المحرش ما بكاتل في النيل الأزرق

[JUSTIFY]الوضع هناك ليس سهلاً، مهما كابر المكابرون، والسكوت عنه لعب بالنار، وبمصائر العباد، فتارة يخبرنا الإعلام ان ثمة سابقة لا مثيل لها وقعت في النيل الأزرق، حين جرى تحرير(مفو) التي مثلت قاعدة مهمة لقوات الحركة الشعبية على مسافة ثلاثين كيلو متر فقط غربي الكرمك، كما انها كانت مصدر تمويل مهم لهم، اذ تحيط بها حقول ذهب غنية، ولكن بعد يوم واحد تعلن الحكومة أنها أخلت (مفو)، بسبب كثافة المدرعات التي يقودها مرتزقة بيض، وفجأة تعلن الولاية الاستنفار والتعبئة العامة، من اجل الدفاع عن الارض والعرض، ثم يخرج وزير الاعلام ليصرح لسونا بأن مزاعم حصار الكرمك انما هي إفتراء، وان المدينة ليست مهددة، والاستقرار يعم الربوع، وحينما تواجهه سونا بالسؤال: لماذا اذن لا ترفع حالة الطوارئ التي تجاوزت السنة، ما دام الأمن مستتباً؟، يجيب آآآآ الأمر خاضع لتقديرات اخرى، وأن القرار النهائي بيد القيادة العليا للبلاد.

وفي الحقيقة فإنه لا قرار ابتدائي، ولا سلطة قط بيد حكومة الولاية بهذا الخصوص، ولا حتى بنسبة 1% لأن قانون الطوارئ استحقاق اتحادي، وتعيين الوالي جرى بقرار رئاسي، وعزله ومحاسبته كذلك، وهو بالتالي حارس لا مبادر.

وأما الحقوق المدنية التي زعم وزير الاعلام كمال خلف الله انها مكفولة للشعب هناك حالياً، وانه لا يوجد تعارض بين كفالتها وحالة الطوارئ المفروضة، فإنه كلام عجيب وغريب يقع بين (الاستهبال) والتعمية، ولا اصفه بالجهل، لأن خلف الله يعلم جيداً أن المجلس التشريعي الولائي لا يستطيع محاسبة الوالي المكلف، وهذا حق بسيط ومع ذلك مهدر بالطوارئ، وكمال خلف الله نفسه عينه الوالي المكلف بتقديره الشخصي، وأقاله على كيفه، ثم اعاد تعيينه بعد شفاعة الشافعين في الخرطوم دون علم حزبه، والمجلس التشريعي وكل شعب الولاية يتفرج، ولا يدري سبب الاقالة وسبب الرضا ، فهل نتحدث بعد هذا عن ضمان الحقوق الدستورية والمدنية للشعب؟
والمطالبة برفع حالة الطوارئ حق مدني مهدر، لأن قانون الطوارئ هو السائد، وكل من طالب بانهاء الطوارئ لمبرر وجيه هو أن الحالة الأمنية في النيل الأزرق ليست أسوأ من دارفور وجنوب كردفان، ابتلع كلامه وعاد بخفي حنين.

الآن حكومة الولاية حكومة اكراه، فرضت بالقوة، وستستمر بقدرما تستطيع جماعات الضغط في الخرطوم تمرير ارادتها وذرائعها الى داخل القصر. وأما اذا كان منتظرا من حكومة الولاية ان تعلن انتهاء دواعي الطوارئ فهذا هو المستحيل بعينه، لأنه لا ينتظر ان تنهي حياتها ومصالحها بنفسها.

ولكننا نقول لدوائر الضغط على اصحاب القرار في الخرطوم ان هذا وضع خطر جداً.

الولاية تخوض حربا شرسة الآن يشارك فيها اجانب (جنوبيون وساكسونيون) فكيف ستدافع عن نفسها وارادتها مسلوبة؟ كيف ستنجح حملات التعبئة والناس غير مؤيدين لحكومة عاجزة حتى عن المحافظة على استراد مفو لمدة يوم واحد. وكيف تنتمون إليها وشعور الناس هو أن ابناء الولاية – الأولى من غيرهم – مستبعدون ومحرومون عن الدفاع عن ارضهم وعرضهم؟

الولاية تحتاج الى اعادة اللواء يحيى محمد خير حاكما عسكريا، محبوبا من الشعب هناك كما هو معلوم، وتحتاج الى حكومة حرب من ابناء الولاية اصحاب الوجعة والحارة.

هذا هو الحق الذي يجلب النصر، وأما العوجة فلا ينتظر منها صرفاً ولا عدلا.

والمحرش ما بكاتل.

صحيفة المشهد الآن
محمد عبد القادر سبيل

[/JUSTIFY]
Exit mobile version