فساد الفكرة

[CENTER][B][SIZE=5]فساد الفكرة
[/SIZE][/B][/CENTER] [SIZE=5] ما طارت طيور الظلام والنور محلقة بأمر الفساد الذي خفت أُطر بريق محاربته بعدما سمعنا عن قدوم مفوضية وقانون لمحاربة الفساد ولم يأت أي منهما إلا وخالجنا في دواخلنا «الجوانية» تساؤل عن حقائق أنفسنا تجاه ملف الفساد.. أعزائي القراء تعالوا نسأل أنفسنا هل تطرقنا يوم لأنواع الفساد غير المادي المعروف الذي يسعى الكل الآن للتخلص والتطهر منه باعتباره وباء العصر القاتل في ظل تنامي الوعي الجمعي بنهاياته البائسة.. وهل يوماً مارسنا فساد الفكرة بأن «حابينا» لخاصتنا أو ميزنا قريب على بعيد أو استحسنا صفي على غريب.. بالتأكيد وبلا وعي تجد أنك مرة وقعت في شرك هذه الفكرة فطبيعتنا السودانية مبنية على المجاملة وخلط العام بالخاص والعكس بالعكس.. كاذباً من قال إنه لم يجد نفسه يوماً يسعى في أمر الآخر بحكم معرفة أو صداقة أو قرابة أو أي طائل من تلك «الطوائل».. ولكن فساد الفكرة أحياناً يغلف في سواتر محسنة دون أن ينتبه لها الفرد فيجد أنه قد «ولغ» في ذلك الأمر للمدى البعيد.. وما أصعب الرجعة عن خط تتبناه وتجد أنك في الأمر «سادر» ولا مفر إلا باحتمال أحد الاثنين بالاستمرار في فساد فكرة الأمر أو قلب الطاولة والخروج بأقل أوزار الفكرة.. صديقتي دائماً ما كانت تبعد نفسها عن المهالك.. فإن كلفت بأمر راجعت كل من حولها واستقصت أن فلان أو فلانة الأجدر بالتكليف بحكم أنها الأفضل والأحسن منها في ذلك الجانب وفي ذلك الأمر محل التكليف.. وإن جاءها حافز أو دعم قامت بتوزيعه على الآخرين باعتبار أنهم الذين قاموا أو يقومون بأكثر مما قامت به وإن نالوا حقهم لاعتقادها الجازم أن العمل المنافي لذلك المنهاج يقع بها في طائلة فساد الفكرة.. ولا أخفي عليكم أنني حاولت ممارسة بعض هذه الرؤية فوجدتها الأصعب جهداً وفكراً وزمناً فعمدت للوسطية في ذلك.. ففي صباح ذاك اليوم حزمت أمري بعمل استقصاء محدود بين الأصدقاء حول ذات الأمر لعليّ أجد التحلل من مبدأ صديقتي التي جعلتني أرى كل شيء أقوم به مرمى ومحل لسهام فساد الفكرة.. سألت الأول منهم «هل أحسست بذنب أو «عقدة» وأنت تحاول أن تجد وظيفة لأي معارفك الذين تخرجوا من الجامعات ومكثوا بالزمن بلا عمل؟» قال «نعم» قلت «واسطة يعني؟» قال «نعم» قلت «هل كان هناك من يستحق الوظيفة أكثر منه؟» قال «نعم» قلت «ألم تحزن للآخر الأحق بالوظيفة؟» أطرق ونظر للأرض وقال «كلهم يستحقونها» وتمثلت طريقة صديقتي وقلت له «إنه فساد الفكرة».. وذهبت للثاني وسألته وأجاب في ذات السياق كانت العبارة الأخيرة حاضرة بشدة.. كذلك الثالث والرابع.

آخر الكلام.. يصعب أحياناً أن نفرق ما بين واجبنا الإنساني وواجبنا العملي فنجد مواقفنا تضطرب ما بين «المحاباة» والمعادلة الفاضلة فنخرج بأننا مصابون بلوثة صغيرة يمكن أن تكون بذرة لفساد فكرة أو شبهتها..
[/SIZE]

سياج – آخر لحظة
[email]fadwamusa8@hotmail.com[/email]

Exit mobile version