انهض يا سيف

[CENTER][B][SIZE=5] انهض يا سيف [/SIZE][/B][/CENTER][SIZE=5][JUSTIFY]

* ارتباط اسمه بـ(جامعة الخرطوم) جعله من الفنانين الذين يشار إليهم ببنان (الاستنارة).. قدم تجربة غنائية مختلفة عمن سبقوه واختط نهجاً فنياً مغايراً، واستطاع أن يفرض وجوده ويصنع لنفسه اسماً في فترة كان من الصعب فيها أن تصنف (مستمعاً جيداً) ناهيك عن (فنان مجيد)!!.

* (يا نديدي، أعذريني، زولة) ومجموعة من الأغنيات متى ما صافحت أذنيك أدركت أن صاحبها هو الفنان المميز سيف الجامعة الذي يرقد طريح الفراش الأبيض هذه الأيام تظلله دعوات الملايين، وتحيط به ابتهالات الأصدقاء والزملاء والأهل والمحبين .

* سيف فنان مثقف يشدك الحوار معه بخيوط من تفكير وتدبر، ويجعلك أفقه الواسع في حالة عصف ذهني وديناميكية وتأمل.. تجد متعة فائقة عند النقاش معه أو مناظرته.. جمعتنا أكثر من طاولة حوار في برامج تلفزيونية وندوات ومنابر منتديات، وكنا نتفق في هجومنا المشترك على الهبوط والإسفاف وقلقنا على الذوق العام، ونختلف بشدة في كثير من قضايا الفنون والإعلام ودون أن نشعر ترتفع أصواتنا باستمرار، ورغم العلاقة المميزة التي تجمع بيننا إلا أننا في حلبة الحوار غالباً ما نكون مثل (الشحمة والنار)!!.

* يمتلك سيف الجامعة وعياً سياسياً عالياً تشكل عنده بتراكم التجارب والانخراط في العمل العام باكراً، فهو يرفض اتهامه بأنه (كوكتيل انتماءات حزبية) لمشاركته في أكثر من حملة دعائية لعدد من الأحزاب السياسية إبان فترة الانتخابات الماضية، ويتكئ على فلسفة تقول إن (الفنان ملك الشعب)، فصاحب (وصتني وصيتها) الذي نرفع الأكف سائلين له الشفاء توصل بعد تجربة غنية جداً من العمل في الشأن العام منذ بواكير صباه الفني إلى أن رسالة الفنان موجهة للجميع ولا يوجد حزب على وجه الأرض يستوعب قدراته وإمكاناته، فالوطن بكل تنوعه وثرائه هو ما يستوعب إمكانات الفنان الذي يلتقي بوطنه مرتين الأولى عندما يستخرج إبداعه من كل

هذه المكونات، والمرة الثانية عندما يقدم إبداعه لكل هذه المكونات، لذا لا يمكن للفنان أن يعزل مكوناً بإعلان إنتمائه لمكون معين، فهو يرى أن السياسة هي (فن الممكن)، وهذا الممكن في السياسة لا حدود له، بينما ليس كل ممكنات السياسة ممكنة الحدوث عند الفنان، ففي السياسة تقوم التحالفات اليوم وتنفض غداً، وهناك ركض دائم خلف المصالح ولا توجد صداقات مستمرة وعداوات مستمرة، ولكن الفنان لا يقبل هذا الوضع فإما صداقات مستمرة مع ما هو مقبول وعداءات مستمرة مع كل ما هو مرفوض.!!.

* قلت لسيف الجامعة في حوار صحافي معجون بالسياسة قبل بضع سنوات: (أنت كنت حزب أمة فما هو الذي تغير الآن)؟؟.. ليرد سريعاً: “أنا واحد من مؤسسي مؤتمر الطلاب المستقلين في مطلع الثمانينيات، وهي الحركة التي ساهمت بجدية وقدر كبير في إشعال انتفاضة ابريل، وعندما تحول مؤتمر الطلاب الى حزب المؤتمر خرجت منه لأنه تحول إلى حزب سياسي وذاك كان تنظيماً طلابياً بدون لون سياسي معين مساهمة في الشأن العام، ومنذ ذلك الوقت وحتى عام 1989م أصنف نفسي قوة حديثة غير منظمة، والقوى الحديثة التي أعنيها هي تلك التي فشل د. الجزولي دفع الله والبرلمان في تعريفها، وهي في النهاية قوى المجتمع المدني من نقابات واتحادات وطلاب ومنظمات غير حزبية، وهي التي صنعت ثورة أبريل وفي خواتيم نضالها لم تحصد شيئاً وضاعت الديمقراطية الثالثة بعد أن فرحنابها”!!.

* خرج سيف الجامعة من السودان عام 1990م إلى مصر وكان من مؤسسي المنظمة السودانية لحقوق الإنسان في القاهرة، وعضو مجلس أمناء المنظمة حتى عودته لأرض الوطن، وفي هذه الفترة من (89 2003م) عينه الصادق المهدي عضواً في هيئة من هيئات حزب الأمة اسمها (المكتب الموسع) كانت تضم أعضاء من الحزب ومن خارجه مثل د. أمين مكي مدني!!.

* لا زلت أذكر صوت ضحكات سيف عندما قلت له بالحرف الواحد: “شايفك في الفترة الأخيرة بقيت تغني لاتحاد الشباب الوطني وتشارك في الفعاليات الحكومية، وخاتي رأسك مع المؤتمر الوطني؟؟” لينفي المعلومة جملة وتفصيلا ويقول: “أنا ما خاتي راسي مع أي زول.. انا خاتي رأسي مع الشعب السوداني”!..

* اتفقت في حديثي مع سيف أن (السودان أولاً) هو الشعار الأنسب للمرحلة الحالية مع ضرورة فتح مواعين الحوار للجميع وعدم عزل أحد لأن هذه اللحظة التاريخية يمكن أن تضيع من أيدي الناس إذا لم ينتبهوا، وهو يرى أن ما يراد للسودان بشكل مباشر من خارجه مخطط يمضي في حلقات واضحة تفضي إلى بعضها البعض “انفصال يعقبه انفصال ليليه شتات”، وينبغى على حكومة المؤتمر الوطني أن تتجه لبقية الأطراف لأن الوطن وطن الجميع، و(كفى تناحراً)..!

* عزيزي سيف: نفتقدك كثيراً ونحتاجك بشدة (نحن، والوطن، والغناء) فانفض ثوب مرضك سريعاً وانهض برب السماء!!.

نفس أخير

* ولنردد خلف الراحل سيد أحمد الحردلو :

طبل العز ضرب والخيل تسابق الخيل

من آخر الجنوب لى عطبرة وتوتيل

يا شدر الهشاب قوم نمشي بحر النيل

يا لوز القطن قوم تاني فرهد وشيل

وارقص يا نخيل فوق السواقي وميل .

[/JUSTIFY] [/SIZE]

ضد التيار – صحيفة اليوم التالي

Exit mobile version