الجفلن خلّهن تعقيب على تعقيب

[ALIGN=CENTER]الجفلن خلّهن ( تعقيب على تعقيب)[/ALIGN] لابد لي أن أشكر قطب المؤتمر الوطني الدكتور عبد الله محمد سيد أحمد رئيس لجنة التنمية و الخدمات بمجلس الولايات الذي أرسل لي تعقيبين (كاربين) موضوعيين، بهما كلمات طيّبات، وأخريات قاسيات.. الأول حول المادة (27) البند (3) الذي أقام الدنيا و لم يقعدها، و قد نشرنا هذا التعقيب كاملاً في صفحة الرأي بهذه الصحيفة. أمّا التعقيب الثاني فكان حول ما كتبناه عن مشروعي السودان الجديد للحركة الشعبية و التوجه الحضاري للمؤتمر الوطني، و قلنا إنّهما قد (جفلن) إلى غير رجعة، و طالبنا بأن يسعى الجميع للحفاظ على ما تبقى من برامج و أفكار و هي كثيرة في هذا السودان. اعترض الدكتور بشدة على القول بأنّ المشروعين قد فشلا، و قال إنّ التوجّه الحضاري لم يفشل و مازال مُنتجاً، و تساءل الدكتور عبد لله عن دور المثقفين (الذين يلوكون الكلام و يحضرون المؤتمرات و يعدون الأوراق و يكتبون الأعمدة) و أقول للدكتور إنّ المُثقفين لو لاكوا الكلام و حضروا المؤتمرات و كتبوا الأعمدة فيما ينفع البلاد و العباد من وجهة نظرهم يكونوا (ما قصّروا تب)، ففي البدء كانت الكلمة، و يبقى بعد ذلك على محترفي السياسة الاستفادة من هذا الذي ينتجه المثقفون؛ و هذا لا يعني أنّ السياسي لا يكون مُثقفاً و لا المثقف يكون سياسياً.. فالمطلوب فرز الكيمان و معرفة متى ترتدي أياً من القبعتين، سألني الدكتور عبد الله لماذا لا يسطر مثقف مثلي قناعاته في شكل برنامج، و ينزل للناس أيّدوه أو خذلوه كما فعل الطيّب مصطفى و عثمان ميرغني؟ بسرعة شديدة أقول للدكتور منعني (عطية) و عطية هو الفلس، فانظر يمينك في هذه الصفحة لترى عثمان ميرغني مُعلقاً مثلي. لكن بالجد يا دكتور أنا لم أطرح نفسي كسياسي فهل في الأكاديمية أو الصحافة ما يعيب..؟ و كلٌ ميسّر لما خُلق له و من غير المعقول أن يترك الجميع دراسة و تدريس الطب و البيطرة و الاقتصاد و العلوم السياسية و وسائل الإعلام ليشتغلوا بالسياسة حكاماً و وزاء و أعضاء برلمانات. قال لي الدكتور إنّ حديثي عن فشل المشروعين و البحث عن برنامج بديل ليس موجهاً للوطني و الحركة لأنّني حكمت على برنامجهما بالفشل، و هنا أود أن اختلف مع الدكتور عبد الله اختلافاً بيّناً و هو أنّني وجّهت كلامي بالتحديد للوطني و الحركة، و كل النص يمضي في هذا الاتجاه بدءاً من العنوان فالجفلن هنّ من حظيرة الحزبين و الواقفات هنّ ما بقي في ذات الحظيرتين، فالوطني و الحركة هما المُسلطان علينا الآن و بقوة السلاح و هما اللذان يملكان إمكانيات البلاد و مقدراتها، و هما اللذان يسيّران دولاب الدولة (على كيفهما) إلى أن تأتي الانتخابات و يحكمان بالشرعية النيابية. فكل الكلام كان لهما بأن يتركا التنظير و طق الحنك، لا، بل و الأهم من كل هذا يتركان المكابرة لأنّ اتفاقية نيفاشا أطلقت رصاصة الرحمة على المشروعين، فتقرير المصير يعني تمزيق مشروع السودان الجديد، وإشراك الحركة في حكم الشمال بدءاً من النائب الأول إلى قسمة الخدمة المدنية، يعني ذر ذرات المشروع الحضاري للريح، فبالتالي لابد لهما من إيجاد اسم جديد لبرنامجهما إن كان لابد و الكف عن لوك الكلام بمشاريع منتهية الصلاحية.. ثمّ ثانياً ما هما المشروع الحضاري والسودان الجديد..؟ هما صياغة فنيّة لمجموعة أفكار رأت نخبة مُثقفة أن تؤسس عليها عملها السياسي، ففشل هذه الأفكار عند التطبيق لا يمس الإسلام في شيء و لا يمسّ السودان في شيء و بالتالي يمكن للناس أن يبحثوا عن التنمية و الخدمات العامة في إطار مشاريع جديدة مُنبثقة من الواقع و ليس من التجريد النظري.

صحيفة التيار – حاطب ليل 6/1/2010
aalbony@yahoo.com

Exit mobile version