الفريق الدابي وشبيحة النظام السوري!!

[JUSTIFY]«لم نر شيئاً مخيفاً…».. هذا ما قاله صديقي الفريق أول محمد أحمد مصطفى الدابي الذي أكنُّ له احتراماً كثيراً في أول تعليق له على ما شاهده في سوريا لكني والله حزين أيّما حزن أن يتم تعيينه لرئاسة بعثة الجامعة العربية لمراقبة الأوضاع في سوريا ولا أظن أن الدول العربية التي تتهافت في العادة على المناصب تبرَّعت بهذه المهمة للسودان حباً فيه أو تقديراً لكفاءة الفريق الدابي وإنما فراراً وهروباً من الحرج الذي يُوقعه المنصب على من يتقلَّده وعلى الدولة التي يحمل جنسيتها.
أقول هذا بين يدي التوجس الذي ووجه به تعيين الدابي حتى قبل أن تطأ قدماه الأراضي السورية فقد شهدنا بعض التحفظات التي أبداها الثوار في القنوات الفضائية العربية بما فيها الجزيرة لاختيار الدابي ولعلّ موقف السودان الذي كان ضعيفاً في البداية بل كان مسانداً للحكومة السورية والرئيس بشار الأسد مما تسبّب في ذلك التوجُّس والخوف من رئاسة السودان لبعثة الجامعة العربية، على أن مسارعة الدابي إلى التعليق على ما شاهده في اليوم أو اليومين الأولَين كان بمثابة الضربة الكبيرة التي أشعلت الغضب في نفوس الثوار ولستُ أدري لماذا استعجل الدابي في إصدار حكمه بل لماذا تحدَّث أصلاً للإعلام؟!
على كل حال فإن النقد الذي ووجه به الدابي فيه كثير من التجني خاصة ما جاء في مجلة «فورين بوليسي الأمريكية» أو «السياسة الخارجية» الذائعة الصيت والتي قالت إن الدابي «أسوأ مراقب لحقوق الإنسان» فقد تحاملت المجلة على الرجل واتهمته بأنه كان «مسؤولاً عن إنشاء مليشيات الجنجويد» وهذه تهمة يحق للدابي أن يعتزّ بها ويفتخر أن تأتي من الأمريكان!!
قد أتفق مع ما قاله أحد الدبلوماسيين المصريين حين أثبت أن الدابي «عسكري مخضرم يعرف جيداً ما يتطلبه البحث لإثبات أو نفي الاتهامات الموجّهة للنظام السوري ولكن الجامعة العربية جانبها الصواب في اختيار الشخص المناسب لأن تقريره أياً كان ما سيأتي به من براءة أو إدانة سيجد عشرات من المتشككين والطاعنين في مصداقيته في الانتظار».
على كل حال أتمنى ألا يستعجل الدابي في إطلاق التصريحات ذلك أن المطلوب منه تقديم تقريره للجامعة العربية وليس للإعلام فضلاً عن أن إصدار الأحكام من الآن سيشكِّل عليه ضغطاً هائلاً قد يعرِّض مهمته للفشل ولن أجافي الحقيقة لو قلت إني أتمنى أن ينسحب الدابي من المهمة التي تتجاوزه إلى الشعب السوداني قاطبة فذلك أفضل من أن يكون محل اتهام أراه يتصاعد وأخشى أن يصل تأثيرُه إلى العلاقة بين الشعبين السوداني والسوري فللأسف فإن تجربتنا في الخليج أثبتت لنا أن الناس يُحاسَبون بجنسياتهم ويُشار إليهم بها بأكثر مما يُشار إليهم بأسمائهم وأشخاصهم ولعل تجربة الأطباء السودانيين الذين ابتُعثوا في أول قافلة سودانية لدعم الشعب الليبي قبل اقتلاع القذافي وُوجهوا في الحدود بغلظة وجفوة بل إن د. أسامة توفيق وصحبه رووا لنا أنهم قيل لهم في الحدود إن «اليهود والسودانيين ممنوعون من دخول ليبيا» وذلك على خلفية ما أحدثه مرتزقة خليل إبراهيم الذين آزروا فرعون ليبيا كما آزرهم في غزو أم درمان وقبل ذلك وبعده.. تلك الصورة الشائهة «للسوادنة» في أيام الثورة الأولى والتي عُدِّلت بجهد كبير من الشعب السوداني ومن الحكومة التي بذلت الكثير وأسهمت في تحرير طرابلس.
أقول لأخي الفريق الدابي إن مهمته تتجاوزه إلى الوطن وإلى الشعب السوداني وإن المهمة التي تجنبها الآخرون من مختلف الجنسيات العربية تنطوي على أخطار جسيمة أخشى أن تزيد من تشويه سمعة السودان التي تاجر بها بعض بنيه من الخونة والمارقين والخارجين على القانون فهلاّ فكر ملياً في مآلاتها ثم هل تأمل في حديث ذلك الدبلوماسي العربي الذي قال إنه مهما كان حكم اللجنة التي يرأسها الدابي فإنها لن تحظى بالقبول وأخشى ما أخشاه أن تحكم لجنة الدابي لمصلحة النظام السوري عندها لن يجد الدابي من يسانده أو من يصدِّقه حتى داخل السودان إلا أقلية ضئيلة لا يُعتدّ بها فالنظام السوري أشد فتكاً بخصومه من نظام مبارك ونظام علي عبد الله صالح اللذين ذهبا غير مأسوفٍ عليهما فما الذي يجعل الأسد يبقى ويستمر؟![/JUSTIFY]

الطيب مصطفى
الانتباهة

Exit mobile version