تحقيقات وتقارير

مسجد ومسيد الشيخ قريب الله.. وقف الإمداد لحين السداد..!!:انقطاع الكهرباء للأسبوع الثاني


رغم قرار رئاسة الجمهورية القاضى بمنح دور العبادة احتياجها من الكهرباء حسب دراسات مسبقة تقوم بها إدارات الإرشاد والأوقاف بالمحليات، على أن تتحمل الدولة التكلفة، الا ان تنفيذ القرار يواجه صعوبات بعد أن فشلت الجهات المخول لها عملية التوزيع فى ضبط التقديرات اللازمة لكل مسجد.
وفقا لوثائق وزارة الإرشاد والأوقاف هنالك مساجد لديها فائض من كهرباء يكفى خمسة أشهر مع استلامها حصتها شهريا فى الوقت الذى تعانى بعض المساجد الكبيرة وخلاويها من انعدام الكهرباء، وقصة مسجد ومسيد الشيخ قريب الله الشهير بود نوباوى تعكس هذه المشكلة بدخول معاناته مع انعدام التيار الكهربائي يومها الثانى عشر، رغم ان المسجد المذكور يحوى مسيدا، ولا يخفى الدور الدينى والاجتماعى الذى يؤديه هذا المرفق فى إيواء طلاب العلم المقيمين والوافدين.
علمت «الصحافة» بعد أن وضعت القضية امام المسؤولين، ان تخفيضاً حصل للحصة المقررة للمساجد من الهيئة القومية للكهرباء وصل الى 40% بسبب بررته الهيئة لهم ان استهلاك دور العبادة قد تضاعف مما ضاعف مديونيتها الى ملايين الجنيهات، وعلمت أيضا ان أقصى حد من الدعم لا يتخطى 1.5 ألف كيلو فى الشهر فى الوقت الذى يبلغ الاستهلاك الشهرى لإحدى الدور الكبيرة 15 ألف كيلو فى الشهر فى ظل الفارق الكبير تتكفل لجنته بتوفيره وتتم محاسبتها بعد ذلك محاسبة الشركات والمؤسسات لا كما يحاسب المواطن العادى.
قبل أن نتطرق لحديث المسؤولين بوزارة الإرشاد والأوقاف ووزارة الشؤون الاجتماعية- مجلس الدعوة لا بد ان نعكس معاناة مسجد ومسيد الشيخ قريب الله، فقد زارت «الصحافة» الموقع وتبينت انقطاع التيار بوقوفها على «الرتاين» المعدة للإضاءة ليلا، ولن تنسى حلقات الدرس التى اتخذ طلابها ظلال بناية المسيد مجلساً للاستذكار فى ذلك النهار الصيفى الحارق، ربما كان هنالك متسع بالداخل لكن انعدام الكهرباء حال دون وجودهم هناك.
مسؤول الخدمات بمسجد ومسيد الشيخ قريب الله دكتور جعفر محمد فرح قال: رغم الجهود التى تبذلها حكومة الولاية فى بعض المناحى، الا ان هنالك إخفاقا فى توفير احتياجات المساجد الكبيرة من الكهرباء، فهذه تظل فى حاجة متصلة للتيار الكهربائي لانتظام حلقات تلاوة القرآن الكريم والذكر طوال اليوم، بجانب استيعابها للضيوف وطلاب العلم، وهى بلا شك قبلة دينية وثقافية بولاية الخرطوم. ويواصل: غير ان ما هو مخصص لهذه المساجد والمسايد لا يفى بالمتطلبات والاحتياجات اليومية، مما ينجم عنه انقطاع التيار الكهربائي. ويذهب الى طرح مشكلتهم قائلا: ظل مسجد ومسيد الشيخ قريب الله منقطعة عنه الكهرباء ليومها الثانى عشر نسبة لنفاد الكمية المخصصة وهى 1.5 ألف كيلو، لكن حسب الدراسة التى أجرتها المحلية للمسجد فإن استهلاكه الشهرى ما بين 10 الى 15 ألف كيلو فى الشهر، خصصت منها فى وقت سابق 5 آلاف، لكنها الآن لا تتجاوز 1.5 ألف كيلو. وهنا يعلق جعفر قائلا : من الخطأ ان تساوى زوايا ومساجد الأحياء التى تعمل لأوقات معينة مع الكبيرة التى تعمل «24» ساعة، ومن هنا فهو يوجه رسالة الى المسؤولين بضرورة الإسراع فى حل هذه المشكلة، مع إشارته الى انه وجد تجاوباً من المسؤولين على مستوى المحلية والولاية، وينتظر ان تجد المشكلة طريقها للحل السريع.
«الصحافة» وضعت قضية كهرباء المساجد الكبيرة ممثلة فى مسجد ومسيد الشيخ قريب الله امام الإدارة العامة للإرشاد والتوجيه بوزارة الإرشاد والأوقاف ممثلة فى مديرها العام عمر عبد القادر، الذى اعترف بوجود المشكلة متحدثا عنها وعن المساعى المبذولة لحلها، بجانب حديث مدير إدارة المساجد بالوزارة عبد المنعم عمر الذى قال: فى السابق كانت كل كهرباء دور العبادة مجانا تتحملها الدولة، فقد كان الرئيس الأسبق جعفر النميرى قد أصدر قراراً بذلك، لكن بعد مجيء نظام الإنقاذ والعمل بنظام الدفع المقدم فى الكهرباء، صدر قرار عن رئاسة الجهورية يقضى بتحمل المحليات لتكاليف كهرباء دور العبادة، وبناءً على هذا القرار قامت المحليات عبر إدارات الإرشاد والأوقاف فيها بعمل دراسات لكل الدور بالولاية، وتم بناءً على ذلك وضع تقديرات باحتياجات كل دار، وكانت المحليات تصرف الحصص بناءً على ذلك، وتدفع مستحقاتها المالية للهيئة القومية للكهرباء.. ويواصل قائلاً: لكن فى الفترة الأخيرة قبل حوالى أربعة شهور حدث تخفيض فى الكميات التى تتحصل عليها هذه الدور لعدم مقدرة المحليات على توفير الاموال اللازمة لانها تدفعها من دخلها. ويعلق هنا قائلا: انه برغم ذلك هنالك مساجد وزاوايا لديها فائض فى الكهرباء يكفيها للخمسة شهور القادمة «انتهى». وقد منحنا بعض الملفات التى تصفحناها وتبين لنا صحة إدعائه، لكنه يعترف بوجود مشكلة فى المساجد الكبيرة، ويرى ان هذه المشكلة تتطلب نوعا من الترشيد فى الاستهلاك مساهمةً فى حلها.
المدير العام لإدارة الإرشاد والتوجيه بوزارة الإرشاد والاوقاف عمر عبد القادر، اعترف بدوره بوجود المشكلة، موضحا بعض الجوانب المتعلقة بها قائلا: هنالك عجز بمبالغ كبيرة مستحق للهيئة القومية للكهرباء من كهرباء دور العبادة، وقد اجتمع المجلس الأعلى للدعوة بولاية الخرطوم مع والى الولاية السابق دكتور عبد الحليم اسماعيل المتعافى، وقبل أن يحسم الامر تمت تنحيته عن المنصب، وهنالك وعد من الوالى الجديد بحل المشكلة. ويذهب الى ان وزيرة الشؤون الاجتماعية بالولاية سامية هبانى كانت قد طلبت تقريرا يخص الاحتياجات الكلية لهذه الدور. وحسب التقرير الذى أعد لها تم تقسيم الدور الى مستويات مختلفة أعلاها 5 آلاف كيلو وأدناها 200 كيلو. ويذهب الى ان المسؤولين المعنيين بالامر فى الولاية يجمعون على أن تحرك الوزير الاتحادى ضرورى حتى تتولى وزارة المالية الاتحادية دفع هذه المبالغ المستحقة، لأن المحليات والولاية لا تستطيع ان تفى بهذه المستحقات لوحدها.
وحتى نتعرف على المزيد من التفاصيل حول هذا الامر التقينا بمدير وحدة المساجد بمجلس الدعوة التابع لوزارة الشؤون الاجتماعية بولاية الخرطوم محمد على التكينة الذى قال: إن دور العبادة تعطى الكهرباء بناءً على قرار رئيس الجمهورية، وكان عدد المساجد فى الولاية حينها محدوداً، ولكن حدث تطور فى إعمار وبناء المساجد بصورة كبرى، فأصبحت الولاية على مستوى الريف والحضر بها أكثر من ثلاثة آلاف مسجد، بالإضافة الى خلاوى القرآن والمجمعات الإسلامية. ويواصل قائلاً: كونت لجنة عام 2004م من إدارة الدعوة والمحليات وهيئة الاوقاف ومهندسين من الإدارة العامة للكهرباء، وتم حصر المساجد والأدوات الكهربائية بها، وعلى ضوء ذلك تم تحديد استهلاك كل مسجد، ولكن المساجد مختلفة، فلدينا مساجد كبرى وهى تعطى 1.5 ألف كيلو فى حدود صلاحية اللجنة، اما إذا زاد على ذلك فليس هو من صلاحيتنا وانما يتم ذلك عبر الوزير المختص، وهى وزيرة الشؤون الاجتماعية بولاية الخرطوم. ويذهب قائلا: الملاحظ أن عدد المساجد بولاية الخرطوم فى تنامٍ مستمر، فالمساجد الجديدة لم تكن محصورة، وكنا نستهدى برأى المحليات، ولدينا استمارة خاصة تملأ بواسطة المحلية عن طريق مندوبها لزيارة موقع المسجد ومشاهدة الادوات الكهربائية وحصرها ثم رفعها الينا، ونحن بدورنا نرفق معها خطاب التصديق لإدارة المبيعات بالإدارة العامة تحت مسمى كهرباء المساجد، وكان العمل منسابا بصورة طبيعية بالتعاون بيننا والهيئة فى أحسن صورة، وكانت تأتينا طلبات من المساجد بزيادة حصة الكهرباء ونعتذر لذلك لحين قيام حصر جديد. ويضيف: من الملاحظ أن هذه الحصة لا تكفى لبعض المساجد، وعلى الرغم من ذلك أخطرنا قسم المبيعات بالهيئة العامة للكهرباء بأن الاستهلاك قد تضاعف، وأن المديونية قد بلغت مبلغا كبيرا ويفترض ان تدفعها وزارة المالية بالولاية، وبعد ذلك تم عقد اجتماع بين الامين العام لمجلس الدعوة ومدير الدعوة مع إدارة الكهرباء لمعالجة هذا الامر، وحتى الآن الخطوات مستمرة فى اتجاه الحل. ومما يؤسف له أن إدارة المبيعات قد خفضت نسبة الكهرباء الى 40% فقط، وهذا نقص مريع مما جعل أغلب المساجد تحتج على ذلك، وعليه نأمل ان تتم معالجة لهذا الموضوع بإعطاء الحصة كاملة غير منقوصة للمساجد، ولأنها دور عبادة فهي أحق بذلك، على أن تسوى الامور المالية داخل اجهزة الدولة بعيدا عن المواطن.
مدير إدارة الدعوة منتصر ميرغنى فى حديثه لـ «الصحافة» قال إن ملف كهرباء المساجد الآن لدى وزارة الشؤون الاجتماعية، بعد توفير المعلومات الخاصة به واعداد الدراسات اللازمة، مشيرا الى مساعٍ لحله فى غضون اسبوعين بعلم والى الولاية عبد الرحمن الخضر.
مما تجدر الإشارة إليه وحسب مصادر مطلعة، فإن مديونية كهرباء المساجد تجاوزت الـ 35 مليون جنيه سودانى، وان هنالك تجاوزات فى تقديرات لجان المحليات بشأن الاحتياجات الفعلية، بجانب معاملة المساجد فى احتياجاتها معاملة المؤسسات والشركات عند الطلب، نتيجة عدم كفاية الحصة الممنوحة التى وصلت الى 40% من الاستهلاك الفعلى خلال الشهر.
نبوية سر الختم- هويدا المكي :الصحافة