سعد الدين إبراهيم

تنفيس وكده ..


[JUSTIFY]
تنفيس وكده ..

قال الأستاذ حسين خوجلي في برنامجه ذائع الصيت (مع حسين) إن ثمة من اتصل به ووجه له اتهاماً بأنه صنيعة الحكومة وأنها تسمح له بهامش المعارضة الكبير حتى يقوم بعملية تنفيس للمواطنين.. وذلك يقلل حالة الغليان التي تعتري الناس.. ودافع حسين عن نفسه.. وقال: حتى لو بعمل تنفيس مش كتر خيري عشان الناس ما يطرشقوا.. واضاف إنه في العمل العام لا يتلقى أوامر من أحد حتى لو كان أبوه «عليه رحمة الله».. هذا الحديث الذي سمعناه كثيراً يحمل مؤشرات تستحق الوقفة في الحالتين حالة كون(حسين) ينفذ مخططاً بالتواطؤ مع الحكومة للقيام بالتنفيس عن الناس.. وهذا فيه ملمح ايجابي إن الحكومة « قلبها حنّ» على الناس وأرادت(عملاً لى الله) أن تنفس عنهم.. بالمناسبة نفس هذا التفسير تعرضت له مجموعة مسرحية (النظام يريد) وقالوا: ايضاً بأن السلطات سمحت له بأن (يسربعوا) في زيادة جرعة نقد الحكومة حتى ينفسوا عن الناس والشعب السوداني طيب جداً لا يرضى حتى بالتنفيس وإذا كان الأمر تنفيساً فيجب أن يدخل في زمر المنفسين كل الكتاب المعارضين.. ولكن بعضهم لا يُقبل تنفيسه مثل صلاح عووضة.. يبدو لأنه نوبي قُح.. يقولوا ليهو نَفِّسْ يقوم يَفجِّر أو ينفِّس للنهاية.. هذا يعني أن التنفيس خشوم بيوت .. ربما يقبل تنفيس الأخ حسين لأنه تنفيس إذاعي أي أن برنامجه لا تتخلله أي صور.. فلو كان مثلاً حسين يتحدث عن أزمة «العيش» يصور الصفوف وآراء المواطنين كذلك في أزمة الجازولين يصبح التنفيس صورة وصوت هنا تتعدى الحكاية التنفيس لأن الصورة لا تكذب ولا تتجمل حسب شعارات حسين الأثيرية.

الحالة الثانية كون حسين لا يَنَفِّس وهو يتحدث على (كيفه) ولم يطلب منه أحد أن يقوم بالمهمة.. وإنه يقدم «أشواقه» الشخصية .. إن كان ذلك كذلك فهذا يعني أن الناس لا تثق في المعارضين لأنهم لا يصدقون إن الحكومة يمكن أن تسمح بهذا القدر الكبير من الحرية .. ويبدو إن نظام مبارك إنْهَارَ بسبب التنفيس هذا.. فقد سمحوا للفنانين بالتنفيس في المسرحيات والأفلام مثل عايز حقي وطباخ الرئيس.. والزعيم.. وسمحوا للصحف المعارضة بأن تُنَفِّس عن الناس.. واستمر التَنْفِّيس حتى أطاح بمبارك تماماً وكانت صحيفة التيار من الصحف (الُمنَفِّسة) لكن تنفيسها كان تنفيساً ماخِد راحتو.. لذلك لم تستطع أن تتنفس وإذا قرنا حالة التنفيس حروفياً بالنفسيات فيكون التنفيس تحسين نفسيات .. وذلك ضرورياً في علم النفس.. فهنالك طريقة معالجة نفسية بأن تجعلك تصرخ وتصرخ حتى ترتاح.. أو يجعلونك تبكي وتبكي حتى تتطهر..!!

والتنفيس ليس سياسياً فحسب.. بل اجتماعياً وهنالك مؤامرة ضد التنفيس النسائي.. ويكون ذلك بعمل « الزار» أو «الظار» وفيه تقلد المرأة الرجال وتمارس الحرية الذكورية… وترقص بهستيرية فَتُنَفِّس عن كَبْتَها وقهر الرجال لها.. لذلك منعوا (الظار) فحرموا النساء من طاقة تنفيسية..أما الرجال فينفسون عبر تشجيع كرة القدم.. حين يدخلون الاستاد يصرخون ويهتفون ويحرقون العمم ويأتون بحركات مبتذلة ويخاصمهم الاحتشام وبذلك ينفسون عن انفسهم ويرتاحون فتشجيع كرة القدم هو (ظار) الرجال.. عموماً فلو كانت الحكاية دايرين يَنَفِّسُونا تعالوا ما( نِتْنَفَّسْ ليهم أصلو)..

الصباح..رباح : صحيفة آخر لحظة [/JUSTIFY]


تعليق واحد