يومان جادت بهما زين

[JUSTIFY]
يومان جادت بهما زين

في مثل هذا اليوم من الاسبوع الماضي واليوم الذي يليه استطاعت زين للاتصالات ان (تنسينا دنيا الناس) وجادت علينا بلحظات (لاشفنا فيها شقا ولاطاف علينا نعاس) لقد كانا يومين للثقافة ولاشئ غير الثقافة لقد كانا متربطين بالجائزة السنوية العالمية التي نذرتها زين لاديب السودان الكبير الطيب صالح طيب الله ثراه . لقد كان الحشد مثاليا داخل القاعة وكان الكلام (كبار كبار) ولكنه في غاية الجاذبية.
اما التوفيق الاكبر فقد كان في البث المباشر الذي قامت به قناة النيل الازرق لما يدور في القاعة حيث استطاع كل اهل السودان الذين فيهم شئ من جرثومة الثقافة في الداخل والخارج ان يتابعوا ذلك الكلام (الكبار كبار) من منازلهم فان كانت الناس تلتف حول الشاشات لمشاهدة حفل غنائي او محفل سياسي او لعبة كرة فان زين وعبر النيل الازرق فقد جمعتهم ليومين على مائدة مختلفة على فكر وثقافة وابداع ويا له من ابتكار وابتداع.
الدولة يمكنها ان تصنع البنيات الاساسية للعمل الثقافي ولكنها لن تستطيع ان تصنع الفعل الثقافي الا تحول لعمل سلطوي مرتبط بالسياسة. الافراد هم محور العمل الثقافي وغايته ولكنهم ليسوا مسئولين عن تمويل حراكه. اذن المجتمع ممثلا في تنظيماته ومؤسساته المدنية والخدمية ولا بل والربحية هي المسؤولة عن الحراك الثقافي ودفعه لان قوته التلقائية محدودة فاذا ما قامت شركة خدمية وربحية بهذا الواجب ينبغي علينا شكرها لانها ادت ماعليها من فرض العين لذلك على الشركات الاخرى ان لاتعتبر ان الامر فرض كفاية اذا قام به البعض سقط عن الاخرين فعلى هؤلاء الاخرين ان (يتلحلحوا شوية ويورونا شطارتهم ولايقعدوا فراجة) فابواب الخيرات مشرعة و(المطايب بالكوم).
لقطة تلك التظاهرة الثقافية في تقديري كانت هي تسليط الضوء على العالم الجليل والاديب النحرير البروفسير عز الدين الامين (92 سنة) وذلك باختياره ضيفا للشرف واتمنى ان تكمل زين جميلها وتطبع بعض اعمال ذلك العالم الناقد العربي العالمي وتقدمها في الموسم الثقافي القادم. البروف عز الدين سليل اسرة عرفت بالعلم والادب والفكر فكتابه (كترانج واثرها العلمي في السودان) يثبت ذلك وبأدلة علمية. هذا الكتاب القيم يؤشر الى ان الذين صنعوا هذا السودان هم الذين لم تذكرهم كتب التاريخ التي لاتحوي غير اسماء الملوك كما قال الشاعر الالماني بريخت (الله, انا بقيت مثقفاتي ولاشنو؟) ان كان ذلك كذلك فهذا من بركات زينك اليومين فتسويد اوراق الصحف يوميا قتلت فينا تلك البذرة الجميلة.
بالاضافة لبروفيسورعز الدين الامين وهو من طلائع الاساتذة في كلية الاداب جامعة الخرطوم وجدنا ابنا اخر لهذه الكلية العظيمة معتليا منصة التتويج في ذات المناسبة وهو الزميل الدكتور بشرى الفاضل الذي فاز بجائزة القصة القصيرة الاولى وهو فوز مستحق فبشرى عبقري من عباقرة هذا الشعب الزاهدين في الاضواء كما الطيب صالح تماما ولكن ابداعه يأبى الا ان يظهره للملأ فالابداع له قوة ذاتية لاتستطيع قوة مغايرة كبتها.
لابد من ان نسجل امتناننا لزين الممولة وللاساتذة المنظمين وللمبدعين المشتركين وللطيب صالح الذي ألف بين كل هذه الجهود.
[/JUSTIFY]

حاطب ليل- السوداني
[email]tahersati@hotmail.com[/email]

Exit mobile version