“مشار”.. ما الجديد يا رجل؟

[JUSTIFY]
“مشار”.. ما الجديد يا رجل؟

كنتُ في يناير من العام الجاري عاكفاً على إعداد (بروفايل) لـ (رياك مشار) نُشر في ذات الشهر على يوميتنا هذه تحت عنوان (كورامون الدولة الحديثة: رياك مشار.. المعارضة بعصا الكجور)، وأثناء عكوفي على سيرة الرجل، ذُهلت أنه ينتمي لفصيلة من الساسيين والعسكريين القلقين (وكأن الريح تحتهم) على حد (شعر) المتنبئ.

(رياك مشار تيني)، الذي تخرج في كلية الهندسة بجامعة الخرطوم، ثم درس الهندسة الصناعية بالجامعات البريطانيّة، ليعود مُدرِّساً قبل أن يلتحق بالحركة الشعبية لتحرير السودان 1983م، ثم شقّ عليها عصا الطاعة موقعاً اتفاقية الخرطوم للسلام 1997م، وصاعداً إلى منصب مساعد رئيس الجمهورية، ورئيس مجلس تنسيق ولايات الجنوب، لكنه سرعان ما نفض يده عن حكومة الخرطوم وعاد متمرداً في العام 2000م.

وكنت استعرضت في ذاك (البروفايل) قطوفاً من كتاب (حرب إيما)، لـ (ديبورا سكروقين)، وإيما هي زوجة مشار الانجليزية التي لقت حتفها في حادث تحطم طائرة وهي حامل، واحتوى الكتاب على الكثير من الأسرار التي كشفها لها زوجها القيادي. أسرار تجعل الكتابة عن الرجل فيها بعض الروح وكثير من الحقائق.

سيرة مشار (السياسي والعسكري) الماكر الذي يُجيد العمل التاكتيكي، ويفشل في عقدِ تحالفاتٍ إستراتيجية تجعله يبدو كقائدٍ دون مبدأ. قائد لا يُمكن الوثوق به، إذ كثيراً ما ينكص عنها، فعلها من الحكومة، وقرنق، ولام أكول، وسلفا كير.

مشار الذي ربما يحل بالخرطوم غداً، ظل وهو (نائب) لعدوة الراهن رئيس دولة الجنوب، يصف أداء إدارة (سلفا كير) التي كان هو على رأسها بالعجز والضعف ويكيل الاتّهامات للخرطوم بإفقار الدولة الجديدة، خاصّة في مجال تصدير النفط، بهدف حرمانها من تأسيس دولة حديثة وبناء مؤسسات حُكم قويّة، ماذا يريد أن يفعل الآن؟

هل يريد اتفاقاً يعود بموجبه نائباً لـ (سلفا)، أم يريد تحالفاً مع حكومة جارة سرعان ما سينقلب عنه ويفضه كعادته؟ أم يريد إيقاف الحرب اللعينة التي قضت على المدنيين العزل من الأطفال والنساء؟ وهل سمع بخطر مجاعة وشيكة بانت نواجذها في وطنه، وأنها ستكون الأسوأ في أفريقيا بحسب الأمم المتحده؟

ما لم يمضيا (مشار وسلفا) معاً إلى وقف الحرب، والعمل على السيطرة على المجاعة، وحفظ أمن مواطنيه وصيانة أرواحهم وأعراضهم، فإن زيارته للخرطوم أو (واق الواق) لا معنى لها ولا ثمار، وإذا كانت زيارته من أجل تفعيل اتفاقيته مع (كير) أو عقد تحالفات ما، فإنه سيذهب بالمنطقة كلها إلى جهنم من أجل ذلك الكرسي اللعين.

سؤال أخير: لماذا لا يتفق مسار وكير على تقديم استقالتهما، والتنازل عن السلطة لحكومة تكنوقراط مُصغرة تُدير انتخابات حرّة ونزيهة، لا يترشحان إليها، حتى يغفر لهما الرب ما ارتكباه في حق بلدهما وشعبهما من بشاعات.

[/JUSTIFY]

الحصة الأولى – صحيفة اليوم التالي

Exit mobile version