الطيب مصطفى : نــفــيـر نــداء الـــوطــن

[JUSTIFY]حتى الفئران المذعورة والحملان الوديعة تستبسل وتواجه عندما لا تجد مفراً من الذَّود عن نفسها فكيف بأهل السودان الذين يتفاخرون (نحن بنقنص النجم….).. كيف بأهل السودان وقد بلغ الغرور والتطاول بالخَوَنَة والمارقين درجة أن يحتلوا أم روابة التي كانت آمنة مطمئنَّة طوال عمرها المديد إلى أن هانت في زمن الهوان حتى استباحها المغول الجُدد فعاثوا فيها فساداً وقتلاً وتخريباً.

يا أهل السُّودان.. أُقسم لكم بالله إن أم روابة لم تكن ولن تكون المحطة الأخيرة فهؤلاء الأوغاد لم يُخفوا في يوم هدفهم الإستراتيجي بل ظلوا يُعلنون عنه آناء الليل وأطراف النهار.. الهدف يا أهل السودان أن تُستعبدوا داخل بلادكم وتُذلوا وتُهانوا وتُقتلع هُويتُكم ودينُكم وتُستعمَروا في أرضِكم بل وتُطردوا كما طُرد أمثالُكم ذات يوم عندما تقاعسوا عن الدفاع عن أنفسهم وخلدوا إلى الدَّعة في انتظار جلاّديهم.

ما حدث في أم روابة وأب كرشولا يعبِّر عما يُضمره القوم بل إننا ما كنا نحتاج إلى التذكير بما يعتزم هؤلاء الأوباش إنفاذَه في هذه البلاد بعد أن رأينا أحداث الإثنين الأسود في قلب الخرطوم بل قبل ذلك بخمسين عاماً من مذابح في توريت والمدن الأخرى في جنوب السودان قبل الاستقلال وتحديداً عام «1955م» فكل عمليات التطهير العرقي التي تكررت على مدى الستين عاماً الماضية حتى مذابح أب كرشولا تتحدَّث عن مشروع عنصري واحد لم يتبدَّل ولم يتغيَّر ولن يتغيَّر قبل أن نهب لإزهاق روح ذلك المشروع فلا خيار غير أن نقتلعه من جذوره أو يقتلعنا ويُحيلنا إلى عبيد داخل أرضنا أو يطردنا لنهيم على وجوهنا في الملاجئ والملاذات الدوليَّة تحت رحمة منظَّمات الذل الأممية.

أيها الناس: إن عبارة: (تحرير السُّودان) التي تُصرُّ حركة قرنق وعملاؤها المنضوون في الجبهة الثورية السودانيَّة التي احتلت أم روابة وروَّعت أب كرشولا تكشف عن حقيقة الصراع وليس أدلّ على ذلك من أن قطاع الشمال يحمل اسم الحركة الشعبية (لتحرير السودان). كما أن حركتي مناوي وعبد الواحد العنصريتين تحملان نفس الاسم (حركة تحرير السودان) وجميعها تعمل من أجل إقامة مشروع السودان الجديد المُعبَّر عنه في وثيقة إعادة هيكلة الدولة السودانيَّة.

من أجل ذلك احتشد الحادبون ممن فهموا طبيعة المعركة استجابة لنداء الوطن بقيادة المشير سوار الدهب لتحقيق الأهداف التالية:
أولاً: تبصير الشعب السُّوداني بحقيقة ما ينطوي عليه مشروع الجبهة الثوريَّة السودانيَّة التي أعلنت عن مخططها في وثيقة منشورة وذلك حتى تحتشد الأمَّة خلف مشروع سياسي وطني يتصدَّى لمخطَّط الجبهة العنصري الاستئصالي الذي يستهدف هُوية الأمة ويسعى إلى إعادة هيكلة السودان بما يجعله مُستعمَراً ومُستعبَداً لأقليَّات عرقيَّة علمانيَّة لا تُريد له غير الخراب والدمار والتخلُّف.
إن تعريف الشعب السوداني بحقيقة ما يُضمره الأعداء يمثل الركيزة الأساسيَّة للانطلاق نحو مواجهة مشروع استهداف السُّودان ومن أجل ذلك يتعيَّن علينا جميعاً أن نُدرك جيداً أبعاد المخطَّط بامتداداته المحليَّة والدوليَّة بما في ذلك دور دول الجوار بل والدور الإسرائيلي والأمريكي وعلاقة ذلك بالصراع العربي الإسرائيلي.

حديث نائب وزير الدفاع الإسرائيلي عن استهداف السُّودان حين قال إننا لن نسمح بإطفاء الحريق في السُّودان ثم زيارته الأولى لعاصمة الجنوب ورحلته الأخيرة إلى جوبا بعد زيارة الرئيس البشير لها خلال الشهر الماضي كل ذلك يكشف البُعد الدولي لما يجري في السُّودان وكل هذا مما ينبغي أن يعلمه أبناء السودان حتى يتحزَّموا ويتلزَّموا ويعلموا أبعاد المخطَّط.
نفير نداء الوطن عبارة عن صيحة نذير لكل أبناء السُّودان حتى يلتفُّوا حول وطنهم ويُعلوا القِيم العُليا بعيداً عن التحزُّبات الصغيرة خلف الجهة أو القبيلة أو الحزب فقد آن الأوان لاطِّراح كل هذه العصبيات الضيقة في سبيل العصبيَّة الكبرى التي تجمعنا جميعاً فقد تكأكأ القوم ليرمونا عن قوس واحدة وآن لنا أن نتكأكأ كما فعلوا لنصد المخطط الغادر.

نفير نداء الوطن عبارة عن هبَّة كبرى نريد لها أن تُحيل السودان جميعه إلى منطقة ضغط عال تسد خلالها الثغرات وتتراصّ الصفوف من أجل إغلاق الوطن في وجه البغاة الظالمين بل هو هبَّة ليس للدفاع إنما للهجوم على الأعداء بغرض تحرير الأرض المحتلة في كل ربوع السودان وحينها وعندها فقط يجوز لنا شرعاً أن ندعو إلى السلم وأن نفاوض.
ذلك لا يتأتَّى إلا بأن يستقيظ النائمون ويعود الشباب إلى عرينهم القديم.. عرين الدبَّابين حين كانوا سنداً للقوات المسلحة يؤازرونها ويذودون عن حياض دينهم ووطنهم وأعراضهم بالمهج والأرواح والدماء العزيزة.
ندعو إخواننا الإعلاميين ونحن لسنا أكثر حرصاً منهم ولا أكثر وطنيَّة أن ينحازوا لهذا النداء فبدون الإعلام لن يبلغ هذا النداء غاياته الكبرى ولن يعلم هذا الشعب حقيقة ما يُضمره الخَوَنَة والمارقون وسادتُهم المتآمرون.

الطيب مصطفى
صحيفة الإنتباهة [/JUSTIFY]

Exit mobile version