الهندي عز الدين: عقدة الخليج (المرضية) من (الإخوان المسلمين)، لا تُقاس بعقدته المتأصلة إلى يوم الدين من (الشيعة) و”إيران”

[JUSTIFY]} يحيرني جداً موقف دول (الخليج العربي)، وخاصة المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، المؤيد بقوة للانقلاب العسكري الدموي البشع في “مصر”، وتبرير جرائم (القتل بالجملة) ضد الإخوان المسلمين وآلاف آخرين من عامة الشعب المصري.. لأن من يظن أن كل هؤلاء الذين خرجوا في شوارع وميادين ومساجد المحافظات المصرية هم من (أعضاء) جماعة (الإخوان المسلمين)، يكون واهماً أو ساذجاً، لا يُحسن قراءة المشهد السياسي.
} قبل شهرين، كنت أدير حواراً مع سيدة عجوز تعمل في خدمة العمارة التي قطنت فيها أسبوعاً بحي المهندسين في القاهرة. السيدة مدمنة على تدخين (السجائر)، ولا يمكن أن تكون لها علاقة من قريب أو بعيد بجماعة (الإخوان المسلمين)، لكنها كانت تتحدث معي باستمرار مدافعة عن الرئيس “محمد مرسي”! قالت لي ذات مرة: (اللي مش عايزين “مرسي” دول (بلطجية) و(فلول) وعايزين البلد تخرب.. كل يوم نازلين على (التحرير).. خربوا بيوتنا.. الله يخرب بيوتهم)!!
} ذات العبارات كنت أسمعها من بعض سائقي (التاكسيات). بينما كان البعض الآخر، خاصة من فئة الشباب، يحمّل “مرسي” و(الإخوان) مسؤولية انقطاع الكهرباء، وأزمات الغاز والوقود.. تلك الأزمات المفتعلة التي صنعتها مؤسسات (الدولة العميقة) في “مصر” تمهيداً لانقلاب “السيسي” العسكري المسنود بالناصريين والعلمانيين وسفهاء اليسار الملاحدة وصعاليك الوسط (الفني) و(الإعلامي) في القاهرة، الذين يقتاتون من جيوب (الرأسمالية) الطفيلية التي أفسدت عهد “مبارك” وكانت سبباً رئيسياً في الإطاحة به.
} “السعودية” و”الإمارات” لا مصلحة لهما في إبادة (الإخوان المسلمين) وتدمير كيانات الإسلام (السني).. السياسية والسلفية على حد سواء. لأن البديل الطبيعي هو التمدد (الشيعي) في “مصر” و”السودان”، أسوة بالعراق و”سوريا” و”لبنان”!!
} وبقدر ما تنفق دول (الخليج العربي) مليارات الدولارات على أجهزة استخباراتها وأمنها وشرطتها، فضلاً عن تسليح جيوشها جواً وبحراً وبراً كأكبر مستورد للصناعات العسكرية الأمريكية والأوربية.. وبقدر ما تنفق على مراكز الدراسات والإستراتيجيات، إلاّ أن ما نتابعه خلال السنوات الأخيرة من سياسات خارجية وإستراتيجيات أمنية لدول (الخليج) يكشف عن أخطاء فادحة ارتكبتها تلك الدول، وما زالت تصر على المضي في أخطائها قدماً!!
} كان لدول الخليج نصيب الأسد في عمليات إسقاط نظام “صدام حسين” تمهيداً وتمويلاً، فسقط وأُهين وأعدم أقبح إعدام تحت أضواء كاميرات التلفزة العالمية يوم عيد (الأضحى) المبارك، تعمّداً واستفزازاً وإهانة للمسلمين في جميع أرجاء الأرض!!
} وبسقوط “صدام” خرج مارد (الشيعة) من قمقمه، وانطلق متمدداً في بلاد العراق، حاكماً ومتنفذاً ومحمياً بجيوش (طائفية) عرمرم تسلحها “إيران” ولا تبخل عليها بالصواريخ والمدافع والرصاص!
} بعد أن كان “العراق” بكل جبروته وقوته العسكرية والنفطية والمادية، وعلو شأنه في العلوم والبحوث والأدب، دولة (سنية) مجاورة للسعودية والأردن والكويت، تحول العراق إلى دولة يحكمها (الشيعة) و(الأكراد).. بينما (السنة) فيها مستضعفون!!
} مشاكل دول (الخليج) مع “صدام حسين” كانت تتركز على (شخصية) “صدام”.. كبريائه.. أو طموحاته التوسعية.. ولكن لم تكن لتلك الدول مشكلة أساسية متعلقة بالدولة العراقية نفسها.. عقيدتها.. توجهاتها.. خطورتها على المذاهب والسياسات الحاكمة في (الخليج). وحتى دخول قوات “صدام” للكويت، في العام 1990، كان (حماقة عسكرية)، أكثر منه سياسة إستراتيجية متأصلة في فكر “صدام” وحزبه (البعث).
} وبعد أن كان “صدام” (كشخص)، يمثل (إزعاجاً) لملوك وأمراء (الخليج)، فإن العراق الدولة – كل الدولة – صارت – الآن – تمثل (خطراً) داهماً ومستمراً على كل أنظمة الخليج العربي!! أو هكذا يفترض أن تقارير أجهزتهم الاستخبارية تقول.
} عقدة الخليج (المرضية) من (الإخوان المسلمين)، لا تُقاس بعقدته المتأصلة إلى يوم الدين من (الشيعة) و”إيران”.
} وكسر شوكة (التيار الإسلامي) في “مصر”، بما فيه من (إخوان) و(سلفيين)، يعني تمدد العلمانيين، واليساريين، ولكنه يفتح المجال واسعاً للمد (الشيعي) الذي يعمل بارتياح في الطقس (العلماني)، كما هو الحال في “لبنان”، بينما تتحدد حركته في وجود تيارات الإسلام (السياسي) و(السلفي) في أي مكان.
} ومن بعد العراق، فإن دعم انقلاب “السيسي” وضرب (الإخوان) في مصر يعني إنتاج حالة مشابهة لحالة “العراق” في الدولة العربية الأعظم!!
} هل يمكن أن تكون هذه إستراتيجية أجهزة ومؤسسات تعمل لمصلحة “السعودية” و”الإمارات” المخنوقة بإيران؟!
} إنها إستراتيجية (صهيونية) لا تخدم مشروع (التيار الديني) الحاكم في السعودية.

صحيفة المجهر السياسي

[/JUSTIFY]
Exit mobile version