عبد الجليل سليمان

ناس الرهد زراعين “غُزلان”


[JUSTIFY]
ناس الرهد زراعين “غُزلان”

يُقال إن (طبيعة) كلمة لاتيني (natura) تعني تأويلاً الصفات الجوهرية والنظام الفطري، لكن معناها الحرفي هو (الميلاد)، ومن المعاني الراهنة لكلمة (طبيعة) ما يشير إلى الملكية العامة (المقدرات) من النباتات والحيوانات والمعادن والمياه، لكن من أهم المعاني الحديثة التي انضمت لهذا المصطلح معنى البيئة بكل جوانبها وتبدياتها وتمظهراتها بما في ذلك الحياة البرية بمعنى الحيوانات البرية والصخور والغابات والشواطئ.
هذا التعريف الموجز ضروري ومهم، للولوج إلى ما أنا بصدده، وهو أن خبراً مهولاً جاء به الزميل (صالحين العوض) من القضارف إلى إصدارة أمس من الزميلة الرأي العام، كشف فيه عن أن جلسة (طارئة) عقدها مجلس تشريعي ولاية القضارف مع لجنة الأمن، لمناقشة الإجراءات التعسفية التي تتبعها شرطة حماية الحياة البرية مع مواطني القرى العشر بمحلية الرهد، إذ أن الحماية البرية دأبت منذ فترة على فرض رسوم تتراوح بين (ألف إلى ثلاثة آلاف جنيه) على المنتجات البستانية، وأنها ظلت تلجأ في حالة عدم الاستجابة إلى أخذ المنتجات بقوة السلاح أو التحفظ على أصحابها بما يخالف كل القوانين والتشريعات.
وبناء على تعريف الطبيعة والحياة البرية سالف الإشارة، وإلى الخبر أعلاه، فإن صح وأظن ذلك أن شرطة حماية الحياة البرية بولاية القضارف تعطي ذاتها بعيداً عن التشريعات والقوانين المرعية كل هذا النفوذ الذي يجلعها تصدر تشريعات خارج الأطر القانونية والدستورية لجباية رسوم من مواطنين، يدفعونها صاغرين، أو مجبرين تحت تهديد المصادرة والحبس وبقوة السلاح الناري، وكأنها (قوات متمردة)، فإن هذا لعمري لا يقتضي المحاسبة فحسب، بل المحاكمة أيضاً، فلا أحد فوق القوانين.
الغريب في الأمر، أن من تفرض عليهم الحماية البرية رسوماً ليسوا (صيادين) ولا أصحاب (جنائن حيوانات)، بل أصحاب بساتين، وبالتالي فإنهم ينتجون الفاكهة والخضروات، فما دخل شرطة الحياة البرية في الطاطم والفجل والليمون والجوافة، وهل هؤلاء (يزرعون) غزلاناً وأرانب ونموراً وبنات آوى، فما هذا الذي يحدث في الرهد يا حكومة الولاية؟
هذا جانب، ومن جانب آخر، حتى لو كانت الجهة التي تفرض هذه الرسوم هي وزارة الزراعة الغابات التي تتبع لها البساتين، فليس لها الحق أن تفرض رسوماً دون إيصالات صادرة من وزراة المالية، وحتى بموجب هذه الايصالات لا يحق لها مصادرة أو حبس أي شخص مخالف إلا عبر حكم قضائي صادر عن محكمة تابعة لوزراة العدل، ودور الشرطة لا يعدو كونه تنفيذياً وليس تشريعياً أو قضائياً.
لذلك فإن شرطة حماية الحياة البرية بحسب الخبر وبحسب مجلس تشريعي ولاية القضارف منحت نفسها سلطات فوق العادة، إذ تغولت على وزارتي الزراعة والمالية، ثم تغولت على السلطتين التشريعية والقضائية، ثم خرقت الدستور والقوانين، ثم ألبت المواطنين على الدولة، وبالتالي على حكومة الضوء الماحي أن لا تدفن رأسها في الرمال، بإيقاف هذا الأمر وحسب، بل أن تحقق فيه، وتقدمه إلى القضاء وتحاسب مرتكبيه، ثم تستعيد الأموال التي فرضتها (البرية) على المزارعين طوال فترة نفاذ (قانونها).
الحصة الأولى: علق أحد الظرفاء على الخبر قائلاً: هو ناس الرهد ديل زارعين جوافة واللاّ زارعين غزلان وأصلات عشان يفرضوا عليهم ناس حرس الصيد رسوم بقوة السلاح.
[/JUSTIFY]

الحصة الأولى – صحيفة اليوم التالي