تجاوزنا الزمان ونحن نحمل طفولتنا بين أيدينا كأنها صندوق أسرار نلجأ إليه ونثق به ونرمي بكلنا في داخله..
للطفولة جمال وبراءة وطهر بلا حدود.. ونحن أطفال تسوقنا الحياة إلى مراحل عدة نكتشف فيها خبايا المحطات العُمرية التي تسكننا..
فالطفل بعد السنه الأولى يمر بمرحلة جديدة تُسمى (المرآة)، وهذه المرحة بالنسبة للطفل تعد مرحلة حداد.. فيها يتعلم الطفل كيفية تجاوز الخوف من الهجران وفيها يفهم أنه وحيد. ففي تلك المرحلة يبدأ الطفل بالوقوف على قدمية ويبدأ باكتساب مهارات التعامل مع الأشياء ويبدأ بالتحكم في حاجاته الجسدية، تبول.. تبرز.. جوع.. عطش.. (فالمرآة) تقول له إنه موجود.. يتعرف إلى نفسه.. يأخذ صورة عن شخصه.. صورة يستحسنها أولا ويبدأ بالتلاعب بهذه الصورة.. ضحكا وعبوسا وحركات أخرى.. عموما يتمادى الطفل في حب صورته كصورة مثالية فيقع في حب نفسه وعبادتها ومن ثم في المستقبل يُسقط هذه الصورة ويشاركها مع بطل ما.. وبواسطة مخيلته إلى تنمو داخل (المرآة).. يبدأ الطفل بتحمل الحياة.. الحياة التي هي المنبع الدائم للإحباط.. إنه يتحمل حتى لا يكون سيد العالم.. وحتى لو أن الطفل لم يكتشف صورته في (المرآة) أو معكوسة في صفحة المياة فإنه يمر بهذه المرحلة.. إنه يجد طريقه إلى التماهي والانعزال عن الكون.. وكمثال فالقطط مثلا لا تعرف مرحلة (المرآة) وعندما ترى القطة صورتها في إحدى المرايا فإنها تحاول الالتفات حولها للتفتيش عن تلك القطة الأخرى.. وهذا السلوك لايتغير مع العمر..
#التغير في حياتنا شيء لابد منه، شئنا أم أبينا، فإنه يأخذنا من مرحلة نفسية أو ذهنية فتتلون المزاجات الحسية إيجابا كانت أم سلبا، ونمر بمحطات كثيرة فيها طقوس مختلفة ومتميزه تُشكل لدينا كيفية العبور من الطفولة إلى النضج والمسؤولية فمثلا.. إطفاء الشموع في أعياد الميلاد يمثل تغييرا للكثيرين وإحساسا بالعبور من مرحلة إلى أخرى بمجرد خروج زفرة هواء منهم يعطيهم الأحساس بأن هناك تغيرا طرأ عند إطفاء النار بزفرة هواء..
#وفي مرحلة النضج ندرك أن التاريخ الذي نتعلمه في المدرسة ما هو إلا تاريخ الملوك والحروب وتاريخ المدن، ولكن هذا ليس هو التاريخ الوحيد، بل الأمر أبعد من ذلك..
فالتاريخ أداة مهمة ووسيلة أساسية للعبور نحو المستقبل الآتي، فهو الذي يجعلنا قادرين على التنقل عبر أساطير القصص وخرافات الحكاوى وعلى تنظيم اجتماعياتنا وتدوين لحظات إبداعنا من خبرات أو مناسبات أو حتى مراحل حياتنا الأساسية..
إن التاريخ عبارة عن مستقبل مضى وآخر سوف يأتي.. وسقوط سنة من عمرنا تعني الخريف وتعني الصفار، وربما تعني أيضا بطاقات المرور إلى سنة مقبلة ووداع سنين من عمرنا مضت تحمل معها.. الطفولة والنضج.. والفرح والحزن وتحمل الكثير من اختلاجات النفس من لحظات الطفولة التي مضت.. ولكن ليس لنا إلا أن ندعي أنها تكون قد مضت بسلام.
(أرشيف الكاتبة)
[/SIZE][/JUSTIFY]
كلمات على جدار القلب – صحيفة اليوم التالي
