محترفي الحروب الإقليمية !

[JUSTIFY]أظهرت الصراعات العديدة التى شهدتها المنطقة فى الخمس سنوات القليلة الماضية أن الحركات الدارفورية المسلحة أضحت عنصراً ضاراً فى المنطقة ليس فقط لأنشطتها المسلحة ولا عمليات النهب والسلب التى جرت على ممارستها بما يزيد من معاناة الناس لا سيما البسطاء منهم، ولكن لدخولها فى خضم الصراعات المسلحة التى تنشب بين حين وآخر فى دول الجوار.

ففي الوقت الذي أصبح فيه مجلس السلم الإفريقي يواجه امتحاناً صعباً حيال صراعات دول القارة التى تنتهي وتأكل فى طريقها الأخضر واليابس وكلف القارة والمجتمع الدولي مئات الملايين من الدولارات فى شكل مساعدات إنسانية لمواجهة حركات اللجوء والنزوح التى تزيد من أوضاع القارة بؤساً على بؤسها، فإن الحركات الدارفورية المسلحة أصبحت عبئاً أكبر بعرقلتها إطفاء الحريق فى أرجاء القارة.

ففي الصراع الجنوبي الجنوبي على سبيل المثال فإن حركة العدل والمساواة ومع أنها مجرد ضيف يلوذ بدولة الجنوب غض النظر عن مشروعية هذه الاستضافة من عدمها فإن ما إرتكبته حركة العدل وحدها من أعمال عنف مصحوبة بأعمال نهب وسرقات يثير المخاوف من أن تتحول هذه الحركة على المدى البعيد لحركة مرتزقة تعيش على فتات الأشلاء والدماء التى تسيل، خاصة وأن الحركة التى تتعطش للمال ظلت وما تزال ترفض التفاوض الانضمام الى العملية السلمية؛ إذ لن يختلف إثنان على أن رفض التفاوض وفى جانب كبير منه شعور الحركة أنها ابتدعت لنفسها أسلوب حياة مناسب لها، فهي تستفيد من النزاعات المسلحة وتمول نفسها منها وباستطاعتها تقديم المساعدة المسلحة لمن يرغب ما دام الثمن جاهزاً.

وقد رأينا كيف عاثت الحركة فساداً فى مدينة بانتيو بولاية الوحدة القريبة من الحدود السودانية الجنوبية حيث وجدت وقتاً كافياً للسطو على بنوك فى المدينة والاستيلاء على أموال فاق عددها الملياري جنيه جنوبي هي دون شك أموال المودعين الجنوبيين وليست أموال المتمردين ولا هي أموال الحكومة الجنوبية. كما أنها استولت على عربات بمختلف الأحجام وعملت على تجيير هذه المسروقات لصالحها عبر حملها إلى معسكرها الخاص فى فاريانق.

ربما لم يكن هذا السلوك الإجرامي مهماً طالما أن الحركة اشتهرت بذلك حين فعلت ذات الشيء قبل سنوات فى ليبيا قبل سقوط القذافي وأثناء الثورة الشعبية العارمة التى كانت قد اندلعت هناك. ولكن الملفت للإنتباه فيما فعلته الحركة فى مدينة بانيتو أنها أصبحت (عدواً إضافياً) للجيش الشعبي الحكومي فى المدينة بحيث تطلب الأمر كما هو معروف إيفاد عبد العزيز الحلو الى بانتيو فى مهمة صعبة لفض الاشتباك بين الحركة والجيش الشعبي الحكومي!

إذن لم يعد الأمر يقتصر على قيام هذه الحركات المسلحة بتأجيج العنف داخل حدود الدولة السودانية ولكنه أصبح أمراً مؤثراً على مجمل المشهد الأمني والسياسي فى المنطقة كلها، خاصة وأن المنطقة سواء في دولة الجنوب أو فى إفريقيا الوسطى المجاورة ما تزال مشتعلة وما تزال مرشحة على أسوا السيناريوهات.

من الضروري إذن وعلى نحو عاجل أن يولي مجلس السلم الإفريقي ومن بعده مجلس الأمن الدولي اهتماماً خاصاً بهذه الحركات المسلحة لأنها لم تعد مجرد حركات تعمل لأهداف سياسية خاصة، لقد تجاوزت ذلك وأصبحت متعهدة إقليمية بتأجيج الصراعات الداخلية فى بلدان المنطقة والعمل على إشعال النار حالما يتم إطفاؤها.

سودان سفاري
ع.ش

[/JUSTIFY]
Exit mobile version