كتبت شاعرة السودان الأولى “روضة الحاج”:
قرّرتُ في العامِ الجديدْ
ألا أعكِّرَ صفوَ نفسيَ مُطلقاً
أن أحتويها
أن أُدللِّها
فقد أتعبتُها حتى وَهَتْ
لكنَّها ظلَّت
على ذاتِ العهودْ!
قرّرتُ في العامِ الجديدْ
ألَّا أُبرِّرَ أيَّ شيءْ
ألَّا أُفسِّرَ أيَّ شيء
ألَّا أُراهِنَ في الحياةِ
على قريبٍ
أو بعيدْ!
ألَّا أردَّ على مكالمةٍ
ستكسِرُ خاطري مَثَلاً
وألَّا أشتري من باعني
ألَّا أُجامِلَ
مَنْ يُضايقُني وجودي بينهم
مَثلَاً
فإنِّي قد تعبتُ
ولن أزيدْ!
قرّرتُ في العامِ الجديدْ
ألَّا أقولَ لراحلٍ عنّي
انتظرْ!
مهما غَلَا
من شاءَ أن يبقى
ففي عيني
ومن شاءَ الرحيلَ
أعَنتُه
ما دام ذلك ما يُريدْ!
قرّرتُ في العامِ الجديدْ
ألَّا أفتِّشَ في عيونِ الناسِ
عنِّي!
لن أرانيَ جيّداً
مرآةُ ذاتي
طالما صدَقتْ معي
فكأنّما بَصَري حديدْ!
ألَّا أُرجِّي من سواي
سعادةً
فرحاً
غماماً ماطراً
يكفي انتظارِيهم
سأُسعِدنُي
وأضحكُ من حكاياتي
كما أبكي معي
فقد اكتفيتُ من الجحودْ!
قرّرتُ في العامِ الجديدْ
أن أستريحَ من العناءاتِ التي
شرِبتْ رجاءاتي
وعاثَتْ في دمي
سهَرَاً وأسئلةً
وساقتني إلى المنفى من المنفى
وأَلقَتْ بي إلى هذي الصُهودْ
قرّرتُ في العامِ الجديدْ
ألَّا أبدِّدَ طاقتي
في الركضِ خلفَ سرابِهم
في البحثِ عن أسبابِهم
وحضورهِم وغيابِهم
وملامِهم وعتابِهم
وسؤالِ نفسيَ ما بِهم؟
فالعمرُ محضُ سحائبٍ عجلى
تمرُّ ولا تعودْ!
قرّرتُ في العامِ الجديدْ
أنَّي سأغفرُ دائماً
لي
للذين أُحبُّهم
للعابرينَ
وللصدَاقَاتِ التي خذلَتْ يقيني
للذي أكملتُه بتخيُّلي
يبقى التغافلُ مهرباً أسمَى
ومِفتاحاً
يُحرِّرُ هذه الروحَ التي
رسَفتْ طويلاً في القيودْ!
قرّرتُ في العامِ الجديدْ
أنِّي سأتركُ ما مضى خلفي
سأرمي ثِقْلَه عن كاهِلي
وأسيرُ في هذي الحياةِ خفيفةً
كي أستعيدَ سلامَ ذاتي
مرةً أُخرى
وبعضَ طفولتي
وسأستعيدْ!
قرّرتُ في العام الجديدْ
أنْ أبدأَ العمرَ الجديدْ!
السمراء روضة الحاج
رصد وتحرير – “النيلين”
