أغرب قرار في العالم

[JUSTIFY]
أغرب قرار في العالم

المعلوم بالضرورة أن التعليم الحكومي مجاني، وبالضرورة أيضاً معلوم أن التعليم في القطاع المدرسي الحكومي غير مجاني. والغريب أن التناقض هذا قائم منذ أكثر من عقد، عملياً ليس هنالك تعليم مجاني، نظرياً التعليم مجاني.
المدارس تابعة للمحليات والمحليات تُجبي الجيوب وتدفع للمدارس، لكنها لا تدفع كل شيء، ربما لأنها ليس لديها (قوة تحصيلية) كافية ذات أذرع طويلة تمتد أصابعها إلى مزيد من الجيوب لتُجبي أكثر.
الوزارة تحرض المواطن أن لا يدفع (مليماً أحمر) للمدرسة، لكن المواطن سيدفع وإلاّ فلت يدرس ابنك (يكون موجوداً) في المدرسةن لكنه لن يدرس شيئاً!
وما بين المدارس والمحليات والوزارة تخرج المجالس التربوية (مجالس الآباء)، وهذه هي الآلية التي تعتبر ذراع الجبايات المدرسية الطويلة، كما أنها أشبه بقميص عثمان كما اشتد النقد إلى الوزارة بأن مدارسها لا تنفذ قراراتها القاضية بمجانية التعليم، وأنها تفرض رسوماً على التلاميذ، تنكر الوزارة وتنكر المدارس، ويضعان القبعة المثقوبة على رأس المجالس التربوية.
(اللولة) أعلاه لم تعد ضرورية للقول بأن التعليم الحكومي غير مجاني، الآن صار ممكناً لكل من يريد أن إطلاق هذه الحقيقة في الفضاء دون خشية أن ينسب المعلومة إلى والي الخرطوم وأمصارها شخصياً، فالرجل (إن لم تكن الصحف كعادتها قد انتزعت حديثه من السياق أو فسرته على نحو خاطئ) أصدر ضمن قراراته الداعمة للمعاشيين قراراً يقضي بتمتع أبناء المعاشيين بمجانية التعليم في المدارس الحكومية.
هذا القرار الخطير الذي اتخذه والي الخرطوم، له تفسيران دون ثالث، إما أن ذلك اعتراف بأن التعليم الحكومي (بفلوس) لذا اقتضي أمر اتخاذ قرار بتمتع أبناء المعاشيين بمجانية فيه، وإما أن التعليم مجاني بالفعل (وهو ليس كذلك بالفعل)، ويكون هذا أغرب قرار سياسي في العالم أجمع.

[/JUSTIFY]

الحصة الأولى – صحيفة اليوم التالي

Exit mobile version