مول واحة الخرطوم ….. الأسعار ليست في متناول الجميع

[JUSTIFY] سيطرت على الرأي العام بالعاصمة القومية لاسيما وسط الغالبية العظمى من مجموع الذين اتيحت لهم فرصة تسجيل زيارة إلى مول واحة الخرطوم الذي تم تدشينه على يد رئيس الجمهورية في خواتيم يونيو الماضي جراء ارتفاع أسعار السلع المعروضة به وأوضحوا أن «المول» بوضعه الراهن يجسد الفارق الطبقي وسط شرائح المجتمع علاوة على فضحه لتباين الأوضاع الاقتصادية التي يعيشها أبناء الشعب الواحد لجهة أنه في الوقت الذي لا يتوانى فيه بعض المواطنين من شراء واقتناء بعض السلع بآلاف الجنيهات يكد ويجهد البعض الآخر في أطراف العاصمة والولايات من أجل توفير ما يسد الرمق، الأمر الذي يفتح الباب واسعا على مصراعيه على الجدوى الاقتصادية من إنشاء مشروع خدمي تصرف فيه أموال طائلة في وقت تترنح فيه مشاريع الإنتاج الحقيقي الزراعي والصناعي. ويرى خبراء اقتصاد أن الحكومة لم تتعظ بعد من وقوعها فريسة المرض الهولندي ولم تتخل عن انشغالها بما هو خدمي على حساب الإنتاج الذي يوفر العملة الحرة ويقلل من الاستيراد فيتحقق الاكتفاء الذاتي وتحل الصادرات مكان الواردات فيرتفع سعر صرف العملة المحلية وتتراجع نسبة التضخم الذي تجاوز 37% الا ان ولاية الخرطوم اكدت وقفها لاسهم الولاية البالغة 20 % فى مول الواحة للفقراء والمساكين في شكل مشروعات خيرية كالتأمين الصحي وغيره من المشروعات التي تخفف الاعباء عن المواطنين. وقال ان المشروع يأتي في اطار سعي الحكومة لتطوير البلاد وتقديم الخدمة الراقية للمواطنين كافة ، فضلا عن انه فرصة لاستيعاب عدد من الشباب للعمل والتدريب. وكشف عن ان المشروع حاليا يستوعب (1000) وظيفة ويرتفع العدد ليصل الى (5000) وظيفة عندما يكتمل المشروع وأشار الى ان مشاركة الجهاز الاستثماري للضمان الاجتماعي في أسهمه يعد اضافة حقيقية للادخار لصالح العمال علاوة على أنه يحكي عن عظمة التمازج بين القطاعين الخاص والعام زيادة على أنه يمثل طفرة نوعية في النهضة المعمارية وسط الخرطوم ومنطقة السوق العربي.

وكشفت جولة «الصحافة» ( بالمول) عن أسعار مرتفعة للسلع المعروضة به لاسيما في قطاع الأثاث المنزلي والعطور والملبوسات والأجهزة الكهربائية مع ملاحظة مناسبة أسعار الأغذية واللحوم والخضروات مقارنة بفخامة المكان وطريقة عرضها الراقي إذ أوضح للصحافة عصمت عبد الله بابكر أنه يزور المول لأول مرة وكان يتوقع ارتفاع السلع به غير أنها لم تكن كذلك ولكن هنالك مبالغات فى اسعار الملابس والاحذية وأنه من واقع الحال الاقتصادي الذي تعيشه الغالبية العظمى من المواطنين يبدو أن سوق المول مصمم لفئة الأغنياء والموسرين. وقال إنه خرج من المول كما دخله خالي الوفاض لجهة أن مقدرته المالية لم تسعفه في التمكن من شراء أية سلعة ولم يكن أمامه خيار سوى الاكتفاء بالفرجة وابدى تساؤله للذين يشترون من المول ومن أين لهم ما يقابلون به تكلفة التسوق به وأشار إلى تواضع أسعار الخضر والسلع الاستهلاكية وأشاد بطريقة عرضها التي تضاهي في إتقانها وحرصها على تطبيق معايير الجودة كبريات المحلات العالمية .

والى ذلك تقول الموظفة خالدة عثمان إن إقامة (المول) في حد ذاته يعتبر طفرة في عالم النهضة المعمارية بجانب التطور الفني عالميا في فنون عرض السلع والخدمات بيد أن الوضع الاقتصادي بالبلاد لا يمكن الغالبية العظمى من المواطنين من التمتع بما يقدمه أو حتى مجرد تفيوء ظلاله واضافت أن إنشاء المول جسد الفوارق الطبقية التي تنتشر بالمجتمع السوداني علاوة على سوء إدارة الموارد المتاحة بالصورة المثلى بحسب ترتيب الأولويات الاقتصادية إذ إنه كان بالإمكان تسخير الأموال الطائلة التي صرفت في إنشائه للنهوض بالمشاريع الزراعية أو الصناعية بالبلاد التي تعاني من الإهمال وضعف التمويل وقالت لا يكفي تخصيص عائد أسهم الولاية لصالح الفقراء والمساكين وإذا ما تم الاستفادة من الأسهم في مشاريع إنتاجية وخصصت للفقراء والمساكين لكانت الفائدة أكبر قبل أن توصف الأسعار بالخرافية وأنها صممت لفئة معينة من المجتمع وأن الغالبية العظمى من المواطنين يكون مكتوبا أمامهم عفوا هذه الأسعار لا يمكن توفيرها وطالبت بأن تكون الأسعار على أساس عالمي بعيدا عن تذبذبات سعر الصرف التي يعانيه الجنيه السوداني لا أن يترك أمر تحديدها لمزاج العارضين وتساءلت عما إذا كانت المحلات العارضة تحمل صفة الوكالة للشركات العالمية حتى يطمئن المشترى أنه تحصل على منتج أصيل.

وعلى صعيد الخبراء يقول البروفيسور عصام بوب إن إنشاء مول الواحة يعبر عن مدى الانفصام المجتمعى أوالتمايز الطبقي الذي يعانيه الشعب السوداني وزاد متسائلا كيف ينشأ المول أو الممر التجاري في بلد يعاني 90% من سكانه من الفقر المدقع تحت دعاوى وذريعة أنه مشروع استثمار تجاري وأضاف أن إنشاءه دليل على وجود فائض أموال طبقة معينة من المجتمع تعيش في أبراج عاجية لا تعرف أين تنفقها فضلت استثمارها في أصول ثابتة. وقال إن الغرض من السلع المعروضة ليس البيع إنما مجرد وجودها وضمان استمرارية الحفاظ عليها أملا في تحسن الوضع الاقتصادي بيد أنها بحسب بوب تحاكي المتاحف التي توضع فيها التحف بغرض العرض فقط وزاد أن إنشاء المول والأسعار به أمر مستفز للمواطن العادي الذي يعاني أيما معاناة للحصول على أبجديات الحياة من سكر وكهرباء ورغيف وفي ذات الوقت نجد رؤوس أموال طائلة تهدر في إنشاء الممرات التجارية كان بالإمكان تسخيرها وتوجيهها للنهوض بالمشاريع الزراعية والصناعية التي شارفت الموات وأن إنشائه في هذا الظرف الدقيق يكشف بجلاء مقدار سوء التخطيط لها ولم يستبعد بوب أن يأتي زمان تتوقف فيه عجلة المشروع ويجد الشعب السوداني حينها نفسه مضطرا لتسديد فاتورتها في شكل ديون وتساءل عن تكلفة المشروع وجدواه الاقتصادية وماذا لو حول رأس ماله لتأهيل بعض المشاريع المنتجة عوضا عن بذل أموال الدولة في عرض سلع لا تكون إلا في متناول فئة قليلة تكاد لا يذكر حجمها في المجتمع ومع ذلك لها نصيب الأسد في كعكة الكتلة النقدية بالبلاد وزاد إن المشروع يوضح مقدار التباين الطبقي بالمجتمع الذي اتخذته فئة مدعاة للمباهاة وتساءل عن عقلانية شراء قطعة ملابس يفوق سعرها المرتب الشهري لعامل بالدولة .

الصحافة [/JUSTIFY]

Exit mobile version