(نصف) رئة..وفرحة (كاملة).!

[JUSTIFY]
(نصف) رئة..وفرحة (كاملة).!

يقول بأنه عاد للوطن بـ(نصف رئة)، ولايعلم ان النصف الآخر من فراغ تلك العبارة أستقر في قلوبنا فرحاً بعودته سالماً الينا والى وطنه وإلى محبيه وإصدقائه.
نعم…عاد استاذنا الكاتب الصحفي الكبير محمد محمد خير للوطن بعد شفائه من ذلك المرض العضال الذى الم به، وفجرتّ عودته تلك ينابيع الفرح الكبير في دواخل أسرة صحيفة (السوداني) وفي دواخل كل قراء ذلك الكاتب التلقائي الذى يكتب بـ(بساطة لغوية تحتفظ بهيبة وجذالة مفرداتها).

أعشق جداً كتابات محمد محمد خير، واتلذذ بتلك الحروف الغارقة في الوسامة والطرافة والرمزية في أحايين اخرى، واحرص جداً على ان ابدي له عن ذلك الاعجاب كلما التقيته، ليس لأني اهوى التكرار، ولكن لأخرج منه بعبارة طريفة ومداعبة عن التكرار نفسه، وهي خصلة لاتتوفر ربما إلا في رجل مثله، فهو يقوم بتلخيص وتعبئة أحداث اليوم في مشهد وعبارة ربما يتداولها الجميع لسنوات قادمات.
محمد محمد خير كاتب صحفي يجيد بصورة غير معقولة إفراغ المواقف الحزينة في حياته من الإيلام، وإعادة شحنها بالكثير من الغرابة والطرافة والحكمة، وهو بذلك ينجح بقدر كبير في منح الآخرين الكثير من الامل ويُنفس عنهم بطريقة غير مباشرة، ودونكم حكاياته الاخيرة عن معاناته مع مرض السرطان اللعين، تلك الحكايات التى نجح محمد محمد خير خلالها من تصوير إصابته بذلك المرض وكأنها (قصة صداقة غير مرغوب فيها)، وهنا تكمن الدهشة والإستثنائية في المعالجات للشأن الخاص بحيث تعم الفائدة، وتلك المهارة لايجيدها إلا القليلون ومحمد محمد خير منهم.
في زيارته لنا عقب عودته سالماً بالصحيفة، كان محمد محمد خير يحكي عن معاناته مع المرض بطريقة درامية افقدتنا في اوقات كثيرة السيطرة على ملامح الحزن، اما هو فلم يكن يكترث كثيراً للبحث عن تلك الملامح، واظن انه نجح في ذلك بطريقة بارعة، خصوصاً وهو يحذر الصحفيين الذين تحلقوا حوله من (قهوة الصباح) ومن متلازمات (الدكوة).!
لااظن انني سأكتب عن محمد محمد خير افضل من اساتذة كثر قاموا بالاشارة اليه في اوقات متباعدة، ومنهم رئيس التحرير ضياء الدين بلال والذى صاغ اجمل المفردات في ذلك الرجل الشفيف والشفاف معاً، الى جانب المقال (السيمفوني) الذى خطه يراع استاذنا عادل الباز قبيل ايام على اخيرة الحسناء اليوم التالي، لذلك فلتأخذ هذا المقال عزيزي واستاذي محمد محمد خير بـ(نصف إحساس) من جملة آلاف احاسيس الفرح التى تتملكنا هذه الايام بعودتك الينا سالماً ومعافى والحمد لله.

جدعة:
اكثر ماآلمني خلال سرد محمد محمد خير في حكاياته ومعاناته مع مرض السرطان هو اشارته الحزينة لعدم مقدرة بعض اطبائنا على إكتشاف المرض، ومنح بعضهم له لروشتات ساهمت بشكل او بآخر في إضعاف مناعته، وتلك معاناة اخرى لااظن ان محمد محمد خير سينجح في يوما ما في إحالتها لموقف ساخر كما أعتاد دوماً.

شربكة أخيرة:
عاد محمد محمد خير الينا بـ(نصف رئة)…لكن أفراحنا عادت (مكتملة).!
[/JUSTIFY]

الشربكا يحلها – احمد دندش
صحيفة السوداني

Exit mobile version