خالد حسن كسلا : عودة «المتوسطة» عودة الأمن الأخلاقي

[JUSTIFY]مدرسة أشكيت المتوسطة بنين بحلفا الجديدة.. هي التي درست فيها بعد أن انتقلت إليها من مدرسة مصنع سكر حلفا الابتدائية «أ»، حيث كان يعمل الوالد هناك. وكنت قد انتلقت إليها من مدرسة الهلالية الابتدائية الشرقية «2» حينما كان الوالد ضمن فريق المهندسين الميكانيكيين في مصنع سكر كنانة، والهلالية هي بلد الوالدة، وهي مدينة محبوبة لأهلها ولضيوفهم وتقع اقصى غرب البطانة، وشمال مصنع سكر الجنيد الذي انتقلت من مدرسته الابتدائية بعد أن نُقل منه الوالد إلى مصنع سكر كنانة. ومدرسة الجنيد الابتدائية انتقلت اليها من مدرسة ود نوباوي الابتدائية بام درمان القديمة، حيث كنت مقيماً في منطقة اجدادي لابي وهي «ود البنا».. والآن اصبحت هي مدرسة ود نوباوي النموذجية، وقد هُدّم جالوصها وسقوفاتها البلدية القديمة وشيدت فيها مبانٍ بالمواد الثابتة. وقد درست فيها الصفين الاول والثاني بعد ان انتقلت إليها من روضة «ست عشة» بود البنا. فوالدي يُنقل وأنا انتقل. واكتفي بهذا القدر من الذكريات، لأن ادمعي بدأت تتكون في المقل.. فقد تذكرت جدتي لأبي «نبوية عبد العليم» رحمها الله. لقد تكوّن الدمع وتهيأ للهطول. وقصة حياتي لا ينبغي أن تكون في مقال صحفي، فهي تستحق رواية.

لكن لندلف إلى لب موضوعنا، فقد عادت المرحلة المتوسطة، وطبعاً الغرض من تقسيم التعليم العام إلى ثلاث مراحل يبقى تربوياً بالدرجة الأولى. فقد كانت مقسمة إلى «4ـ4ـ4». ولولا الناحية التربوية كان يمكن ان تكون من الصف الأول إلي الصف الثاني عشر في مبنى واحد يوفر على الدولة الأرض. ويمكن أن تجرى امتحانات موحدة للالتحاق بالصف العاشر. لكن حماية سلوك الطلاب والطالبات تملي على الدولة والمجتمع ان يكون نظام التعليم العام بثلاث مراحل. وألا تكون المرحلة الواحدة «أولى مثلاً» بأكثر من أربع سنوات.. لتكون بداخلها الأعمار متقاربة.. ويكونوا أبناء جيل واحد في «حوش» واحد.

وكان سبب تغيير السلم التعليمي في عهد حكومة نميري محاكاة النظام المصري لأن محيي الدين صابر ناصري أي قومي عربي ومتأثر بالناصرية.. مع أنه من النوبيين في أقصى الشمال السوداني. لكنه حاكى مصر الناصرية وبعد رحيل عبد الناصر.. وبعد النكسة. ولا أدري لماذا لم يتجرأ أحد من كبار الموجهين آنذاك ويسأل عن سبب محاكاة النظام المصري؟! إن نظام الـ «4ـ4ـ4» هو نظام ويلز البريطانية، وهو نظام يراعي تربية وسلوك الناشئة، ويحميهم من الاعتداءات عليهم.. لكن «الناصرية التي قتلت سيد شهداء مصر« سيد قطب» لا تبالي بأخلاق الأجيال. فهي تحارب الإسلام وتنكسر وتنهزم أمام العدوان الصهيوني بخلاف شباب استئناف الجهاد.

لقد غير نظام نميري السلم التعليمي إلى «6ـ3ـ3» بعد أن نجح نظام الـ «4ـ4ـ4». ترى هل كان المقصود سد الطريق أمام الاستقطاب الذي كانت تقوم به الحركات الإسلامية والسلفية وسط الطلاب؟! ربما يتراءى للكثير أن هذا السؤال خارج السياق الموضوع. لكن لسنا هنا بصدد الخوض في التفاصيل التي توضح «الربط». عادت المرحلة المتوسطة.. وبهذا نكون قد اطمأننا إلى تعليم ابنائنا وبناتنا. وتكون الطمأنينة أكبر إذا عدنا إلى فكرة بخت الرضا. وفكرة بخت الرضا هي «4ـ4ـ4». لكن المحاكاة بلا موضوعية كانت مأساة فعلاً على التعليم.

عاد اسم «المتوسطة» فهل يعود اسم «الابتدائية» ام ان حكومة الانقاذ ستبقى مساهمة باسمها هو «الأساس»؟ هذا غير مهم. وقد غير نظام نميري الاسمين القديمين وهما «الأولية .. الوسطى». وهي التي كانت في النظام الذي ابتعثت البلاد من اجله إلى ويلز مجموعة من الاكاديميين الكبار وهم ثمانية وأبرزهم بروفيسور عبد الله الطيب وسر الختم الخليفة رئيس الوزراء الاسبق، وكان الصحافي المعروف بشير محمد سعيد قد لحق بهم. والآن يقال عودة «المتوسطة» واضافة عام. والصحيح اعادة العام المحذوف مع «المتوسطة».

ثم ألغت وزارة التعليم ايضاً ثلاث مواد غير مهمة لطلاب الأساس و «المتوسطة» العائدة. وقالت لتخفيف «الشنطة» لكن ايضاً لتخفيف اعباء الواجب الدراسي.. الحكومة لا تكذب لكنها تتجمل.

صحيفة الإنتباهة
خالد حسن كسلا
ع.ش

[/JUSTIFY]
Exit mobile version