تحقيقات وتقارير

عدم الضرب في المدارس … هل يجعل الطلاب يتطاولون على المعلمين؟!


[JUSTIFY]مهنة التدريس هى مهنة الرسل، فالمعلم يؤدى رسالته السامية وينشئ الاجيال جيلاً بعد جيل، مربياً اياهم على القيم والفضائل والاخلاق ورفيع العلم، والعملية التربوية فى المدارس لا تستقيم الا بوجود اسلوب الثواب والعقاب بالنسبة للطالب، فيستخدم اسلوب الضرب «العقاب البدنى للطالب او التوبيخ بقصد تقويم سلوك الطالب وتوجيهه، ففى السابق كانت للمعلم مكانة عظيمة فى المجتمع وقداسة نسبة لدوره التربوى المميز، ويترك له الطالب من قبل الاسرة دون تدخل منها، وهو بلا شك الشريك الآخر للاسرة فى العملية التربوية، فبعض اولياء الامور يقولون للمعلم «لنا العظم ولك اللحم»، وهذا يدل على ترك الحرية المطلقة من قبل اولياء الامور لعقاب الطالب، ومع ذلك يجد الاحترام من قبل الطالب، ولكن تغير الزمن كثيراً ولم تعد مكانة المعلم كما كانت سابقاً، وكذلك العلاقة بين المعلم والطالب، لمتغيرات كثيرة، فلم يعد الآن من حق المعلم ان يستخدم الضرب مع الطلاب فى العملية التربوية بعد قرار صدر من وزارة التربية والتعليم بعد تزايد حالات الشكاوى من قبل اولياء الامور من المعلمين الذين باتوا يستخدمون الضرب المبرح الذى سبب الكثير من المشكلات الصحية والنفسية للطلاب وأسرهم، فقد افتقد الاحترام قليلاً بين المعلم والطلاب فى الشهور المنصرمة، وكثرت اعتداءات الطلاب على الاساتذة، ولكن مازال المعلم يعطى دون مقابل وبتفانٍ. وفي الاسبوع الماضى حملت الصحف عنوان خبر على لسان التربويين بأن عدم استخدام الضرب جعل الطلاب يتطاولون على الاساتذة. وعن استخدام الضرب فى المدارس بين الرفض والقبول كان استطلاع «الملف الاجتماعى» الذى خرج بحصيلة متفرقة من الافادات، ختمها برأى الخبير التربوى.

غياب العقاب أضاع اللغة العربية
أسامة عبده «موظف بشندي» بدأ حديثه وقال ان الضرب فى المدارس مطلوب ويتفاوت بين تلميذ وآخر حسب شخصية التلميذ، فهناك تلاميذ لا يجدى معهم الضرب، وآخرون مجرد «تكشيرة وجه من المعلم» تعطى مفعولها معه، فقبل ايام ذهبت للمدرسة الاساسية بحارتنا، فوجدت الطلاب يتحدثون مع الاساتذة وكانهم فى مقاهٍ، وهناك انعدام للضبط من قبل الاساتذة لهم، فأحسست بان قلبى ينقبض من الهرج والمرج وعدم الاحترام، كذلك سمعت بعض التلاميذ يتحدثون بتباهٍ بأنهم ناقشوا الاستاذ ورفضوا الانصياع لتوجيهاته، ويعتبرون ذلك نوعاً من الرجولة، فوجهت سؤالى للاساتذة عن سبب الفوضى وعدم الحزم وهم نفس الاساتذة الذين دروسنا، فقد كانت لهم هيبة ومازالت استشعرها كلما قابلتهم، فكان ردهم ان الطلاب لا احترام لهم، وان الجلد ممنوع من الوزارة، واذا جلدت تلميذاً يأتيك ولى امره بالعصا، ثم تأوهوا وأخرجواً نفساً عميقاً، وقال أحدهم «يا حليل زمانكم ويا حليل زمن الاحترام » ثم اردف قائلاً: «يا حليل زمن التدريس عندما كانت له هيبته فى المجتمع».

محمد حاج أحمد «إعلامي» قال: ان منع الضرب فى المدارس انعكس على المجتمع، فالتربية اولاً ثم التعليم، وبعض النوابغ فى أية جلسة يكون فيها اجترار ذكريات يتذكرون فيها المعلم الذى عاقبهم، لذلك نحن مع العقاب بما يتماشى مع تطور الحياة، فغياب العقاب اضاع اللغة العربية، فقديماً تعاقب على الخطأ الاملائى، لذلك كان الحرص على الاجتهاد والاطلاع لمعرفة الكلمات خوفاً من العقاب واستزادة فى العلم، وكان التوبيخ اقسى من الضرب وعبره لكل من تسول له نفسه التقاعس عن واجبه، لذلك قل أن تجد من ذلك الجيل من له اخطاء املائية وثقافة محدودة، بل حفظ لأبيات من الشعر قد تكون ذماً وقدحاً فى التوبيخ. وختم محمد حديثه قائلاً: فلتكن قاعدتنا قم للمعلم ووفه البجيلا كاد المعلم أن يكون رسولا.. هذا من باب، اما الجانب الآخر فهو ابوية المعلم واصراره على نجاح ابنائه، فالأب لا يحب شخصاً أفضل من ابنه.

العقاب مهم
مريم بكري «مهندسة» قالت إن الضرب احياناً يؤثر على نفسية بعض الطلاب ويجعلهم يخافون من استاذ معين، وبالتالى يكرهون المادة التى يدرسها بسبب الضرب، والبعض يجدى معه الضرب، فعلى المعلمين تفهم نفسية الطلاب، وان يكون المعلم صاحب شخصية قوية وجادة، ولكن اذا استخدم الضرب مع الطلاب يجب ألا يكون ضرباً مبرحاً يسبب له الاذى.
عصام الدين محمد شيخ ادريس «موظف أمن وسلامة منشآت» ابتدر حديثه وقال: ان الضرب سلاح ذو حدين فهو شر لا بد منه لكن فى حدود المعقول، بمعنى ان تسن وزارة التربية قانوناً يحكم العلاقة بين المعلم والطالب حتى تحفظ للمعلم هيبته امام طلابه، ولكن يجب ان تكون العقوبة تربوية بمعنى ألا تتعدى العقوبة خمس ضربات وتكون فى اليدين، لان بعض المعلمين يعاقب على هواه ويضرب ضرباً مبرحاً يؤدى فى بعض الاحيان الى اعاقات ربما تصل الى الشلل الجزئى او الكلى، وقد شهدنا فى فترات سابقة امثلة كثيرة قد وصل بعضها الى قاعة المحاكم.

الطيب أحمد الطاهر «مذيع» قال: مما لا شك فيه ان هناك فروقات فردية بين الأطفال من حيث سرعة الاستجابة للمؤثرات الخارجية والتوجيهات التربوية، ومما سبق نجد ان مسألة الضرب معادلة موضوعية لمسألة الثواب للطلاب، فالتنشئة لديها ركنان اساسيان الثواب والعقاب او التحفيز والتعنيف والمكافأة والحرمان، انا مع العقاب وفق ضوابط محددة وفى ظروف مناسبة وبطريقة معينة، فالنبى الاعظم اشار فى الحديث الشريف قائلاً: أمروهم بها فى سبع واضربوهم عليها لعشر، فالعقاب مهم، لكن يجب توضيح سببه للطفل.
لم يعد الضرب تربوياً

الدكتور عوض ادروب «خبير تربوى» قال فى بداية حديثه لـ «الإنتباهة»: خلال فترة دراستنا كان الضرب معمولاً به، والمعلم ملم بعلم النفس وسلوك الطالب، والمعلم فى السابق لم يكن كمعلم الآن، فبعض المعلمين ليسوا خريجين كليات تربية، ولم يتلق بعضهم تدريباً كافياً فى علم النفس، وهناك احد المعلمين قام بضرب طالب «40» جلدة، فهناك قسوة فى التعامل ولم يعد الضرب تربوياً، ولا بد ان يكون العقاب كالملح فى الطعام لا يقل ولا يكثر، فالمعلم ليحظى باحترام الطلاب عليه ان يكون متمكناً فى المادة التى يقوم بتدريسها حتى لا يتعالى عليه الطالب، ويجب ان يكون هناك تدرجاً فى العقوبة، فالطالب اولاً يجب ان يعاقب بنظرة او كلمة او بالتجاهل، فكلها اساليب للتعامل مع الطالب المشاغب، ويجب ان يكون العقاب ثلاث جلدات، والغرض منه تأديبه امام الزملاء وليس ايلامه، وتكون العقوبة فى السلوك وليس فى عدم اجابته عن اسئلة، فالتعلم القائم على الاثر الطيب يبقى والقائم على العقاب يزول بسرعة، والثناء يظل باقياً فى اذهان التلاميذ، وللغزو الثقافى اثر على طلابنا، ومع ذلك الطالب السودانى مهذب، وذلك عن خبرة تراكمية فى التدريس. ويواصل الدكتور ادروب حديثه ويقول: للاسرة دور فى تشكيل سلوك الطالب وتعديله، فالعقوبة التربوية مطلوبة ولكن ليس باستخدام الضرب العشوائى والاساءة، وان يُستخدم مبدأ الثواب والعقاب فى الواجبات، ويجب مراعاة عقول التلاميذ ومستويات فهمهم ونفسية الطالب.

أفراح تاج الختم
صحيفة الإنتباهة
ت.أ[/JUSTIFY]


تعليق واحد

  1. الضرب واﻻهانة ما ليهم اى عﻻقة بالتربية وليهم تاثير كبير على اداء الطفل و نفسيته حتى لو كان الضرب من الوالدين و
    ياريت تتوقف التربية على التوجيه والتحفيز وتختفى ظاهرة ضرب اﻻطفال للابد فلو كان اهﻻ للعقاب لما رفع عنه القلم