة الخرطوم بعد تشكيلها وذلك منذ اندلاع الحرب في أبريل 2023. ويأتي هذا الاجتماع بعد إعلان رئيس الجهاز التنفيذي عن خطة انتقال الحكومة إلى الخرطوم في شهر اكتوبر أو نوفمبر المقبلين ، عقب فترة طويلة من إدارة شؤون البلاد من العاصمة الإدارية بورتسودان.
وعقدت الجلسة بعد اكتمال التشكيل الوزاري، حيث أدى وزيرا الصحة والثروة الحيوانية القسم قبل يومين، ما مهّد لانطلاق أول اجتماع فعلي للحكومة الاتحادية من داخل الخرطوم. وتعد هذه الجلسة خطوة رمزية نحو إعادة انتقال مؤسسات الدولة في العاصمة، وسط ترتيبات أمنية متواصلة لضمان استقرارها بعد استعادتها من قبضة المليشيا المتمردة. وناقش الاجتماع الذي التأم بقاعة أمانة حكومة ولاية الخرطوم بحضور أعضاء حكومة الأمل خطط كل الوزارات للعام الحالي بالتركيز على خدمات المواطنين ومعاشهم واعادة الأعمار وآمن المواطن واعادة الأعمار، وتامين العودة الطوعية للمواطنين..
ولاية الخرطوم والولايات الأخرى (المستوى الثاني) في الحكم..
قدم المستوى الثاني للحكم والمتمثل في حكومة ووزارات الولايات بما فيها ولاية الخرطوم ذات نفسها سند ودعم قوي لمعركة الكرامة إذ قدمت حكومة الخرطوم وجود دائم طوال فترة الحرب التي لم يغادر واليها وظل صامدا في تقديم العون والخدمات للمواطنين الذين أثروا البقاء منازلهم وظل طاقم الوالي الوزاري بحكومة الولاية في انعقاد دائم لمتابعة استعادة الخدمات بالمناطق المحررة الأمانة العامة، المالية، التنمية الاجتماعية، البني التحتية، التخطيط العمراني، الصناعة والتجارة، الزراعة، المجالس العليا المتخصصة، الحكم المحلي، البيئة، التنمية البشرية، الشباب والرياضة. الهيئات الدواوين والأجهزة، كان لكل سهم في مسيرة العطاء..
الولايات ورد الجميل للخرطوم..
لم تغيب الولايات عن المشهد فقد زار الخرطوم ( ١١) والي من ولايات السودان يحملون قوافل الدعم والاسناد وشارك عدد من الولاة في انعقاد الجلسة الأولى لمجلس وزراء حكومة الأمل في رمزية ترسل رسالة الجسد الواحد للولايات، ففي اطار إسناد جهود ولاية الخرطوم عبر أعمال اللجنة العليا لتهيئة البيئة العامة لعودة المواطنين لولاية الخرطوم إستقبل والي الخرطوم الأستاذ أحمد عثمان حمزة اليوم ولاة الولايات الذين وصلوا الخرطوم وإعلان دعمهم تضامنهم، وهم والي البحر الأحمر الفريق الركن مصطفى محمد نور ووالي القضارف الفريق الركن محمد أحمد حسن ووالي الشمالية اللواء ركن معاش عبد الرحمن عبد الحميد، ورحب والي الخرطوم بزيارات الولاة مما يؤكد مكانة ولاية الخرطوم ورمزيتها القومية باعتبار أنها تحتضن العاصمة الوطنية وقال الوالي أن دعم الولايات لولايته لم يتوقف طيلة فترة الحرب باعتبار أنها من الولايات التي تأثرت بالحرب وفقدت اغلب مواردها مما يؤكد تكافل الولايات وان المليشيا لن تستطيع هزيمة الارادة والعزيمة الوطنية. من جانبهم أكد ولاة الولايات ان الدافع الوطني والاهمية القومية لدور الخرطوم تستحق الدعم والمؤازرة والوقوف معها..
دور التنسيق بين الخرطوم والولايات كان كبيرا أثناء وبعد الحرب وخلال هذه المرحلة من إعادة الإعمار خاصة في اسناد العملية التعليمية وتنسيب العاملين بولاية الخرطوم الوافدين إلى الولايات بسبب الحرب في دواوين الخدمة بكل ولاية إضافة إلى تقديم العون والإيواء للوافدين..
المستوى الثالث في الحكم (المحليات)..
قدمت محليات الجوار المتاخمة لولاية الخرطوم تنسيق عال المستوى مع المحليات المحادة في استيعاب النازحين وإيجاد المأوى وإجراء التدخلات لتفقد أحوالهم وفتحت مساحات للتعاون الإداري التنفيذي بين مستوى المحليات خاصة محليات (شندي، المتمة، القطنية، المناقل، حلفا الجديدة، مدني قبل بالهجوم الغادر) وقد كان للجان المجتمعية والمنظمات المحلية إثر كبير في امتصاص الصدمة الأولى..
تجربة رائدة..
تضافر الجهود والتنسيق المستمر بين مستويات الحكم الثلاثة كان العلامة الفارقة في سجل استعادة الحياة بالعاصمة الخرطوم ذلك العطاء لم يأتي عن فراغ لطالما كان لولاية الخرطوم الأم الرؤوم ايادي بيضاء في كل الملمات والمحن التي اجتاحت المؤسسات الاتحادية والولائية والمحلية..
خرطوم نيوز
