السبع وصايا

[JUSTIFY]
السبع وصايا

يحكى أن الكل قتلة ومجرمون، الجميع هاربون، الكل متورطون في قضايا وجرائم تتوالد عنها جرائم تقود إلى جرائم منذ قتل الأب صاحب الجثة المختفية مرورا بقتل القرد الحيوان البريء، عبورا بتسريع موت المسنين والعاجزين جنسيا ببيعهم وهم (النشوة)، ولا ينتهي الموت حتى بقتل أكثر الناس إيمانا بالشيخة المزعومة بوسي؛ ابنة الشيخ المزعوم نفيسة وشقيقة (إم إم) المتوهم أيضا أنها شيخة.. موت وقتل وإثارة وحب واختطاف ومقامات شيوخ وذكر روحاني، ومساجد وصلوات ونساء جميلات، وداعرات فاجرات، وشرطة قمعية، وأرواح إنسانية محطمة وتائهة، الجميع مدان، والجميع يتدهور في بحر الخطيئة ويغرق في الذنوب التي تنضب، إلا أن المشاهد مأخوذ النفس يجد نفسه مرغما على التعاطف والشفقة مع وعلى هؤلاء المجرمين السفلة أبناء سيد نفيسة في مسلسل (السبع وصايا).
قال الراوي: مسلسل (السبع وصايا) تأليف محمد أمين راضي، وإخراج خالد مرعي، وبطولة مجموعة من الوجوه الشابة “رانيا يوسف، هيثم أحمد زكي، هنا شيحة، أيتن عامر، صبري فواز، ناهد السباعي، محمد شاهين، والممثل القدير أحمد فؤاد سليم”؛ هذا العمل الدرامي الفذ يعد بكل المقاييس نقلة نوعية في الدراما المصرية التقليدية التي تعرض كل عام في تنافس شرس خلال شهر رمضان، فلأول مرة على الأقل في السنوات الأخيرة يلامس المشاهد الحصيف هذه البصمة الواضحة لمخرج العمل، هذا الوجود المحسوس لرؤية المؤلف المشتغلة بحرفية وذكاء درامي رفيع من المخرج راضي والمنعكسة في الأداء الرفيع المشوق لكل أبطال العمل (الجميع دور بطولة) وتمكنهم من تشرب الروح الفلسفية لهذه الدراما النقدية ونقلها بشفافية دون تعقيد وبأداء يقربها من أي مشاهد متوقع.
قال الراوي: (السبع وصايا)، اشتغل في منطقة حساسة جدا، وهي ما يتعلق ببنية الوعي العربي أو الوعي الإسلامي، ومحاولة نقد وتشريح هذه البنية الأسطورية الماضوية الغيبية، وتقديم هذا النقد من خلال شخوص مجتمعية عادية تمثل الشرائح الغالبة في المجتمعات العربية الإسلامية، ويأتي كل ذلك في قالب تشويقي درامي مراوغ ما بين البوليسية (الجريمة) ودراما الحب والفقر والانسحاق؛ دراما النفس البشرية وهي تنقب في ظلام روحها وتتخبط في توهان الجهل المحيط بها من كل اتجاه.
قال الراوي: قصة سيد نفيسة، الأب الذي قتله أبناؤه ليرثوه، وجثته التي تختفي، والهروب الكبير لهؤلاء الأبناء وانتشارهم في (الأرض) وما مارسوه من إجرام وخطايا خلال هذا الهروب، وذلك اللجوء المحزن لمقامات الأولياء؛ والإيمان (الغريب) بأنهم مستلبون في طريق (الخطيئة الجريمة)، وتلك الأناشيد الصوفية المؤداة بعمق مؤثر وآسر، وذلك الانخداع الكبير الذي ينغمس فيه الجميع بينما الحياة تمضي متدهورة ومتراجعة إلى وراء الوراء!
ختم الراوي؛ قال: لا زالت حلقات المسلسل تعرض بالطبع، ويتوقع أن تنتهي مع انتهاء رمضان كعادة مسلسلات هذا الشهر.
استدرك الراوي؛ قال: ما يقوله المسلسل باختصار (واقعكم متخلف ومظلم يا ناس، فانتبهوا).

[/JUSTIFY]

أساطير صغيرة – صحيفة اليوم التالي

Exit mobile version