فك البيرق والرجالة الملحوقة

[ALIGN=CENTER]فك البيرق والرجالة الملحوقة .. !![/ALIGN] زمآآآن – ما عارفة هسي كيف كان للشكل بين الصبيان في صغرنا أصول وأدبيات، فعندما تندلع الشكلة بسبب الاختلاف اثناء اللعب في عد البلي وحساب الفورة، أو عندما (يخرخر) احدهم وبدلا عن التحلي بالروح الرياضية وقبول الغلب، يجنح لتخريب اللعبة و(يفسيها) على الباقيين، ينبري له واحدا من ذوي القلوب الحارة الما برضو الحقارة من المجموعة فيقف امامه متصديا لحقارته .. حينها يبدأ التحامر بين الخصمان كتحامر الديوك في صراع السيادة على الكر، فكل منهما يقف منفوشا منتفخ الاوداج وقد تقاربت الرؤوس وحومرت العيون، وغالبا ما تبدأ الشكلة بتدافع الايدي واللكز بالاكتاف والصدور مع اطلاق التحزيرات من الجانبين:
– هوي يا زول أخير ليييك .. بطّل الخرخرة!!
– ابييت ما بطّلا داير تعمل لي شنو؟
أو قد يأخذ سناريو الشكلة منحى آخر بحيث (يشخت) أحدهم للآخر شخيتا خارج حدود دارة اللعب بعد أن يأمره بالخروج من اللعبة، ثم يتحداه وهو يقف على حدود (الشخيت) بالقول:
أكان راجل .. تعال نط الشخيت ده!!
حينها تشتد الاثارة ونتنادى لنسرع بالتحلق حول المتخاصمين ثم نبدأ في الانقسام لفريقين كل يشجع وينحاز لاحد الطرفين .. طبعا لا يخلو الامر من بعض تحمية النيران بشيء من (المديدة حرقتني)، فما كان بيننا من طفل رشيد يخزي الشيطان ويهدي من ضلالة الشكل .. بل بالعكس كنا نشعر بالخيبة عندما ينفض الاشتباك قبل بدايته، أما بتدخل أحد الكبار ممن يصدف مروره بموقع الشكلة حيث يقوم بإنتهار الطرفين وتفريق الجمع، أو حين تنتهي الشكلة قبل بدايتها (منها وليها) بسبب نخة أحد الطرفين وهروبه من ساحة المعركة، فحينها قد يجد البقية بعض العزاء في مطاردة المنهزم والصياح خلفه:
جرى ود المرا !!
لا ادري ما السبب الذي يجعل ثقافتنا الشعبية الذكورية تربط بين الخوف والجبن والنساء، فابلغ اساءة يمكن ان يوجها أحد المتخاصمين من الصبيان للآخر هو أن ينعته بـ (ود المره) أو يلصق تهمة المرمره به مباشرة بأن يعايره بالقول ( تجري يا مره؟).
من المعلوم أن المنازل تنسب لاصاحبها فعندما نشير لبيت معين نقول:
ده بيت ناس عمي فلان.
ولا نقول بيت ناس خالتي فلانة .. إلا إذا كانت (خالتي فلانة) دي أرجل من راجلا القاعد زيو وزي ضل الحيطة .. لا بهش ولا بنش، وعلى العكس من ذلك نجد في تراثنا الغنائي الذي يمجد الشجاعة والاقدام، اننا نذم الخواف بأن نغني له:
الخواف لبدوهو .. لي بيت أمو وصلوهو .. لمن تمشو وتجوهو
شوف جنس التحيز ده يا أخواتي؟؟ مش كان ممكن يقولوا (لي بيت أبوه وصلوهو)، ولكنا نميل لوصم النساء بالجبن ونسب الجبان لامه، وحتى بيته ينسب لها فنقول (فلان اندسا في بيت أمو).
بالمقابل نجد ان الشجاع هو أخو البنات فنقول:
يا أخوان البنات .. الجري ده ما حقي .. حقي المشنقة والمدفع أب ثكلي وحالف باليمين أعز بنات أهلي.
ونقول:
أخوكي يا السمحة .. فرتاق للصفوف في أقل من لمحة.
وهنا لا يكون ذكر البنات من واقع الفخر والتباهي بهن، ولكن لانهن ضعيفات وأكيد (خوافات) ولذلك فهن في حوجة لنخوة اخيهن الشجاع لحمايتهن والمحافظة على شرفهن.
حتى اننا كثيرا ما نغذي في اطفالنا ذلك المفهوم الذي يربط بين النساء والضعف والجبن فنقول للصغير ( ما تبكي زي المره)، على سبيل المثال – يعني ضرب مثل ما أكتر يتم شحن عيالي بمفاهيم الرجالة وكثيرا ما اسمع منهم اثناء الكعّات والوقعات ( انا جعلي مُر ما بخاف) و( الجعلي ما ببكي زي المره) .. قبل بضعة أيام تأوهت بـ ( أحييي) بينما كنت أهم بالوقوف بعد جلوسي على الارض لبعض الوقت، فما كان من صغيري إلا أن زجرني في استنكار:
تقولي أحيي يا ماما!! ..انتي مره؟؟!!!

لطائف – صحيفة حكايات
munasalman2@yahoo.com

Exit mobile version