والواقع أن السودان ظل وعلى مرّ العقدين ونصف الماضيين يتلقى مثل هذه الرسائل السابقة كلما خطا خطوة باتجاه إقليمي أو دولي. وليس سراً فى هذا الصدد أن التقرير الصادر عن الأمم المتحدة بهذا الصدد جرى إصداره على عجل حين تيقن بعض مسئولي المنظمة الدولية فى نيويورك أن الرئيس السوداني المشير البشير حاضر لا محالة ومشارك فى المؤتمر الإفريقي العربي فى الكويت.
كان ولا يزال جرح مشاركة السودان ممثلاً فى شخص رئيسه البشير فى أي محفل دولي منذ صدور مذكرة توقيف دولية بحقه قبل نحو من أربعة أعوام جرحاً نازفاً فى خاصرة العديد من الجهات الدولية التى تعتبر هذه المشاركة الدائمة تحدياً لقرارات ذات صبغة دولية، وليس ببعيد عن ذلك أيضاً أن السودان وحين حاول فى سبتمبر الماضي المشاركة فى فعاليات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك أخرس ألسنة العديد من الجهات وألجمها ولم يكن من مخرج حينها إلا أن تماطل الولايات المتحدة -مماطلة مفضوحة ومؤسفة- فى منح التأشيرة للرئيس البشير.
واشنطن اضطرت لوضع (سابقة دولية) غير مسبوقة أمتعنت فيها (ضمنياً) عن منح تأشيرة دخول لرئيس دولة هي ملزمة بموجب بروتوكول دولي معروف بمنحه إياها!
والغريب أن واشنطن لا تستطيع أن تلزم دولة مثل الكويت لها معها مصالح معروفة من أن تستقبل الرئيس البشير، فهي يمتلئ فمها بالماء حيال أصدقاءها فى المنطقة ولكنها لا تعدم طريقة مبتكرة لمعاقبة السودان من أن يقطف ثمار مشاركته.
إن قضية الأمن الغذائي التى (عبثت) بها الامم المتحدة فى هذا التقرير لا يمكن التقرير بشأنها بهذه البساطة. السودان بالنسبة للعديد من دول العالم كتاب مفتوح سواء بشأن أراضيه المسطحة الواسعة النطاق أو مياهه النهرية والجوفية التى لا تنقضي؛ أو حتى فى خصوبة أرضه البكر القادرة على الإنتاج لعقود إن لم يكن قرون.
من المؤكد أن واشنطن وبطريقة ودرجة ما لعبت فى هذا المنحى واستعجلت إصدار التقرير للحاق بمؤتمر الكويت. والأمر ليس له من تفسير آخر.
سودان سفاري
[/SIZE][/JUSTIFY]