السجانة دنقلا وبالعودة !!

السجانة دنقلا وبالعودة !!
كتبْتُ مراتٍ ومرات في أماكن متفرقة عن الحضارة التي تدحر جزءً مقدراً من ماضينا التليد، إلا أنى قد وجدت شطراً آخر متألم ومنفطر الفؤاد من جرائها لا ملاذ له غير الدموع وهم قادة بصات ( دنقلا ـ أم درمان). بسم الله أبدأ واضغط على أزِرّة الكي بورد وأُسخّر إمكانِياتِه ثم أتوجه إلى ذاكرتي لتُخرِج ما أُوتيت من قوة التعبير وجوامِع الكلِم لأكتب واسطر أشمل وأجمل عبارات الشكر والتقدير مزدانة بتحية سرمدية لا تقل من تحية الجندي لضابط من القيادة العليا لتعبر عن عظيم الامتنان إلى كل سائق تحكّر في كابينة القيادة وتلثم بعمامته وقبض على أزمّة الدركسون ليبدأ رحلة العناء ومصارعة العوالي وقهر الرِمال والأودية وقد غَشِيَ وجوههم موجٌ كالظلل من برد الشتاء تارة ولفح الهجير تارة أحري، لقد كانت صولاتهم وجولاتهم وأصوات مركباتهم بِمزامِيرها العذبة تتمتع بلونية فريدة لها وقع خاص في قلوب أهل الشمال، فقد أدّو رسالتهم مستوفية في نقل أهل الطيبة من قراهم إلى الخرطوم والعكس، ثلاثة أيام بلياليها يعالِجون فيها شتى أشكال الأرض بما حملت من الجبال والرمل والوديان فلا معالم تهديهم إلى مداخل القرى وأبواب المُدن والأفق يتدلى أستاره غير بصيرتهم التي كانت هِي البوصله لمعالم الطريق، لقد رفع (النيسان) عرض حاله إلى مدن العجم (طوكيو) مهد صِباه يشكُو مُعاناته عِندما كانُوا يطوعون به رمال الباجا وقوز أبو ضلوع وعوالي الدبة وخور جبرة، وعندما قطع الطريق المعبد صمت الصحاري كأنه شخيط مزدوج على خدود حسناء العرب ضعُفت إمبراطورية قُدامى السواقين لأن حصونهم قد طوقتها آلية الحضارة وأمسكت بتلابيب إمبراطوريتهم وأردتها صريعة الأيام، فلا آثار ولا أطلال تقف شاهداً على عطائهم لتكُون لهم كالأطلال تحفظ أرشيف عطائهم، فهل من موثق يُجنّد أقلامَه ليكتُب ويُوثِق ويعطر صفحات أجندته بذكرى هذه الإمبراطورية التي طويت ملفاتها وطويت معها حلاوة السفر؟؟

طه كجوك – ثمرات من النخيل
[email]kjouk@hotmail.com[/email]

Exit mobile version