عبد الباقي الظافر: بصراحة مولانا عصام وكيل وزارة العدل بأقواله وأفعاله وتصريحاته الأخيرة لم يترك للقيادة السياسية سوى خيار إقالته

يوم الخميس الماضي كان مولانا عصام عبد القادر في أديس أبابا في طريقه للمشاركة في محفل قانوني.. مقربون من الوكيل حملوا له الأخبار السيئة التي كانت منشيتًا لصحيفة الصيحة.. الوكيل دلف عائدًا الخرطوم ليواجه الأزمة.. بعد وقت وجيز من وصوله اصطحب مسؤولاً عدليًا رفيعًا ومضيا إلى منزل الأستاذ الطيب مصطفى رئيس مجلس إدارة الصيحة.. التسوية التي تمت رأت إتاحة الفرصة لمدير الأراضي السابق ليوضح موقفه.. زميلانا أحمد التاي ويوسف الجلال أدارا مواجهة صحفية لم يكن الوكيل موفقًا في الإجابة عن الأسئلة الصعبة.

بعد تردد وارتباك واضحين قرر مولانا عصام الزين عقد مؤتمر صحفي في مقر وزارة العدل.. تأخر المؤتمر عن موعده نحو ساعة.. دلف مولانا إلى القاعة وجلس وحيدًا.. مقدم الحفل قرأ آيات من القرآن تدعو للتثبت حتى لا يأتينا فاسق بنبأ.. مولانا اعترف أنه حاز على عدد من القطع عبر التخصيص المباشر من لجنة بيع القطع الاستثمارية او الشراء من السوق.. لفت نظري ان الوكيل الذي كان وقتها مديرًا للاراضي قال انه اشترى قطعة في منطقة الرياض الفاخرة من الصندوق القومي للضمان الاستثماري .. الناظر للعلاقة بين الصندوق ومصلحة الأراضي يصل الى يقين لحدوث تضارب مصالح في هذه الصفقة.

الأخطر من ذلك ان مدير الأراضي الأسبق اعترف انه وزملاءه القانونيين يفضلون الاستثمار في الأراضي باعتباره مجالاً مضمون العائد ويبعدهم من التجارة العامة في الأسواق.. هنا تكمن مأساة الموظف العام حين يبحث عن الاستثمارات الآمنة.. بالطبع مدير الأراضي يستطيع أن يتخذ قرارات رابحة بناءً على معلومات يمتلكها بحكم إمساكه بالملف.. خطورة قاعدة وكيل وزارة العدل ستصبح سابقة تسمح للوزراء والوكلاء ان يتاجر كلٌّ ببضاعته.. بهذا المنطق البائس يفتتح مدير السجون سجنًا خاصًا للميسورين من السجناء ويطبع وزير التربية كتبًا مدرسية لتباع في ميدان الأمم المتحدة.

الأخطر من ذلك ان وكيل وزارة العدل بصفته الحارس الأساسي للعدالة كتب خطابًا لرئيس تحرير هذه الصحيفة يمنعه من نشر مادة صحفية تحوي معلومات إضافية في القضية الساخنة.. عنون الوزير الأمر برسمه وخاتمه ومنصبه الرسمي.. لم يكتفِ الوكيل بهذا الانتهاك الصارخ لأبسط معايير العدالة .. بل حرك بلاغًا ضد رئيس تحرير صحيفة الصيحة الدكتور ياسر محجوب… في البلاغات العادية يتم استدعاء الصحفي للمثول أمام نيابة الصحافة ويُفرج عنه فورًا بضمان بطاقته الصحفية.. في البلاغ الأخير جاء رجال أشداء غلاظ من الشرطة لتنفيذ أمر القبض على رئيس التحرير.

في تقديري أن مولانا عصام عبد القادر كان مضطربًا ومترددًا في تعامله مع الأزمة الراهنة.. حيث أكد في يقين تام أنه باقٍ في منصبه ولا يرى حاجة لإجراء التحقيقات.. قطع زيارته الخارجية مفضلاً الدفاع عن نفسه بدلاً من أداء مهامه العامة.. اختار في البداية مسار الجودية وسعى لرئيس مجلس إدارة الصيحة في داره .. ثم أقحم منصب وزير العدل في تفاصيل معركة حينما منع الصحيفة من النشر.. لجأ مولانا للقانون في آخر المطاف وكان فظًا غليظ القلب في تعامله مع رئيس تحرير الصيحة.. هنا تخسر العدالة وإن انتصر وكيل الوزارة لنفسه.

بصراحة مولانا عصام وكيل وزارة العدل بأقواله وأفعاله وتصريحاته الأخيرة لم يترك للقيادة السياسية سوى خيار إقالته.. أي وقت يمضي ومولانا عصام في منصبه يجعل وزارة العدل في موقف محرج جداً.

عبد الباقي الظافر– الصيحة

Exit mobile version