والد طالب الطب القتيل يروي التفاصيل الحقيقية لجريمة شقة أبراج مكة .. عثرت على ابني غارقاً في دمائه داخل غرفته وصديقه الجاني خارجاً من الحمام

[JUSTIFY]الجريمة البشعة، والغريبة، وغير المألوفة التي راح ضحيتها طالب الطب (علي) ثالث أيام عيد الفطر المبارك، والذي كان يفترض ان يتوجه أمس الأحد للالتحاق بالصف الثالث (طب)جامعة مامون حميدة، ومسرحها شقة والد الطالب القتيل بابراج مكة بحي الرياض بالخرطوم، نسجت حولها للأسف، العديد من الشائعات والمعلومات المغلوطة.. (الرأي العام) التقت مساء السبت (عادل حسن حامد)، والد الطالب القتيل بمنزل الأسرة بحي الصبابي، الخرطوم بحري، ليسرد التفاصيل الحقيقية لهذا الحادث المؤلم.. كما التقت بزملاء وزميلات المرحوم الذين تحدثوا عن سيرته العطرة واخلاقه الحميدة..
قبل الحادث
أعمل بالامارات في مهنة القانون وحضرت في اجازة للسودان، ونزلت بمنزل الاسرة بالصبابي، الخرطوم بحري، حيث يقيم ابني المرحوم (علي) مع شقيقتي، وهو طالب طب بكلية مامون حميدة، أكمل المستوى الثاني ويفترض ان ينزل غداً(أمس) الأحد الرابع من سبتمبر الجاري بالمستوى الثالث، لدى شقة جديدة بابراج مكة بحي الرياض بالخرطوم والشقة جديدة لم يسكنها احد، قمت بجلب الاثاثات لها مؤخراً وظلت خالية لا يسكنها احد من قبل وكانت لدينا مناسبة ولذلك كان منزل الاسرة بالصبابي مكتظاً بالضيوف ولذلك أصبحت وابني (علي) ننام في الشقة بالرياض، نذهب إليها أنا وابني المرحوم ليلاً، ونعود لمنزل الاسرة بالصبابي في الصباح.
ثالث أيام عيد الفطر المبارك توجهت الى الشقة برفقة زوجتي الثانية وابني الصغير، ولم يكن ابني المرحوم يرافقني، ولأن مفتاح الشقة واحد وكان معي طلبت منه الاتصال بي قبل توجهه الى الشقة للتأكد من وصولي إليها وبعد فترة اتصل بي وسألني اذا كنت وصلت الى الشقة، فاجبته بالايجاب، وقال لي: بعد سبع دقائق سأكون معك، ذاكراً انه سوف يحضر ومعه بعض الاصدقاء فقلت له: مرحباً بهم.. وبعد دقائق وصل يرافقه ابن عمه، واثنان من اصدقائه، ففتحت لهم الباب بنفسي، وكانوا طبيعيين، وفي قمة الوعي والادراك، وبعد ان تأكدت انهم تناولوا وجبة العشاء، وتوجه ابني برفقة ابن عمه الى احدى الغرف، بينما توجه صديقاه الاثنان لغرفة اخرى استعداداً للنوم، وتوجهت الى غرفتي حيث توجد زوجتي وابني الصغير، ورحنا في سبات عميق.
إكتشاف الجريمة
حوالي الساعة السادسة صباحاً سمعت صوتا غير طبيعي صادرا من الصالة، ففتحت باب غرفتي وتوجهت الى مصدر الصوت، فأكتشفت انه صوت احد اصدقاء ابني، ولاحظت انه كان مضطرباً ويرتجف وكان خارجاً من الحمام وملابسه مبتلة بالماء، فسألته عما حدث، فاجاب بالحرف:
– ما في حاجة.. ارجو ان تلحق ابنك.
فسألته: ماذا حصل؟ فلم يجب فتوجهت للغرفة التي كان ينام بها ابني وكانت المفاجأة غير المتوقعة شاهدت ابني (علي) غارقاً في دمائه، ملقى على الارض، والمرتبة ملطخة تماماً بالدم، وشاهدت جرحاً غائراً واحدا اسفل الاذن وليس عدة طعنات كما نشرت بعض الصحف تحيط به كمية من الدماء، وكان فاقداً للوعي، ولم اقترب اكثر حتى لا اطمس آثار الجريمة، فأنا قانوني ملم بمثل هذه الأمور، وخرجت مسرعاً إلى صديقه فسألته عما حدث فقال:
– خرجت من الحمام وشاهدت هذا المنظر.
بعدها توجهت مباشرة لباب الشقة وتأكدت انه مغلق بمعنى عدم دخول شخص غريب للشقة فعدت لصديق ابني وقلت له:
كيف لا تعلم ما حدث، وباب الشقة مغلق؟ وفي تلك اللحظة شاهدت دماء على ملابسه فسألته: (من أين هذه الدماء؟).. فزاد خوفه واضطرابه وقال بصوت عالي: (دم.. دم) وركض نحو الحمام وبدأ يغسل الدم ويزيله امام عيني.. وفي تلك اللحظة تأكدت انه هو الجاني، ولولا لطف الله الذي انزل على نفسي السكينة في تلك اللحظة العصيبة، فتمالكت نفسي، لحدث ما لا يحمد عقباه، اثناء ذلك استيقظ ابن اخي وصديق ابني الآخر واستمعوا للنقاش مع صديق ابني بعدها اتصلت مباشرة بالشرطة، وطلبت من ابن اخي عدم السماح للجاني بالخروج من الشقة لحين حضور الشرطة، وقبلها اتصلت بالاسعاف ويبدو ان من اجابني على الهاتف كان نائماً، فلم يحضر ويبدو انه واصل نومه ولم يكترث لندائي لاسعاف ابني المصاب.
البحث عن الإسعاف
بعد فترة حضرت الشرطة، فطلبت منهم التحفظ على الجاني، صديق ابني المرحوم، وبالفعل فعلوا ذلك، بعدها اتصلت بالاسعاف مرة اخرى فلم يحضر وسبق ان ابلغت الشرطة ضرورة ارسال الاسعاف قبلهم، لأن ابني كان ينزف بغزارة، لكنهم حضروا بدونه وبسؤالي لهم عن سبب عدم حضوره، ذكروا انه قادم في الطريق، وعندما تأخر وصوله، توجهت برفقة ضابط الشرطة المرافق للفريق الى مستشفى مكة للعيون القريب من الشقة لإحضار سيارة إسعاف، ففوجئت بقولهم انه غير متوافر فتوجهنا الى مستشفى يستبشرون فطلب ضابط الشرطة من الطبيب المسؤول الانتقال برفقة الاسعاف، لإسعاف ابني، إلاّ أن الطبيب رفض طلبه بحجة ان لديه حالات طارئة بالمستشفى وليست هناك سيارة اسعاف بالمستشفى، فطلبت من الضابط استعجال الاسعاف الذي ذكر عند حضوره انه قادم في الطريق، وعند رجوعنا للشقة بعد فشلنا في ايجاد اسعاف وصل الاسعاف بعد ساعة ونصف الساعة بالكامل من وقوع الجريمة، وقبله وصل فريق الشرطة المختص الى مسرح الجريمة وللحق انهم قاموا بواجبهم على اكمل وجه وبينهم رتب كبيرة فلهم التحية والشكر فرداً فرداً وكان برفقتهم كلب بوليسي، واجهزة رفع البصمات ومسؤولون كبار في المباحث الجنائية، واهتموا بالحادث اهتماماً بالغاً، واسجل لهم هنا عبر (الرأي العام) صوت شكر وعرفان لما بذلوه من جهد.. كما اتقدم بالشكر والعرفان للدكتور (عقيل) بمشرحة الخرطوم الذي ترك والدته المريضة وحضر لتشريح المرحوم.
سلاح الجريمة
يواصل الأب المفجوع على ابنه سرد تفاصيل هذه الجريمة المؤلمة قائلاً: قبل حضور الشرطة توجهت الى المطبخ فاكتشفت ان السكين غير موجودة، وعندما حضروا اخبرتهم بذلك وطلبت منهم البحث عنها، فقادوا الكلب البوليسي ناحية ابني فقام بشمه وكذلك الدم حوله، وبعدها دخل المطبخ، وتوجه مباشرة الى سلة النفايات وتوقف امامها وهو يقوم بشمها دون ان يصدر منه نباح، فقام رجال الشرطة بافراغ سلة النفايات من محتوياتها، وكان من بينها طبق طعام فارغ مغلف بورق الألمونيوم (فويل) الذي يحفظ درجة حرارة الطعام، وداخله عثروا على سكين المطبخ المفقودة، واتضح انه قام بغسلها بعد ارتكاب الجريمة من الدم، إلاّ أن عدالة السماء كانت حاضرة، حيث عثر بها على آثار من دماء ابني، وتم تحريزها كسلاح للجريمة، كما تم التأكد من وجود آثار اقدام انتقال الجاني من غرفة القتيل الى الحمام، والمطبخ وقمت بفتح بلاغ بشرطة الرياض بالرقم (1996)، وتم نقل جثة ابني الى المشرحة.
حكاية ابن العم
ويعود والد القتيل مستدركاً جانب مهماً في هذه القضية قائلاً: بعد اكتشاف الجريمة سألت ابن اخي الذي حضر للشقة مع ابني برفقة صديقيه، عن الذي حدث فقال:
كنت ارقد مع المرحوم في غرفة واحدة، فقام صديق المرحوم بايقاظي من النوم وطلب مني الانتقال للغرفة الاخرى على ان ينام هو مع المرحوم (علي) بحجة ان التكييف في الغرفة التي كان ينام فيها مع صديقه الآخر بارد، ففعلت وغادرت الغرفة التي ينام فيها ابن عمي وتوجهت للنوم مع صديقه الآخر، بينما توجه هو الى غرفة ابن عمي، وبها سريران منفصلان، بعدها ارتكب جريمته النكراء.
معلومات مغلوطة
هنا يوجه والد طالب الطب القتيل رسالة الى بعض الصحف التي تناولت تفاصيل القضية بشىء من الإثارة والتهويل والمعلومات المغلوطة، قائلاً:
المستغرب له ان هناك عددا من الصحف نشرت معلومات مغلوطة، غير حقيقية مجهولة المصدر، ولا تمت للحقيقة بصلة، وكان ينبغي عليها تحري الدقة، والامانة الصحفية واستقاء المعلومة من مصدرها الرئيسي بدلاً عن (القيل والقال) لمجرد الاثارة والارتزاق الرخيص بالجريمة.
ومن هذا المنطلق فانني اطلب من كل الصحف التي تناولت القضية تصحيح ما نشروه من اكاذيب ومعلومة مغلوطة غير موثقة فوراً، او تقديم المستندات والصور التي تثبت ما نشروه عن ابني المرحوم، وإلا فسوف اقوم باتخاذ الاجراءات القانونية، وفقاً للقوانين المعمول بها، وقانون الصحافة والمطبوعات..
ويضيف:
أكبر دليل على ذلك نشر احدى الصحف صورة شخص ذكروا انه والد القتيل يتلقى التعازي بمشرحة الخرطوم، والصورة المنشورة ليست لشخصى وقد كررت نفس الصحيفة الخطأ في اليوم الثاني.. وما خفف من مصابي الجلل حزن زملاء وزميلات الفقيد وبكاؤهم المرير عليه وتحدثهم عنه وعن اخلاقه وقيمه، واستقامته، واذكر قبل أيام من وفاته اخبرني المرحوم ان احد زملائه تم نشل رسومه الجامعية ومواعيد السداد شارفت على الانتهاء، وطلب مني مساعدته لحين ارسال أهله له، فقدمت له المبلغ، وبعد اكتمال مراسم الدفن وبينما كان زملاؤه يحاصرون المقبرة بعد انصراف المشيعين يبكون عليه تقدم نحوي شاب صغير في السن وعرفني بنفسه انه زميل المرحوم وقال إنه قبل وفاته قدم لي قسط الجامعة لانني نشلت ذاكراً انه يريد ان يبرئ ذمته من هذا الدين، وهذا ان دل على شيء فانما يدل على كريم خصاله وشهامته ونخوته.
شهادة الزملاء والزميلات
التقيت بعدد من زملاء وزميلات المرحوم فاجمعوا جميعهم على حسن سيرته، واخلاقه الحميدة، وليس لديه اي اعداء أو مشاكل مع احد لدرجة انه محبوب حتى من زملائه الذين لا يعرفونه واساتذته، وكان يساعد الغير، ويجلب الهدايا لهم وقالوا الحادث كان صدمة لنا جميعاً ولم يستوعبه احد منا حتى اللحظة، خاصة ان الجاني كان صديقه، بل مثل اخيه تماماً، وكانا لا يفترقان.. واليوم (الاحد) ختمنا له القرآن بالجامعة، وقررنا ان نشتري مبرد مياه كوقف له.. ايامه الاخيرة كان صائماً رمضان، وكثير الصلاة.. رحمه الله
[/JUSTIFY]

صحيفة الراي العام

Exit mobile version