شمائل النور : صمت رسمي غير مقبول

صمت رسمي غير مقبول وغير مبرر إزاء المجزرة التي وقعت بمدينة بانتيو بجنوب السودان وراح ضحيتها أكثر من 80 مواطن شمالي على يد قوات رياك مشار،وكأن شيئاً لم يقع،لم تعلق الحكومة على هذه الحادثة الفظيعة،ولا حتى سفارتنا بجنوب السودان التي ينبغي أن يكون هؤلاء المساكين تحت رعايتها لم تتكرم بالتوضيح بل لم تتكرم حتى بالإدانة التي لا تكلف شيء،أم الإدانة تهدد معادلة المصالح،هذه الحادثة تعيد للأذهان الكثير من المشاهد التي تدعم تأكيد الفجوة الشاسعة بين القيادة والقاعدة،إن كان على مستوى أحداث داخلية او خارجية،كان الإنسان بعيداً فيها عن حسابات القيادة،إبان الأزمة الليبية علق مئات السودانيين وتهددت حياتهم جراء التدهور الأمني الذي لازم انهيار نظام القذافي وجراء استهداف السودانيين هناك من قبل الثوار،تلكأت السفارة بقدر استطاعتها وكأن هؤلاء ليس من رعاياها،بل الخارجية نفسها في الخرطوم أطلقت تصريحات تحريضية لقتل السودانيين بليبيا حينما قالت أن مجموعات تقاتل بجانب قوات القذافي،وأعلنت ذلك أمام الملأ.

هؤلاء الذين قُتلوا بجنوب السودان داخل مسجد بعد احتمائهم به،لا يحملون سلاحاً ليقاتلوا به مع طرف ضد آخر حتى يتحملوا نتيجة ذلك،إنهم مواطنون عزل أجبرتهم ظروفهم أن يبقوا بجنوب السودان،وأجبرتهم ظروفهم كذلك أن يكونوا بالمناطق التي تقتحمها قوات مشار،هذا الإهمال الرسمي غير المبرر لأي سبب من الأسباب لا يقبل إلا تفسيراً واحداً وهو أن الإنسان لا قيمة له مهما يحدث إن تقاطعت المصالح أو لم تتقاطع فالأمر سيان،فما بين السودان وجنوب السودان أزمة مكتومة واتهامات متبادلة ولم تُبنى الثقة بعد رغم الابتسامات والعناق وحتى بعد توقيع عشرات الاتفاقيات ولا تزال الاتهامات تخرج ثم تُنفى،لكن هذا لا يُبرر بأي حال هذا الصمت تجاه الإنسان أولاً،هؤلاء الذين قُتلوا خارج السودان هم مسؤولية الدولة بالأساس كما أن لهم أسرهم التي تنتظر أن تعرف ولو معلومة واحدة بشأنهم،لكنها أخطأت حينما قررت الانتظار من الجهات الرسمية.

الأنباء تتوارد عن توغل الجيش المصري شمال السودان وأنباء عن دخوله ما يقرب الـ 11 قرية،والبرلمان يستفسر عن هذا الأمر لكنه لا يجد رداً،السؤال من تحكم هذه الحكومة،إن كان الإنسان خارج الحسابات والأرض أيضاً خارج الحسابات،وليس من مجال للجملة،الاحتفاظ بحق الرد،إن كان هناك اعتبار لإنسان البلد فالمطلوب هو توضيح للرأي العام أولاً حول كل ما يحدث بشأن بلاده وإنسان بلاده،حتى يدرك أن حكومته حريصة فعلاً حريصة على المصلحة،الصمت في هذه الحالات لن يؤدي إلا إلى نتائج عكسية بشكل كامل قد تكون الحكومة في غنى عنها،المواطن يريد أن يعرف.

صحيفة الجريدة
ع.ش

Exit mobile version