إن راهق ابنك عرّس ليهو

إن راهق ابنك عرّس ليهو
أسرت إلي احدى الصديقات بهم ثقيل يشغلها، وذلك ان ابناءها الصبيان قد اقتربوا من سن المراهقة الصعبة، في غيبة والدهم في احدى دول المهجر، وانها قد بدأت تلاحظ عليهم بوادر التمرد والميل للاستقلال بالرأي، وعدم سمعان كلامها كما كان يحدث في السابق، وكيف ان كبيرهم قد صار يفضل رفقة اصحابه، على مشاركتهم جلسات الونسة المسائية امام شاشة التلفزيون .. فكرت بان صديقتي من السابقون وانّا بها لاحقون ولو بعد حين، مما حفزني لـ (البحت) حول الموضوع ..
تعرّف المراهقة بأنها مرحلة النمو التي تلي مراحل الطفولة، وخلالها ينمو الجسم بمعدلات سريعة وتحدث تغييرات فسيولوجية يكون لها آثرها النفسية في حياة المراهق ، الغريبة أن الثقافة الغربية أفلحت في اقناعنا بأن المراهقة هي فترة من القلق والاضطراب .. تكتنفها الأزمات النفسية، وتسودها المعاناة والإحباط والصراع والقلق وأنها فترة حتمية يمر بها كل إنسان، ويرى هؤلاء أنه لا بد من التغاضي عن هفوات المراهقين، لأن المراهق ـ عندهم ـ كالمريض، لا يحاسب على عمائله السودة التي يغترفها بزعم (التمرهق) إلا بعد بلوغه سنّ الثامنة عشرة من العمر.
طيب يا جماعة الحكاية بتختلف في الاسلام، لان سن التكليف الشرعي هي سن البلوغ، وطالما ان الانسان يدخل المراهقة مع سن البلوغ فاذن لا وجود لحسابات تلك المرحلة في فقه التكاليف، فلا يعقل ان يكون المراهق مكلف شرعيا وفي نفس الوقت لا يحاسب قانونيا على افعاله كراشد .. هذا يقودنا لان الهالة الكبيرة المحيطة بمرحلة المراهقة مجرد زوبعة داخل فنجان و(وهمة) جارينا فيها الغرب وصدقناه .. قولوا لي ليه ؟!
الله سبحانه وتعالى هو الذي خلق الخلق وهو أعلم بمقدرة عباده للقيام بهذه التكاليف، من عبادات وجهاد في سبيله، ومما يؤكد ذلك، ما قام به المراهقين في صدر الدعوة الإسلامية من بطولات .. سيدنا (اسامة بن زيد) في عز مراهقته قاد جيشا كان قد جهزه الرسول صلى الله عليه وسلم قبل وفاته، وكان تحت امرته جمع من كبار الصحابة وقواد المسلمين ؟
تلك الحقائق تقودنا لقناعة بعض علماء الاجتماع وانا ذاتي معاهم على طريقة معاكم معاكم- أنه ليس هناك شكل واحد ومحدد من المراهقة، فلكل فرد طريقة تعايش مع هذه السن حسب ظروفه الجسمية والاجتماعية والنفسية والمادية، وحسب استعداداته الطبيعية، فمثلا عندنا في المجتمع الريفي مازال الناس يزوجون بناتهم في السن التي تزوجت فيها حبوباتنا أي سن الاربعتاشر وبالتالي فلا وجود لمعنى حركات سن المراهقة عند اؤلئك الزوجات وربما الامهات الصغيرات، إلا بكثرة الدلال على الازواج مع شيء من حرق الملحات ونسيان العجين مفتوح ليلا ليأكله العتود ..
مراهق مجتمع القرية يختلف عنه في مجتمع المدينة، ومراهقة ابناء المدينة خشم بيوت، فمراهقة اولاد زقلونا وانصفونا تختلف عن مراهقة ابناء المصارين البيض في الرياض والمنشية، كما تختلف من المجتمع المتزمت الذي يفرض كثيراً من القيود والأغلال على نشاط المراهق، عنها في المجتمع الحر الذي يتيح للمراهق فرص ممارسة النشاط وفرص إشباع الحاجات والدوافع المختلفة ..
كما امدني صديقي الصدوق قوقل بنتيجة بحوث اثبتت التجارب فيها أن النظام الاجتماعي الحديث التي يعيش فيها المراهق هي المسؤولة عن حدوث أزمة المراهقة، فقد دلت الأبحاث التي اجريت في المجتمعات البدائية، أن المجتمع هناك يرحب بظهور النضج الجنسي، وبمجرد ظهوره يقام حفل تقليدي ينتقل بعده الطفل من مرحلة الطفولة إلى مرحلة الرجولة مباشرة، ويترك المراهق فوراً السلوك الطفولي ويتسم سلوكه بالرجولة، كما يعهد إليه المجتمع بكل بساطة بمسؤوليات الرجال، ويسمح له بالجلوس وسط جماعاتهم، ويشاركهم فيما يقومون به من صيد ورعي، وفوق كل هذا يسمح له فوراً بالزواج وتكوين الأسرة، وبالتالي فالانتقال من الطفولة إلى الرجولة في المجتمعات البدائية انتقال مباشر .. لا مراهقة ولا يحزنون !
عندما وصلت بافكاري وبحوثي لهذه القناعة فكرت جادة في الاتصال بصديقتي التي تشكو (تمرهق) عيالها لأنصحها بـ (العيال ديل عرسي ليهم) !!

منى سلمان
[email]munasalman2@yahoo.com[/email]

Exit mobile version