كُلكُلة الربّاطة

[ALIGN=CENTER][SIZE=4][COLOR=darkred]كُلكُلة الربّاطة [/COLOR][/SIZE][/ALIGN] [ALIGN=JUSTIFY] (كُلكُلة الربّاطة السِكينتا تِحت اباطا) هكذا كانت تُكنِي (صفية) صغيرتها المدللة (ولاء) وتغني لها من نظمها الخاص فهي شاعرة ورثت موهبة نظم الشعر وسجع الكلام أماً عن جدة، فعندما (تتعوجب) بها تغنيها:
السمحة شايلة الوردة والصبيان بي وراها منقرضة!!
أما إذا غضبت عليها فتنعتها ب(سدرة الما منقدرة .. أهلا قبيلة وغِلبو فيها الحيلة)
فـ (ولاء) طفلة مشاغبة كثيرة الحيوية شديدة الذكاء سريعة البديهة، وكانت دائما ما تستغل مواهبها تلك في رسم الخطط وتدبير المقالب لاخوتها ورفيقات لعبها ، برعت في محاكاة مشية الكبار وطريقة كلامهم فأتقانتها إتقان محبب، كما لا تتعب من تمثيل دور الحبوبة العجوز طوال ساعات اليوم، لم يكن يعيبها شي سوى حب التملك والاستحواذ والتشبس الشديد بأشيائها ومتعلقاتها الخاصة فـ (سفنجتا وسريرا وغطاها) من الحرمات المغلظة على سائر اخوتها، ورغم سنين عمرها التي لم تتجاوز السبع سنوات إلا أنها بعقلية شيلوك تاجر البندقية في (الطمع الودّر ما جمع).
في (ذات عصرية) قامت بزيارتهم عمتها (الشول) برفقة مجموعة من النسوة من (البلد)، كانت قد حضرت معهن لزيارة مريض بالمستشفى ثم عرجوا بعد الزيارة للمبيت في ضيافة أخيها والسفر في الصباح، قامت (صفية) بواجب ضيافة حماتها وبعد المغرب هيئت لهن مرقدا، ازدحم الحوش بالاسِرة الاضافية لاستيعاب الضيفات وأحست (ولاء) بالقلق من أن تجور كثرتهن على سريرها الخاص فيذهب لإحداهن لتنام عليه، هداها التفكير إلى أن تتمدد علية حتى يستقر الجميع في مضاجعهم، فحملت غطائها واسرعت بالاضجاع على جنبها وشدت عليها الغطاء جيدا واسندت كف يدها على خدها في(مِحنة) محببة ثم عكفت على مراقبة الوضع بعيني صقر.
ظلت على رقدتها تقاوم حيويتها ورغبتها العارمة في النهوض واللعب ولكن يمنعها (الخوف على العدة)، فقد كان من عادتها في مساء كل يوم أن تعاند وتكافح النعاس وتصر على مواصلة اللعب حتى ينتهرها أباها ويجبرها على الذهاب للنوم وهي كارهة، جلست عمتها (الشول) على السرير المقابل وداعبتها قائلة:
الليلة إنتي تب ما براك .. خبارك اتكرفستي وادمدمتي من المغارب يا بنية؟!!
قالت وهي ترسم لنفسها دور العجوز المتعبة:
فتراآآنة يا عمتي .. وجسمي ده عاد بس تقولي فوقو القصاصة .. اجارك الله.
ضحكت العمة ثم اضجعت هي الأخرى وظلت تباسطها وتجاذبها أطراف الحكي اللذيذ حتى تسلل النوم لعينيها البراقتين، فتوسدت ساعدها وأغمضت عينيها في استسلام ولكنها لم تلبث أن فتحتهما بعد أن تذكرت (السفنجة) وخطر لها أن واحدة من هولاء الحريم (الغبيانات) سوف تقل عقلها وتغافلها لتأخذ السفنجة وتلبسها، انحنت للأرض وحملت سفنجتها ورفعت حافة المخدة ووضعتها تحتها ثم عاودت الرقاد، تابعت عمتها حركتها بإستغراب وسألتها:
ده شنو السويتيهو ده يا المبدولة .. مالك بتحشري نعلاتك تحت راسك .. والله إلا كان تهضرب بيك الليل ده كلو!!!
فكرت بسرعة في تبرير مقنع فهداها التفكير لتقول بسرعة:
صدقي يا عمتي عندنا (أرضة) بتاكل النعلات دي جت عليهن بالليل!!!! [/ALIGN]

لطائف – صحيفة حكايات
munasalman2@yahoo.com

Exit mobile version